رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 28 مارس 2007
العدد 1767

رأي الطليعة
إلا الدستور.. مرة أخرى

يعتبر دخول القوى السياسية المشاركة في الحكومة الجديدة عاملاً إيجابياً من جهة تعامل سمو رئيس الوزراء مع هذه القوى السياسية بصفتها في أثناء مشاوراته لتشكيل الحكومة الجديدة، وهي خطوة غير مسبوقة·

إلا أن الحكومة الجديدة بتشكيلتها التآلفية ستواجه مقاومة من القوى الخاسرة (قوى الفساد على وجه التحديد) وستأخذ هذه المقاومة أشكالاً عدة، منها محاولات تعطيل إنجازاتها باستخدام عناصرهم التي زرعت في أغلب مؤسسات الدولة خلال فترة هيمنة تلك القوى، إلا أن أخطر أشكال المقاومة المحتملة سيكون في توتير الأجواء وتصعيد الأزمات المفتعلة من أجل دفع الأمور الى حافة الهاوية المتمثلة في حل المجلس بشكل غير دستوري ثم العبث في الدستور وتغييره لما يخدم تصور تلك القوى التي أفنت تاريخها السياسي في العداء المباشر للدستور وكل ما يتصل به من مؤسسات·

إن هذا الاحتمال رغم ابتعاده قليلاً بعد إعلان التشكيل الوزاري، إلا أنه يبقى قائماً ما يحمل القوى المشاركة في الحكومة عن طريق وزرائها من جهة ونوابها من جهة أخرى المسؤولية التاريخية في الدفاع عن هذه الوثيقة الوطنية الأكثر أهمية في نظامنا السياسي·

كما يتحمل المسؤولون السياسيون كل في مجاله هذه المهمة الخطيرة، لأن من يحاول العبث بالدستور ربما يجهل ما تمثله هذه الوثيقة الوطنية في ضمير كل كويتي·

لقد حافظ الدستور منذ وجوده على الكيان السياسي الكويتي في أحلك الظروف وحمى الكويت والشرعية الدستورية في أثناء احتلال الطاغية صدام للكويت ومحوها من الخارطة على مدى سبعة أشهر·

كما اعتبرت عودة الشرعية الدستورية بعد تحرير الكويت بمثابة تأكيد أخير ونهائي على ضرورة عدم التفكير في العبث بالدستور، إلا أن التسريبات ما انفكت تتوالى حول نوايا تغيير مواد الدستور بمخالفة للأسلوب والطريقة التي حددها لتعديله كما جاءت في المادة 174 منه·

هذه المحاولات هي امتداد طبيعي للصراع على الدستور وليس من خلاله، كما حدث في تزوير 1967 وحلي 1976 و1986 غير الدستوريين وتشكيل لجنة لتنقيح الدستور في 1980 و تغيير الدوائر الانتخابية الى 25 في 1981 وتقديم طلب بعديل الدستور في مجلس 1982، ثم الانقلاب التام عليه عندما أعلن عن انتخابات المجلس الوطني سيء الصيت والسمعة في العام 1990، ثم دعوة هذا المجلس المسخ بعيد التحرير في خرق واضح لقرارات مؤتمر جدة والكلمات التي ألقيت فيه·

لذا فإن الأطراف الراغبة في التخلص من الدستور بشكل نهائي أو تغييره ليصبح ديكوراً للبروبغاندا الدعائية فقط وليتحول مجلس الأمة الى مجلس استشاري لا حول له ولا قوة، لن تترك فرصة للانقضاض عليه إلا واستثمرتها الى أبعد مدى، وما الأحاديث عن الرغبة للنكوص بنظامنا السياسي الى عصر المشيخة عبر طرح مقولة الحكم سيف ومنسف، إلا أحد هذه الأشكال وربما أحلام اليقظة التي تراود هذه الأطراف·

إلا أن من يسعى الى العبث بالدستور ينسى أن جميع القوى السياسية وجميع القوى الشعبية المؤمنة بالدستور تسعى الى تغيير بعض مواده الى "···المزيد من ضمانات الحرية والمساواة" (الجزء الأخير من المادة 175)· وليس الى تقليص تلك الحرية، بل إن تغير الدستور بغير هذا الشكل فإن الطرف الذي قام بالتغيير يتحمل بالضرورة عدم قبول الطرف الثاني للنسخة المغيرة بما فيها المواد التي تمثل أساساً للقبول التاريخي بالمعادلة الكويتية الفريدة التي تمثلت بشكل جلي في المادتين الرابعة والسادسة منه· فمن يعبث أو يقبل العبث في حقوق المواطنين الدستورية عليه أن يتوقع ردة فعل هؤلاء المواطنين· ومن يقرأ المادة 174 على أنها إجازة للتعديل الدستوري بعد مضي خمس سنوات عليه أن يقرأ كلمة (لايجوز) أولاً ثم يكمل قراء المادة التالية لها، لأن الدستور كل متكامل لا يمكن أن يقرأ على طريقة ولا تقربوا الصلاة·

إن المحافظة على الدستور في وجه هذه الأحلام والمحاولات مسؤولية الجميع وأولهم أبناء الأسرة الحاكمة الذين ميزهم هذا الدستور عن كل الأسر الحاكمة في المنطقة حيث منحهم أعلى درجات الاستقرار وضمان الاستمرار مسنودين بشرعية أثبتتها الأزمات، فهل من مدكر؟!!

�����