رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962
العدد 1608

لتعارفـــــــوا
يحاكمه علنيا·· العراقيون؟
د. جلال محمد آل رشيد
drjr@taleea.com

بعيدا عن مناقشة موضوع مدى إمكانية إصدار حكم بالإعدام في القوانين العراقية الجديدة المتوقع إيجادها لاحقا، وذلك بسبب ارتباط تحرير العراقيين من حكم المجرم الإرهابي صدام بتحالف دولي "شبه مرتبط" بقرار أممي هو القرار 1440 الذي صدر العام الماضي بالإجماع من مجلس الأمن الدولي، مما يجعل العراق الجديد ملتزما أدبيا باحترم الأعراف والقوانين المحترمة دوليا، وخصوصا تلك التي تدعو لها هيئة الأمم المتحدة إلا أنه من الضروري أن لا تتم محاكمة هذا الإرهابي الجبان الذي أجرم بحق الشعب العراقي، وبحق الشعبين الإيراني والكويتي على التوالي، إلا في العراق، ومن قبل محكمة عراقية خالصة، يعمل فيها من الألف الى الياء موظفون وقضاة عراقيون·

كما ينبغي أن تتم المحاكمات على نحو علني تتاح فيها الفرصة للإرهابيين البعثيين أن يوصلوا أصواتهم على نحو مسموع لكل مراقب يرغب في معرفة الحقائق، على نحو يماثل الصراحة، وإن تضمنت الكذب أحيانا، كتلك التي تحدث فيها الإرهابي صدام الى وفد مجلس الحكم العراقي الذي استمع له مساء 14/12 الجاري عقب اعتقاله ذليلا بأربع وعشرين ساعة·

إن فترة حكم الطاغية الذي هو ذليل الآن - كشأن مستقبل أي ظالم - حفلت بمظالم لا أول لها ولا آخر، وهذه المظالم لم تتم هكذا من غير عون من داخل العراق أو خارجه، فالملفات يجب أن تفتح ليأخذ كل ذي حق حقه، ولكي تتم تعرية المجرمين أعوان الظالمين، سواء أكانوا من العراقيين أم من غيرهم، فليس صحيحا أن الإرهابي الحقير صدام يمكنه أن يفعل كل ما فعله بشعب العراق الشريف وحده من غير عون إجرامي داخلي وخارجي·

إن دموع الأمهات العراقيات الشريفات العفيفات اللواتي ثكلن أعزاءهن تحت الحكم الإرهابي البائد ستكون ثقيلة جدا يوم القيامة على ظهر من لم يقلها·· ولا يريد·

ومع كل مآسي الجانب الإنساني لهذا الموضوع ذي الشجون، توجد جوانب مهمة أخرى له، فمن حق كل العراقيين، بل وكل من يعيشون أوضاعا مشابهة تتسم بسمة إجابة الكلمة باللكمة، والتصريح بالتجريح، أن يطلعوا على آثار الحكومات غير الديمقراطية وممارساتها ضد شعوبها أولا، وضد غيرهم ثانيا، على نحو يتم توثيقه وتسجيله للشعوب الأخرى، وللتاريخ، لكي يغدو رصيدا يتعظ منه الحاكم، ثم المحكوم، ومن جهة أخرى، سيساعد هذا الوضع الشفاف على تكريس مبدأ الشفافية والوضوح، الذي سيخدم، بدوره، مسألة أكثر أهمية من الناحية الاستراتيجية، وهي مبدأ لجوء الظالمين الى الـ safe side بالابتعاد - ما أمكن - عن الإجرام ضد شعوبهم، وتكميم الأفواه، الذي يعد جريمة وطنية ترتكبها بعض الحكومات ضد بلدانها·

 

خارج الموضوع

الفرنسيون ومن بعدهم الروس وعقلاء آخرون، وبسبب "رغبتهم الجادة" في شطب بعض الديون عن العراق الجديد، لم يتحججوا بشماعة ضرورة وجود قرار أممي بهذا الشأن، فحق شطب الديون مكفول للدائن، من غير قرارات دولية، "الفشلة العودة لوجت أوامر من خارج الأمم المتحدة من الدولة الـ···"!!

السيد عمرو موسى سياسي عربي مخضرم وسيف مجرب ولكن ألايظن أنه وقع في ورطة "معتبرة" بتصريحاته عقب اعتقال الفأر صدام التي ذكر فيها أن العراق لن يعود للحكم الصدامي ثانية؟ أنا من جهتي كنت مطمئنا أن صدام انتهى منذ التاسع من أبريل الماضي، ولكن "المشكلة" في تصريح السيد عمرو موسى هي أن كلامه يوحي بوضوح بأن العراق كان دولة استبدادية استبدادا فرديا شخصيا في أثناء حكم صدام بدليل انتهاء احتمال رجوع مؤسسته بالتزامن مع غيابه الشخصي، وهنا يبرز السؤال المؤلم التالي: ما دمتم ترون العراق بكل هذا السوء في أثناء حكم الطاغية الذي اعترفتم ضمنا باستبداده وسيطرته الشخصية، فلماذا تم السكوت المريب عنه وقتها؟ هل مصلحة هذا الإنسان الواحد هي أهم، لدى جامعة الدول العربية من مصلحة كامل الدولة العراقية العضو في الجامعة العربية؟

drjr@taleea.com  

�����
   
�������   ������ �����