تنشر جريدة “القبس” وثائق الخارجية البريطانية عن عام 1972، ولقد جاء فيها عبر الوثيقة التي حملت الرمز 5/3 ورقم 9 في ملف الخارجية NBK ورفعها جون بيل من السفارة البريطانية في الكويت إلى الدائرة النفطية في الخارجية في لندن، والتي أشارت إلى أسماء نواب مجلس الأمة الكويتي في ذلك الوقت الذين يؤيدون عمال النفط، وتعتقد الشركات أنهم المجموعة التي تحرض ضد الأجانب، وضمت اللائحة النواب محمد العصيمي وناصر الساير وأحمد الخطيب وسامي المنيس وعبدالله النيباري وأحمد النفيسي ويوسف الرومي وبدر المضف وعلي ثنيان الغانم وسالم المرزوق وبدر العجيل وجاسم إسماعيل وسعد طامي وسلطان سلمان العجمي ومسعود الهملان وخالد العجران وعبدالله الهاشمي·

هذه الأسماء تؤكد للمتابع أن الأوضاع الداخلية في ذلك الوقت كانت أوضاعا صحية وأن المصلحة العامة كانت هي السائدة وأن الشارع الكويتي يؤمن إيماناً مطلقا بتملكنا لثرواتنا والتصرف فيها، وإلا ماسر هذه الأسماء؟ وكيف اجتمعت حول هدف وطني وهي أسماء حسب التقسيم الحالي من مناطق داخلية وخارجية ومن فئات تمثل جميع شرائح المجتمع من تجار وعمال وفئات شعبية؟ فما الذي جمعهم غير مصلحة الوطن وازدهاره وتقدمه؟ إن بين هذه الأسماء بعض النواب الذين مازالوا يمثلون الأمة تحت قبة البرلمان ومنهم من توفاه الله، والبعض اعتزل العمل السياسي، إن التاريخ والوثائق المنشورة تؤكد أن التيار الوطني الكويتي قدم إسهامات مضيئة في دنيا العمل السياسي الكويتي يوم كان هؤلاء الرجال يؤمنون بالقيم والمبادئ السامية لحب الوطن والتضحية من أجله والدفاع عن مصالحه وقبل أن يظهر علينا ما يسمى بـ “نواب الخدمات” الذين أساؤوا للعمل البرلماني السياسي وخلطوا الأوراق لتتداخل بين مصالحهم المادية الشخصية وبين المزايدة واللعب على حبال الدفاع عن مصالح الأمة وليعيش المواطن في حيرة من أمره كيف يقيّم ما يحدث وهو لا يعرف من المعارضة الحقيقية في المجلس، ومن هم مؤيدو طرح الحكومة، فكل المؤشرات تدل على اختلال في عمل مجلس 99 من تغيير في مواقف بعض النواب تغييرا غير مقنع لقواعدهم ومؤيديهم، وبين بروز البعض وتقمص أدوار ليست متطابقة مع واقعهم وما يتمتعون به من تسهيلات ومنافع، فهل أصبحنا نعيش عصر الفوضى والمزايدة والكلام دون أن يواكبه فعل وتأثير وقرار ملموس وتغيير للأفضل·

إن التاريخ لن ينسى هؤلاء الرجال ويتذكر مواقعهم الوطنية الصلبة وهم اليوم ليسوا بحاجة إلى تزكية من أحد، فمواقفهم تشهد لهم يوم كانوا يقفون الموقف تلو الآخر وغيرهم في سبات عميق يغرف من الصنبور مالاً ويستظل بظل الوطنيين وللأسف جاء اليوم الذي نرى ونسمع ونقرأ الإساءات والبذاءات التي يطلقها المنتفعون وأعداء الديمقراطية والحرية وطالبو الشهرة والصعود للنائب الوطني عبدالله النيباري، وهم يعملون وغير متناسين الدور الوطني النضالي الذي لعبه، لكنهم وبتعمد يريدون رمي سهامهم الآثمة على آخر معاقل العمل الوطني لعلها تدركه ليستطيعوا بعدها تفصيل ديمقراطية على مقاسهم، ديمقراطية لهم وحدهم حيث لا رقيب ولاحسيب، بل ساحة خالية يمرحون ويسرحون ويتحكمون بمصالح الوطن والأمة، مبدؤهم أن الوطن كالبقرة الحلوب ما إن يجف ضرعها حتى يتركوها ويبحثوا عن أخرى تدر حليباً·

nayef@taleea.com