رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 17 مايو 2006
العدد 1728

إيران والمناورة الخطرة
الدكتور محمد سلمان العبودي
dralaboodi@gmail.com

هل يمكن أن نتفق على مسألة دوخت العالم منذ فترة قصيرة؟ وهل يمكن أن نحسم الأمر ونعطي كل ذي حق حقه؟ وهل يمكن أن نكون موضوعيين مع أنفسنا ومع غيرنا لكي نصدر أحكامنا؟

إن عدد ما كتب في الأيام الأخيرة عن محاولة الجمهورية الإسلامية الإيرانية الحصول على الطاقة الذرية يوازي ما كتب عن تاريخها وثقافتها من دراسات وأبحاث·

وبدأ العالم بأجمعه صغيرا وكبيرا يهب واقفا ضد تلك الجمهورية التي تبدو قزمة جغرافيا وبشريا وعسكريا واقتصاديا مقارنة بالولايات المتحدة وروسيا والصين والهند· ومعظم الدول الصغيرة والكبيرة التي هبت ضد تلك الخطوة النووية ربما لا تعرف سبب موقفها ذاك إلا لكون الولايات المتحدة الأمريكية أعلنت موقفها من تلك المسألة· وهكذا وجدنا أنفسنا تحت الضغط الإعلامي وقد انجررنا لا إراديا مع تلك الهجمة·

يجب أن نعترف أولا بأنه لا يوجد كائن حي (عاقل) يؤيد وجود ذرة نووية واحدة على ترابه· لأن تلك الذرة تشبه تماما إلقاء عقب سيجارة مشتعلة قرب برميل من الزيت: فإن أي تسرب غير ملحوظ من ذلك البرميل سيؤدي إلى انفجاره في أقل من ثانية· وإن انفجار مفاعل تشرنوبيل النووي الذي (احتفل) قبل أيام بذكرى مرور عشرين عاما على وقوعه، وما خلفه من دمار ما زالت آثاره مستمرة حتى هذه اللحظة، يؤكد على مدى خطورة وجود مثل مصادر الطاقة هذه على أراضي أي دولة وعلى الدول المجاورة لها·

وإيران مصرة كل الإصرار على الحصول على تلك الطاقة وكما تقول وتكرر ووفق تقارير مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية وعلى رأسهم محمد البرادعي مدير الوكالة نفسه بأن إيران لا تنوي استخدامها إلا لأغراض سلمية فحسب وأنها لا تشكل بعد خطرا ويجب التعامل مع ملفها النووي بشيء من الموضوعية والتروي والتفاوض· وأنه لا يوجد حتى الآن ما يثبت بأنها قادرة على تحويله إلى سلاح نووي على الأقل في القريب العاجل· بل إن بعض المسؤولين الإيرانيين يقولون بأن آية الله الخميني قد أصدر فتوى تحرم وجود واستخدام أي أسلحة نووية على أرض الجمهورية الإسلامية بعد ما قام النظام العراقي السابق بقصف مدينة حلبجة الكردية بالغازات السامة في أوائل الثمانينات·

ومهما قال وصرح وأعلن المسؤولون الإيرانيون ومهما دافعوا عن نواياهم إلا أن الفأس وقعت، والرأس العالمي أصبح معبأ ضد تلك الجمهورية الإسلامية الصغيرة وخطوتها الجريئة التي من خلالها تحدت وسخرت من جميع التهديدات التي قادتها وتقودها ضدها الولايات المتحدة الأمريكية· وفي الواقع فإن الولايات المتحدة الأمريكية قد فوتت على نفسها الفرصة لضرب المفاعلات النووية الإيرانية في بدايات بنائها، مثلما فعلت (إسرائيل) عام 1981 مع مفاعل العراق النووي الذي كان تحت الإنشاء· والآن أصبح الأمر أكثر تعقيدا وخطورة·

على أي حال، فإننا لا نختلف (ولا يختلف معنا حتى الإيرانيون المعنيون بالأمر) على أن وجود مثل تلك المفاعلات النووية حتى لو كانت موجهة لأغراض سلمية ستكون لها آثار تدميرية شاملة لا مفر منها وفي جميع الظروف بدءا من المخلفات النووية مرورا بإمكانية حدوث خطأ بشري وانتهاء باستخدامها في لحظة ما كسلاح ضد هجوم مشابه·

لكن من جانب آخر، ما يثير الشبهة في الأمر، هي تلك الهجمة المستمرة ضد امتلاك الجمهورية الإسلامية لتلك الطاقة، بينما أكبر المفاعلات النووية توجد على أراضي الولايات المتحدة الأمريكية والعديد من دول أوروبا التي تملأ صفحات تاريخها الحروب والاحتلال والاستعمار بل استخدام القنابل الذرية على البشر كما حصل في هيروشيما وناغازاكي· وكذلك الأمر بالنسبة للهند والصين القريبة من إيران· والجميع يعلم أن الولايات المتحدة تعتبر أكبر شريك للهند في التعاون النووي· والأخطر من كل هؤلاء هو امتلاك (إسرائيل) لأسلحة الدمار الشامل ومن بينها الأسلحة النووية القادرة على الوصول إلى عمق أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية نفسها، دون أن يجرؤ أحد بأن يفتح فاه أو حتى يسمح له بمناقشة الأمر ولا حتى من قبل اليهود أنفسهم، كما صنع مع فونونو الخبير النووي اليهودي الذي فضح أسرار الترسانة العبرية وحكم عليه بالسجن 18 سنة! وإذا كان امتلاك إيران لسلاح نووي في المستقبل قد يشكل خطرا على الموازين في المنطقة، فإنه من باب أولى حظرها على (إسرائيل) التي ما فتئت منذ إقامتها على أراضي الفلسطينيين تستخدم شتى وسائل الدمار والقتل والتعذيب والاغتيالات وضرب بالقرارات الدولية عرض الحائط وعدم احترامها للشرعية الدولية· وباستثناء احتلال جزر دولة الإمارات العربية المتحدة الذي يشكل شوكة غائرة في جسد المنطقة ولا بد من اقتلاعها، إلا أننا لم نسمع بأن إيران - خاصة بعد رحيل الشاه- في يوم ما قامت بمهاجمة أي دولة جارة لها أو غير جارة· والكل يعلم كيف اندلعت الحرب العراقية الإيرانية في الثمانينات ومن الذي أطلق شرارتها ومن كان يغذيها من خلف الستار·· و من الذي دفع ثمنها بملايين القتلى من الجانبين··

إن الزمن القادم هو زمن القوة· والقوة القادمة في منطقة الشرق الأوسط هي بلا شك القوة التي تقودها الجماعات والأحزاب والحركات والقوائم الإسلامية بشتى درجاتها المتشددة أو المعتدلة وبشتى مذاهبها وطوائفها· وبدأت القومية العربية للأسف الشديد بالتراجع شيئا فشيئا منذ توقيع اتفاقية كامب ديفيد ولأسباب أخرى عديدة منها عدم قدرة القومية العربية على حل مشكلة المواطن العربي والصمود أمام غطرسة العدو الإسرائيلي والتنازلات التي تكبر ككرة الثلج وضيق الحريات وفقدان المصداقية في علاقات الدول العربية فيما بينها خاصة بعد غزو الكويت وغيرها من الأمور التي يصعب الحديث عنها هنا· وظاهرة التفوق الإسلامي ليس مقتصرا فقط على الدول العربية؛ فالجماعات والأحزاب الإسلامية تعمل في جميع الاتجاهات الجغرافية حتى لتكاد تخرج عن إطار حدود الدول الإسلامية· وإيران تعتبر في العصر الحديث ومن الناحية السياسية أول جمهورية إسلامية ديمقراطية يقودها رجال دين منتخبون وليس عسكر أو مدنيون ولديهم برلمان منتخب· ومحاولتها لامتلاك القوة النووية تبررها من وجهة نظرهم أمور عدة ولكن على رأسها إيجاد توازن قوى مع الدول المحيطة بها والتي تمتلك منذ زمن طويل السلاح النووي كالهند وباكستان والصين من جهة الشرق وفي الجهة الأخرى المقابلة هناك إسرائيل· ولو طورت إيران في المستقبل سلاحا نوويا أيا كانت درجته فإن كثيرا من الجماعات الإسلامية بمختلف مذاهبها المتحمسة للوصول إلى الحكم على غرار حركة حماس في فلسطين سيجدون في ذلك دعما لمواقفهم بينما بعض الدول الأخرى كسورية والسودان وليبيا وفلسطين ستجد فيه متنفسا لفك الضغوط الخارجية التي تمارس عليهم دون توقف، حيث إن هذا السلاح إن وجد فسيكن حسب تصورهم موجها ضد عدو المسلمين الأول: إسرائيل التي باتت جرأة إيران النووية تشغلها أكثر من أي شيء آخر·

وفي نهاية الأمر نحن الذين نقرر في مصلحة من سوف تصب مناورات إيران النووية· وإن كان نجاح إيران في تخصيب اليورانيوم سيصبح سلاحا لنا أم ضدنا· وعلينا أيضا الاعتراف بأن القوى الإسلامية هي في تصاعد مستمر وسوف تصل لا محالة في ظل الفوضى العالمية التي تلت سقوط برجي التجارة في نيويورك وسقوط النظام في العراق· ولا أدل على ذلك من طي الولايات المتحدة الأمريكية لملفات فكرة الشرق الأوسط الكبير نهائيا، بعدما انقلب السحر على الساحر····

dralaboodi@gmail.com

�����
   
�������   ������ �����
بين العصر الحجري والعصر الدموي
الحكيم الصيني وسوبرمان وغونو
يبدو أن الموضوع أصبح جديا
نحن لانستحق صفة الإنسانية
عندما غضبت سيغولين رويال
بين الأحد الماضي والأحد القادم: حظنا العاثر!
هيكل ولكن بضخامة جبل
حيلة كليوباترا...
الأدوار الجديدة.. من الداخل
تسمم صحافي!!
ماذا اكتشفت ناسا؟
الإعلام والضمير المباع بالدولارات
بيني وبين ذلك الفرنسي...
هؤلاء الذين غيروا موازين القوى
المنطقة والقادم... ماذا ننتظر؟
من سيمسك بالعصا من وسطها؟
المحاكمة...الظالمة
الموت بالجملة والمفرق
وماذا بعد نهر الليطاني؟
  Next Page

"قوم تعاونوا ماذلوا":
د.عبدالمحسن يوسف جمال
ذاكرة الحكيم!!:
سعاد المعجل
"ما نبيها غير الخمس":
محمد بو شهري
"بالبرتقالي":
المحامي بسام عبدالرحمن العسعوسي
إيران والمناورة الخطرة:
الدكتور محمد سلمان العبودي
التحدي الجديد: الجائزة!!:
د. محمد عبدالله المطوع
أمريكيون أكثر من الأمريكان:
د. محمد حسين اليوسفي
البرهان على خطأ(إسرائيل):
عبدالله عيسى الموسوي
غربة العقل:
د. فاطمة البريكي
شكرا لمنع الكتب المتطرفة:
عبدالخالق ملا جمعة
في العيادة:
د. لطيفة النجار
أحلام لا تعرف حدوداً(1):
يوسف الكندري
الدماء الوطنية الجديدة:
فيصل عبدالله عبدالنبي
رجل أعرفه جيدا:
على محمود خاجه