عند دخولي لمكتبة الجمعية الأسبوع الماضي وجدتها تفيض بعدد كبير من المطبوعات والمجلات ذات الطباعة الفاخرة خاصة المجلات التي تحمل عناوين خاصة بأجهزة النقال والتكنولوجيا والاتصالات فقمت بشراء أعداد مختلفة من هذه المجلات التي منذ الوهلة الأولى لرؤيتها توحي بمواد ثرية وانطلاق إعلامي للمواهب الإعلامية والأقلام ذات الكتابات الرنانة·
إلا أنني صعقت فور اطلاعي على الصفحات الأولى لإحداها حيث إنها عبارة عن أخبار تافهة لا تمت للواقع بصلة ولا تهم القارئ في شيء لا من بعيد ولا من قريب، أما باقي موضوعات المجلة فهي مفتقدة لأصول الصحافة ليس في الكتابة الصحافية المهنية فحسب بل في الإخراج والعناوين حتى نوع الخط الذي لا تكاد تقع عيني على حروفه إلا وأشعر بدوار البحر، ناهيك عن وضع الصور بطريقة أشاهدها للمرة الأولى في حياتي فأولا هي صور مفبركة من الإنترنت ومكررة في أعداد المجلة من قبل والأدهى والأمر أن يتم تكبير صورة شخصية مقاس 4 في 6 لتأخذ نصف الصفحة في حين يتم تصغير صور الخلفية المعبرة عن المنظر العام الى ما يشبه مقاس صور البطاقة المدنية، وأكاد أجزم أنه ليس لهذه المطبوعة مخرج أو طاقم عمل فعلي·
فعلا المطبوعة سيئة للغاية ولا يوجد في محتوياتها أي شيء يهم القراء في شيء فمعظم موضوعاتها مسروقة من الإنترنت بصورة يستطيع أن يراها الأعمى وليس سليم البصر· أما باقي الصفحات فهي عبارة عن مقالات معظمها يكون أشبه بكتب يتم تعديلها الى حد ما لتصلح كمادة للنشر وللأسف الشديد أن هذا الشيء الذي لا يستحق أن يسمى مجلة ولو حتى مجازا تصدر من الكويت وبترخيص كويتي، حيث إن صياغة الموضوعات الحوارية داخل المجلة تكاد تقضي على القارئ من شدة ما بها من تعقيد ولف ودوران، والطاعون المتفشي في معظم حواراتها كلمة "إن" والجمل الاستطرادية وسط الحديث كاشفة بذلك عن أن كاتبها غير متخصص وليس له أي علاقة بمهنة الصحافة، وعلى هذا فإنني قمت بسؤال أحد البائعين للمطبوعات والجرائد عما إذا كانت مثل هذه المطبوعات تلقى طلبا وإقبالا من القراء أجابني بالنفي وأن أغلب هذه المطبوعات تعود أدراجها وهي تجر أذيال الهزيمة ورائها مع الأخذ في الاعتبار ارتفاع أسعارها لما تحتوي عليه من ورق وألوان فاخرة والمصيبة الكبرى حقا أن تتحدث هذه المجلات عن السرقة عبر الإنترنت في الوقت الذي تقوم فيه بتعبئة صفحاتها بفضل الإنترنت كأن لسان حالها يقول حاميها حراميها·
الواقع أن الإعلام ليس شيئا بسيطا كما يعتقد البعض وإنما صناعة ضخمة تكون الصحافة فيه صرحا ضخما وبناء شامخا لا أن تصبح الصحافة مهنة كل من هب ودب فتجد محاميا يدعى أنه صحافي كبير وذو خبرة وأحد راسبي الثانوية يلاحقه الغرور بحجة أنه أصبح صحافي بثلاث أو أربع دورات أخذهم في أحد المعاهد·
وهذه هي النكبة الكبرى أن تجد القائمين على الإعلام من غير المختصين أو الذين لهم أدنى علاقة به وهو ما يعد خطرا يذهب العقول الى المجهول رغم أن الإعلام الآن أصبح له كليات وجامعات وخريجين متخصصين ورغم ذلك تجد حفاة وعراة يمسكون بقلم الصحافة والادعاء الباطل شكلا ومضمونا بالامتهان والاحتراف·
لذا يجب على وزارة الإعلام تفعيل القوانين لإيقاف هذه المهازل الصحافية الحادثة من هذا القطاع ومراقبة النقل والنسخ من الإنترنت والسرقة الالكترونية التي أصبحت لسان حال معظم المجلات المطروحة في الأسواق، كذلك يجب على الوزارة أن تعتمد مديري التحرير ورؤساء الأقسام شرط أن يكون خريج أحد كليات الإعلام المعترف بها دوليا حتى لا نجد مدير تحرير حاصل على ليسانس حقوق أو بكالوريوس تجارة أو راسب ثانوية عامة· فكل هؤلاء ليس لهم أدنى علاقة بالصحافة والصحافيين وإن اقتضى الأمر مصادرة هذه المطبوعات السمجة المفتقدة للذوق الصحافي فلا يعقل أن يتكون عنوان موضوع من أكثر من 30 كلمة في العنوان الرئيسي وهو أبسط ما يتم تعليمه لطلبة الإعلام بضرورة أن تكون قوة العنوان كلما قل عدد كلماته· وهو ما تفتقده مجلات النقال والتكنولوجيا الصادرة في الكويت· التي لا تستحق أن تسمى بمجلة أو مطبوعة بالمرة· |