رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 14 محرم 1426هـ - 23 فبراير 2005
العدد 1666

محاضرتان في دار الآثار الإسلامية
من المعنى.. إلى كتابة التاريخ

قرأ د· محمد الحداد من الجامعة التونسية في دار الآثار الإسلامية، تجارب الماضي، واستقرأ المستقبل في سياق متابعة اتجاهات كتابة التاريخ، وكيف يكون مختبرا لصناعة الأمم أو تفكيكها وعاملا من عوامل تأجيج العنف واحتوائه·

جاءت هذه القراءة في سيابق البرنامج الثقافي لدار الآثار مساء الاثنين 21/2/2005، وتناول فيها المحاضر الحاصل على شهادة الدكتوراه من جامعة السوربون الفرنسية في العام 1994 في الدراسات العربية والإسلامية، نشأة الرواية التاريخية، بدءا من تناقل الحكايات عن الأصول المفترضة لهذه المجموعة البشرية أو تلك، أي ميلاد الأسطورة، وصولا إلى نشوء الرواية التاريخية بنشأة الدولة، حيث ظهرت الأخبار والتحقيب وقامت علامات معقدة بين الأساطير وروايات التاريخ، ثم جاء علم التاريخ مع نشأة الدولة القومية وتم الانتقال من الكشف عن الأصول إلي محاولة التنبؤ بالمستقبل·· وحاولت التيارات المتجددة في كتابة التاريخ تخفيف القطعية المفرطة في سرد التاريخ، بتفكيك الرؤية التاريخية إلى مجموعة من المباحث الإشكالية المفتوحة،وحتى هذه التيارات انسحب الضوء عنها الآن، وانفتحت مرحلة جديدة أمام الباحثين ووقفوا أمام تيارين، إما العودة إلى التاريخ كصانع للأمم، أو الاتجاه نحو أمم تتكون بلا تاريخ خاص بها·

في المحاضرة التي سبقت حديث التاريخ هذا (14/2/2005) تناول الباحث د· عطاء الله مهاجراني من إيران موضوعا قل تناوله في الأوساط الثقافية العربية علنا أو على مسمع من الناس، بل يحوطه الغموض، ويقل المتحدثون فيه· ذلك هو موضوع التصوف· ومما أعطى للموضوع بعدا جديدا وطريفا، أنه تمحور حول المتصوف المسلم الشهير "جلال الدين الرومي" الذي يتنازع نسبته إليهم الأفغان والفرس والأتراك، الأوائل لأنه ولد في "بلخ"، أما الفرس فلأنه كتب أعماله الشعرية، وأشهرها "المثنوي"، بالفارسية، ويحرص الأتراك على التمسك به لأنه عاش في "قونية"، في القرن الثالث عشر الميلادي ومن هنا جاء لقبه "الرومي"·

عالم جلال الدين الرومي كان هو مدار الحديث الشيق الذي افتتحه د· مهاجراني بالإشارة الى أن "الكلام هو بيت الفكر" ومن هنا صعوبة ترجمة الشعر الصوفي المميز الذي تركه الرومي، واحتل مكانة مرموقة في الأوساط الشعبية، وأوساط النخبة على حد سواء· ولكن الصعوبة لا تنبع من هذه الصلة الحميمة بين "اللغة" و"الفكر"، فقط، بل وتنشأ، حين يكون الأمر أشواق وأفكار ورؤى المتصوفة وأشعارهم، من أن "اللغة الصوفية" بحد ذاتها عصية على الترجمة حتى ضمن لغتها· ولعل "الرومي" كان من الذين لمسوا هذا السقف حين قال في "المثنوي" "إن الكلام سفينة والمعنى بحر"·

تتبع المحاضر مصادر الرومي وأرجعها الى عدد من المتصوفة المشهورين مثل ابن عربي وابن الفارض، وأضاف إليها منابع أخرى، إلا أنه توصل في نهاية تتبعه الى أن تعدد المصادر، أو تعدد تجارب هذه الشخصيات، يكمن خلفها مصدر واحد، هو الإيمان بمبدأ "الحب" بوصفه مبدأ علاقة بين الأشياء، بين الخالق والمخلوق، وبين الإنسان والطبيعة، الحب هو المبدأ الأزلي لدى الرومي، ومنه وفيه وحوله يبني عوالمه الشعرية، ذات النكهة الدينية البارزة·

كانت إطلالة المحاضر متنوعة النوافذ، فقد أطل على موضوعات الرومي وأسلوبه من داخلها، كما أطل عليها من الخارج بمقارنات متعددة مع نصوص دينية وأدبية وفنية، ومازج في كل هذا بين ثقافة غربية وشرقية، وقديمة وحديثة، فكان عرضه بحد ذاته عرضا شائقا فيه فن التقديم والتمهيد والتقاط ما هو جوهري بكلمات قليلة دالة· وقد ساعدته معرفته باللغتين العربية والفارسية على الانتقال بسلاسة بين النصوص الإسلامية بالعربية والفارسية، والعثور على العلاقات الفكرية والروحية بين النصوص في كلتا اللغتين بلا تعثر·

طباعة  

كيف يغلق الفضاء الإلكتروني؟!
وزير الإعلام العماني يواصل منع الحارثي والريامي في وسائل إعلامه!

 
وتد
 
"سيمياء العنونة.. الرواية نموذجا" في رابطة الأدباء
قطوس: العنوان في الرواية الحديثة انزياح شعري عن واقع العمل الفني

 
الإعلان عن مجموعة من المشاريع الثقافية في المؤتمر الصحافي
الدورة العاشرة في باريس وملتقى الشعراء العراقيين ومركز الترجمة.. عن مؤسسة البابطين

 
إصدارات
 
المرصد