موقعنا في خارطة الثقافة الغربية!
يحيى أبو زكريا/ السويدüü
في الوقت الذي يندلع فيه الضجيج والعجيج في العالم العربي حول هذه الرواية أو تلك القصة أو ذينك المسرحية فإن هذا الضجيج يظل حبيس الواقع العربي لا يكاد يعبر إلى الخرائط الثقافية الغربية التي لا تعرف شيئاً عن الثقافة العربية ولا نتاجات المثقفين العرب· والذي يمعن النظر في وسائل التعبير الثقافي الغربي لا يكاد يعثر على أي قضية من قضايا الثقافة العربية، والشيء الوحيد الرائج في وسائل الإعلام الغربية هو الأوضاع المزرية في عالمنا العربي وتراكمات المشاكل في هذا الواقع العربي وفي ذلك، ولولا أن نجيب محفوظ وأحمد زويل حصلا على جائزة نوبل الأول في الأدب والثاني في العلوم لما سمع الناس هنا في استكهولم وفي غيرها من العواصم الغربية عن مساهمات للعرب في الحضارة الإنسانية·
وهناك أسباب كثيرة أفضت إلى هذه الحالة من الغياب الثقافي في الخارطة الثقافية الغربية يمكن القول إن السبب الأول في أيدينا والثاني في أيدي غيرنا، فالذي في أيدينا مرده إلى كون العرب والمسلمين هنا في السويد أو في بقية العواصم الغربية أعطوا انطباعاً سلبا على الانتيليجانسيا العربية التي بات ينظر إليها الغربيون على أساس أنه لا فرق بينها وبين بقية المهاجرين من العرب والمسلمين، فالكل غير منظم وغير منضبط وغير مؤهل حضارياً، والكل جاء للاستمتاع بالمساعدات الاجتماعية والخدمات التي تقدمها الحكومة للمواطنين ويستفيد منها المهاجرون سواء كانوا المتجنسين أو المقيمين بشكل شرعي· وقد بدأت الجرائد هنا في استكهولم وفي غيرها من العواصم الغربية تثير هذه المواضيع الأمر الذي يؤشر إلى وجود زوابع في الفنجان الغربي· ويأخذ الغربيون هنا - أي في الغرب - على المهاجرين امتعاضهم من الانسجام مع المنظومة الاجتماعية والسياسية والثقافية، وسوء الفهم هذاحال دون إقامة جسور تواصل بين الإنتليجانسيا العربية ومثيلتها الغربية وهذا ما أبقى سوء التفاهم متواصلاً، ومن أسباب عدم الولوج في الخارطة الثقافية الغربية هو الصراع الشرس والحاد بين النخب الثقافية العربية، حيث مازالت المنطلقات الأيديولوجية والحزبية والطائفية والدينية هي التي تحدد مسلكية هذه النخب، وهذا الأمر حال دون رسم استراتيجية ثقافية عربية تدخل في حوار جدي مع الثقافة الغربية على الرغم من أن بعض المنابر الثقافية والمؤسسات الفكرية والإعلامية مستعدة لأن تصغي للآخر الأجنبي المقبل من العالم الثالث، وهناك تياران استغلا هذه النقطة وزادا في تعميق الإشكالية وسوء الفهم، التيار الأول هو تيار المتلقي الثقافي حيث تمكنت نخبة من اللغة السويدية وبقية اللغات الغربية وراحت تداهن وتتملق وتلعن أصولها وفصولها ولغتها وعاداتها وتقاليديها وباتت غربية أكثر من الغربيين أنفسهم وهمَّ هذه الفئة هو الحصول على مواقع وعملة صعبة وما أكثر المؤسسات الداعمة لمثل هذا التيار والحصول على الجوائز أيضاً، وعن هؤلاء يقول كاتب وباحث هولندي إن هؤلاء أساؤوا إلى حضارتهم ولن يحققوا شيئاً من خلال تملقهم لنا، أما التيار الثاني فهو الذي خلط بين الفولكلور والثقافة، بين الدبكة والقصيدة، بين الرقص والنص، وأًصحاب هذا التيار وجدوا منافذ إلى الدوائر الثقافية على اعتبار أنهم ضرورة لزركشة المشهد الثقافي الغربي والادعاء أن الدوائر الغربية تؤمن بالآخر، لكن الآخر الذي يقوم بدور البهلوان فقط· وأما الأسباب التي بيد غيرنا فتكمن في أن المثقفين الغربيين والممسكين بزمام وسائل الإعلام وأدوات التعبير الثقافية فينظرون إلى الثقافة الثالثية والعربية جزء منها من عال ومن الأبراج العاجية وقد يكون كتاب واحد لأحد الشاذين جنسياً أهم من الحضارة العربية والإسلامية برمتها، فالكاتب السويدي يوناس كاردل الشاذ جنسياً تعتبر كتبه أهم من كل ما يكتبه العرب، ويبقى القول إن العيب فينا أولاً وثانياً وثالثاً، إذ الى الآن لم نصمم الصيغة التي بها نخاطب العقل الغربي·
ü عن "أفق" الإلكترونية
üü رئيس النادي الثقافي العربي في السويد