رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 3 يوليو 2006
العدد 1735

���� �������
لا أريد الخوض والتحدث عن مآسي الوضع الحالي للدوائر الانتخابية لأن الموضوع أشبع حديثا ولا أريد الجدال مع معارضي التعديل لأن أي مواطن عاقل مستعد أن يفند أقاويل وحجج معارضي الدوائر فمنذ أن أعلنت الحكومة عن نيتها للتعديل قامت قيامة النواب وبعض من يؤمنون بالمثل "حارة كل من إيدو إلو" بالهجوم على الحكومة وعلى النواب الداعين للتعديل تحت حجج بالية وواهية،
تعتبر انتخابات 2006 استثنائية بكل الصور·· استثنائية في ولادتها وفي معالمها، لقد كان لهذا الشهر أثره الكبير في تغذية الوعي السياسي لكل مواطن ومواطنة، فوقف الأغلبية من ذوي الروح الوطنية في وجه كل من يريد الإساءة للشعب وإرادته، وكل من يسلب ولو حفنة من تربة هذا الوطن ليضعها في جيبه الخاص، ولتسمح لي أيها القارىء أن أشاركك حواسي كلها وأسرد لك ما هو الاستثناء:
الإخوان المسلمون أو الحركة الدستورية الإسلامية حاولوا جاهدين إقناعنا بأنهم ضد الفساد وأنهم مع قوى الإصلاح والنواب الوطنيين، لكننا لم نلتمس حتى الآن موقفا عمليا واحدا يؤكد صدق الإخوان المسلمين أو انحيازهم الحقيقي للصف الوطني، كل ما التمسناه تصريحات "لا تودي ولا تجيب" أو بالعربي لا تسمن ولا تغني من جوع ومعظمها تحصيل حاصل كمثل إعلان الحركة على لسان ناصر الصانع أن أحمد السعدون مرشح الكويت.
يؤلمني جدا أن أختار هذا العنوان لمقالتي هذه والتي تحمل في طياتها حزناً عميقاً بسبب خيبة الأمل التي أفرزتها نتائج الانتخابات الأخيرة والتي شاركت فيها المرأة لأول مرة بعد حصولها على حقوقها السياسية، أقول هذا باعتباري أحد المدافعين عن هذه المرأة والساعين وراء حصولها على هذه الحقوق منذ أن (هويت) الكتابة مع بداية السبعينات وخلال عملي النقابي في الجامعة وغيرها من ميادين،
ليس حدثا عاديا أن تلتقي شخصا بمثل حماسة وصراحة وقدرة عامر الزهير ، مخرج ومنتج الفيلم الوثائقي "عندما تكلم الشعب" الذي يعتبرأحد أكثر الأفلام الوثائقية التي شهدتها الكويت مؤخرا إثارة للجدل، وهو عن الحقوق السياسية للمرأة.
آفاق ورؤيـــة
نتائج الانتخابات الأخيرة أعطت مؤشرا تلو الآخر أن الشعب الكويتي "عند وجهك وقت الضيق" وأنه يتباهى بوحدته الوطنية ويتناسى خلافاته الضيقة وينتخب الوطني المخلص دون الالتفات الى مذهبه أو عائلته.
حدث ذلك بوضوح في مناطق عدة سجل فيها الناخبون سمفونية كويتية راقية عزفوا فيها لحن حب الوطن وانتخبوا أعضاء المعارضة أيا كان مذهبهم وأسقطوا نواب "الموالاة"، هذا الرقي في العمل السياسي هو ديدن الكويتيين "إذا حجت حجايجها" كما يقول المثل.
حينما تكون في مدينة تعود في قدمها إلى آلاف السنين طوت خلالها مراحل عديدة من صراع الإنسان مع الحياة وتصميمه على البقاء، ترى معادلة صعبة، فالتحديات دائماً تخلق الإنجاز والتطور، وربما تؤدي إلى الصراع، وحين ذاك، يصبح خيار الإنسان صعباً، فإما البقاء أو الفناء، لذلك اتجه الفلاسفة نحو التركيز على أهمية التساؤلات بدلاً عن الإجابات،
تشكل فئة الشباب في المجتمعات الإنسانية، ولا سيما في المجتمعات التي تشق طريقها نحو مستقبلها بخطى حثيثة متفائلة، مركز الثقل ومحط الأمل، فهم الذين يعوّل عليهم في تأسيس بنية مجتمعية متينة، وفي تحقيق الرؤى التي يضعها أصحاب القرار الذين يوكل إليهم أمر التخطيط للمستقبل الواعد الآمن القوي.
للنقد وجهان، يختار المتكلم أحدهما بحسب هدفه منه؛ فإذا كان يهدف إلى النصيحة، وتوضيح الصواب والخطأ، والكشف عن جوانب للموضوع لم ينتبه إليها الشخص المنتَقَد فهذا يندرج في الوجه الإيجابي للنقد الذي يُعرف بالنقد البنّاء.
أما إن كان الهدف من النقد هو الكشف عن العيوب والمساوئ، وبيان الزلات والهنات، والتشهير بفاعلها، فهذا يدخل في الوجه السلبي للنقد.
من وحي الناس
أصبح الإعلام ظاهرة وجدانية لا يمكن تصور المجتمعات البشرية من دونه وصار في العصر الحديث جزءا لا يتجزأ من البناء الاجتماعي، والسياسي، والثقافي، والفني، والمعرفي، ووسيلة فعالة في تكوين الرأي العام بأجهزته المرئية، والمسموعة، والمكتوبة التي توصل الوعي، وتعالج القضايا، والإشكالات،
لم يولد وفي فمه ملعقة من ذهب ولم يستغل المال والبهرجة الإعلامية والدعاية الانتخابية·· خيمته متواضعة وإمكانياته محدودة وبسيطة·· ليس عضوا في غرف التجارة وليس لديه وكالات أو مصانع أو شركات·· أقاربه أعمامه وأخواله هم أحمد الخطيب ومشاري العصيمي وسامي المنيس وأهالي الفيحاء والنزهة وغيرهم الكثير لكن·· وبالمقابل اختار شعاراً يتغنى بحب الوطن وكان قويا وشجاعا بآرائه وأطروحاته..
اليوم ارتحت وعرفت أن الشعب الكويتي متصالح مع نفسه، ولا فرق بين طوائفه وشرائحه وقبائله وعوائله، إنه شعب كباقي الشعوب يضع أهمية لكل هذه الاعتبارات، في السابق كان ينظر لناخبي ما يسمى المناطق الخارجية بأنهم متعصبون طائفيون قبليون في اختياراتهم وكنا نحن القلة من المنتمين للتيارات الوطنية الديمقراطية والليبرالية حديثا نجد حرجا واستحياء من اختيارات دوائرنا الانتخابية