تأهيل المنتخب الوطني العراقي لأولمبياد أثينا ليس نصرا للرياضيين العراقيين فحسب إنما هو نصر لجميع الرياضيين العرب في مشارق الأرض ومغاربها، لهؤلاء الرياضيين العراقيين الذين لاقوا الفظائع وإهدار الكرامة والتعذيب الجسدي والنفسي على أيدي عدي الذي نصب نفسه رئيسا للجنة وحوّل مقرها إلى أقبية لتعذيب الرياضيين وإرهابهم، لكن هؤلاء الرياضيين كانوا يحملون وطنهم والوفاء لشعبهم في قلوبهم من أجل رفعه وإعلاء شأنه ويعتبرون الرياضة نشاطا إنسانيا وجماهيريا عاما وكانوا ينهلون من موروثهم الحضاري والرياضي العزم والتصميم على أن يكونوا دائما في المقدمة وأن ليل ذلك النظام سينتهي حتما وسيعودون كما كانوا رياضيين من الطراز الأول وهذا ما حصل بالفعل، فمنذ لحظة سقوط النظام تنادوا وتجمعوا بمبادرات فردية وجماعية شاغلهم الرياضة وما آلت إليه من تخلف وترد وانحسار وغياب ولم يجدوا أمامهم غير ملاعب مدمّرة ورياضيين ومدربين هاربين في أصقاع الأرض من بطش النظام، وآخرون خرجوا للتو من السجون فلا مستلزمات رياضية ولا تخصيصات مالية ومع ذلك استطاعوا بفضل وحدتهم وتماسك إرادتهم أن يشكلوا كتلة ضغط وحضورا فاعلا لا يخطئه البصر ولا يستطيع أحد تجاوزه، فاستجاب المخلصون لمطالبهم مسؤولين وآخرين من محبي الرياضة لدعم الرياضة والرياضيين وبفترة قصيرة جدا استطاعوا أن يعيدوا للرياضة العراقية أمجادها ومآثرها على الرغم من اضطراب الأوضاع الأمنية والاجتماعية وأن يكونوا حاضرين ومساهمين بل وروّادا في الدورات والمسابقات العربية والدولية، بالرغم من كواكب ضحاياهم الأبرياء، ويأتي تأهيل المنتخب الوطني العراقي لأولمبياد أثينا تتويجا لذلك النشاط المكثف والاندفاع الذاتي والحراك الجماعي الذي أدهش الجميع وفاجأهم، وكانت فرحة لا توصف لشعبنا في وقت نحن أحوج ما نكون فيه إلى الفرح بعد عقود طويلة دامية من الأحزان والآلام·
لقد كان عيدا لشعبنا حققه رياضيونا الذين لم يستطع كل ذلك الكم الهائل من المعاناة والمكابدة أن يجعلهم يستسلمون أو ينهزمون ويتركون وطنهم وحيدا·
الآن على رياضيينا أن يبذلوا أقصى درجات الاستعداد وعلى المسؤولين أن يوفروا لهم جميع المستلزمات المادية والمعنوية وعلى الفعاليات الجماعية والاقتصادية والثقافية أن تقف الموقف المأمول والمنشود لدعم الحركة الرياضية العراقية بجميع أنواعها وخاصة الفرق التي ستمثل بلادنا في دورة أولمبياد أثينا وفي مقدمتها المنتخب الوطني لكرة القدم فهم يستحقون مثل هذه العناية والرعاية والمؤازرة والمساندة لأنهم بيضوا وجوهنا وأعلوا هاماتنا ورفعوا راياتنا عالية وأكدوا حضورنا وعلى المسؤولين الرياضيين والصحافة الرياضية في الدول العربية أن تساند فريقنا وتدعمه معنويا لأن فوزه في أولمبياد أثينا فوز للعرب أجمعين بإذن الله تعالى·
hamid@taleea.com |