رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 السبت 29 ذو الحجة 1421هـ - الموافق 24 مارس 2001
العدد 1469

وتد

طالبان.. والوزة غير المرحة!

 

نشمي مهنا

حكاية تشي بدايتها بمعنى نهايات المقالة··

فمنذ سنوات، أراد أحد الأقرباء من أصحاب الفكر النصي، أو كما يقول الغزالي (متبعي الفقه البدوي)، أن يقيم مشروعاً تجارياً صغيراً، أيام كانت المغامرات التجارية (هَبَّة كويتية) في بدايات التحرير، استقر رأيه وشريكه (العصري) على البدء (بمطعم) للوجبات السريعة، تحت اسم (الوزة المرحة)، بعد الانتهاء من جميع الاستعدادات، وفي مساء الافتتاح كانت هناك مفاجأة!

أراد شريكه مبتكر المفاجأة المفرحة (كما يعتقد)، أن يضيف شكلاً جديداً لضرورات الدعاية والإعلان، ساعتها·· أُزيح ستار الافتتاح الذي يعلو واجهة المطعم، ليعرض مُجسماً فنياً جميلاً على شكل (وزة)!

اشتعل الخلاف مبكراً بين قريبي وشريكه في أول مساء للشراكة المنحوسة، إذ اعترض على هذا النصب/ البدعة المخالف لإيمانياته·

بعد انتهاء مراسم الاحتفال (الكئيب)، ومرور ساعات، عاد (قريبي) إلى المطعم حاملاً بيديه عدّته التي تنهي الخلاف الفقهي·

وفي صباح اليوم التالي، أُعيد ترتيب المشهد، فعلى الشارع الرئيسي، المليء بواجهات المحلات والمطاعم، كانت تعلو ذلك المطعم وزة مقطوعة الرأس، غير مرحة!

صورة سريالية لمجسّم فني غير مكتمل، لا تحمل معنى (هي في واقعها الجديد تحمل ألف معنى) وتعرض على الملأ قصور الفهم عن إدراك معاني النص!

بالطبع مثل هذا الفهم، وإن كان صاحبه يحمل نية طيبة بيضاء، إلا أنه·· لن يُكتب له النجاح·· المشروع الصغير أعلن افلاسه بعد شهور، إفلاس يحمل أوجها عدة!!

حكاية المشروع الصغير هي نفسها في أبعادها ومعانيها، مطابقة لما اقترفته أيدي "طالبان"، وإن اختلف الفاعل، وتبدلت مسميات الساحات ولافتاتها، فالشبه كبير بين ذلك (المطعم) وأرض أفغانستان ولو بفارق أكبر، خيالي المقاييس، وحتماً سيقود ذلك الفهم الموحد والمقولَب، إلى نتيجة الإفلاس ذاتها·· حتى وان كانت على مستوى حركات أو دوَل·

 

***

 

منجزات الحضارات أممية جمعية، ومركبة في تواصلها الزمني والمجتمعي، لا حق لفرد أو جماعة أن تشوهها بسبب فهم (آني) قاصر، لن تتمكن من التكفير عنه مستقبلاً، بعد الهدم والخراب·

كذلك تلك الحضارات لا تغامر بمنجزاتها إلى أن يستقيم الفهم، وحتي يُتم (الطالبان) تعليمهم، ويتخرجوا في جامعات (الوعي العصري)!

المفارقة أن مَنْ سبقهم إلى تلك الأراضي، ليفتضّ مجاهلها، كان أكثر منهم وعياً لمقاصد النص، وأعمق فهماً للحضارات الإنسانية، واحتراماً للآخر·· محمد بن القاسم "الفاتح"، بفتحه للأرض الجديدة (أفغانستان) في ذلك الزمن، وبما كان يملؤه من حماس جهادي، لم يلتفت لمثل تلك التماثيل البوذية، ليهدمها، بل انصب جهده على الصنم الأكثر كفراً وخطراً، ذلك القابع في صدور وقلوب المجتمعات المغيبة في ظلام الجهل والتخلف·

والرسول عليه السلام بهدمه لأصنام قريش، سمح لأبي سفيان أن يحتفظ بأحدها ليزين بها داره، الأهم·· أن مخاوف عبادة الأوثان والأصنام قد أزيلت من الأذهان، بعد ظهور الدين، فلم يعد الصنم (المجسّم) يحمل أي معنى يشير لطقوس عبادة، بقدر ما حمل من معنى جديد فني للزينة والابداع·

يدّعي المتشددون أن الغرب بمؤامراته وآلته الإعلامية الضخمة يعمل على تشويه صورة المسلم!

ولو أدرنا أعيننا في مشاهد الأيام القليلة الماضية فقط، لرأينا ما عجزت (هوليوود) أن تأتي بمثيل له من التراجيديا السوداء:

- مسلمون شيشان يختطفون طائرة مدنية وتطعن خلال العملية مضيفة (هي بالطبع ليست قائدة حربية) على مرأى من العالم!

- في الكنانة (مصر) دار السلام، التي يدخلها الناس آمنين، يختطف أحدهم رهائن ألمان، ليحلّ مشاكله العائلية، وينتقم من زوجته وحماته!

- في الجزائر، مسلسل "سفك الدماء"، مازال مستمراً، يعرض بقايا أشلاء لأجساد المدنيين والأطفال!

- بن لادن (رافع راية الجهاد الإسلامي) مازال مادة مشوّقة للإعلام والفضائيات العالمية، بعد حوادث التفجير والاختطاف!

حصيلة قد تطول·· إلا أننا قد نختصرها بحكاية أيضاً (طالما سمعناها أطفالاً):

أنثى دب، أرادت -بكل الحب- أن تبعد ذبابة مزعجة تحوم حول وجه حبيبها الغارق في سبات النوم·· فرمته بحجر- أكبر من رأسه- هشمته·· ليعود في غيبوبة أبدية·

تصرف أهوج ينم عن غباء·· لا يغتفر حتى وإن كان دافعه الحب··

فكم من الدببة في أمتنا، هشّمتْ صورتنا باسم (الإسلام)!

 nashmi@taleea.com

طباعة  

إضاءات
 
قصة
 
في احتفالين ثقافيين أقيما في عمّان والقاهرة
جوائز "دار سعاد الصباح" تتجه نحو مستقبل الثقافة العربية

 
جعفر دشتي يشكل هموم "أمنا الأرض"
 
العلي في دار الفنون يعرض "Silhouettes In Blues"
 
احتفالية المرأة الكويتية في "عاصمة الثقافة" تفتتح في المدرسة القبلية
فاعليات احتفالية المرأة الكويتية: مؤتمر نسائي عام وشهادات حول الرواية والشعر والتراث

 
تجولت في سلطنة عمان بين "المدن القديمة" و"وجوه البشر" و"الإبداع"
العثمان: في زمن "الردة" فقدت المرأة العربية مكاسبها أمام التيارات المتزمتة

 
أجيال
 
شعر
 
من هناك