رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 9 مايو 2007
العدد 1773

بينما يحاولون جر القضاء لصدام مع مجلس الأمة لينقذوا لصوص الناقلات من سيف العدالة
برلمانيون: نحن والقضاء حلفاء من أجل العدالة والوطن واستقلال القضاء

· جلسة الناقلات أعادت التذكير بالدور المتألق للمجلس لكنها كشفت الموقف المتخاذل لـ "الإخوان"·· ودعابة ناصر الصانع بأنه أول من اكتشف قضية الناقلات أمتعت الجميع!!

·    المستشار إمام: السلطات الثلاث "يضبط بعضها بعضا" وديمقراطية القضاء بالعلانية وخضوعه لرقابة الرأي العام

 

كتب محرر الشؤون السياسية:

ثلاث جلسات لمجلس الأمة في أسبوع واحد رسمت معالم الساحة الكويتية سياسياً واجتماعياً واقتصادياً، رسمتها باحباطاتها وقصورها، بما يواجه مواطنيها من مشاكل اقتصادية ومعيشية صعبة، بأوجه القصور في سلطاتها الدستورية الثلاث، وبالحلول الفعالة التي يمكن أن تقود البلاد وتخرجها من محنها وتضعها على الطريق الثابت للتقدم والمستقبل الزاهر·

إحدى هذه الجلسات وأهمها كانت جلسة الأربعاء الماضي لمجلس الأمة التي ناقشت ما آلت إليه قضية اختلاسات الناقلات وكيف أنها برغم أن القضاء البريطاني قد أنجزها أحكاما مستأنفة فيها تدين اللصوص، إلا أن القضية التي تنظر في وطنها ما زالت وبعد سبع سنوات لم ينجز مجرد التحقيق فيها، دع عنك المحاكمة· ولقد ناقش المجلس العراقيل التي تعترض سير القضاء في إنجاز مسيرته في تطبيق العدالة ومصير القضايا المحالة من مجلس الأمة إلى النيابة العامة وهي قضايا جميعها تتعلق بالتطاول على المال العام وبعضها فاضح ومفجع حيث كان مصير معظمها الحفظ دون نتائج·

الجلسة الثانية كانت  سرية لكن ما تسرب منها أثار قلق الجميع، حيث إنهم مطالبون - لأن الرواتب قد أكلت الميزانية - بأن يعوضوا النقص بالرسوم التي ستفرض على الجميع والضرائب التي قيل أنها ستفرض على أصحاب الدخل المرتفع وعلى الشركات· المواطنون قلقون لأن رواتبهم تتآكل بفعل الاحتياجات المتزايدة والتضخم، ورجال الأعمال قلقون بفعل الاقتصاد الذي يمر بأسوأ مراحل الركود في الوقت الذي يطلب منه أن يخضع لضرائب تغرقه في مزيد من الكساد·

والجلسة الثالثة كانت أمس حول الميزانيات، حيث كان من أبرز ما دار هو التسيب والتقصير أو ربما التلاعب في أداء أجهزة الحكومة القانونية من فتوى وتشريع ودائرة خبراء والدائرة القانونية في بلدية الكويت· (التي فاحت روائحها (أي البلدية) هذا الأسبوع بقضايا التزوير والاختلاسات)، مما أدى إلى فقدان الدولة مئات الملايين من الدنانير بأحكام قضائية لصالح أفراد قصرت أجهزة الدولة وربما عن سابق إصرار وترصد في اتخاذ أبسط الإجراءات القانونية لحماية حقوقها، فخسرت قضايا مثل قضية  34 مليون دينار دفعتها الدولة لبيت التمويل ، وكذلك 60 مليون دولار تعويضاً عن الآثار التي سرقها العراقيون، بينما الكويتيون جميعاً لم يعوضهم أحد، وعشرات الملايين في ادعاءات بأراضي الدولة كان أمرها قد حسم قانونياً منذ زمن طويل، ثم نبشت ومرت في المحاكم في غفلة من الزمن وأغماضة متعمدة وتيسير من أجهزة الدولة المعنية·

المراقبون السياسيون يلاحظون أن هذه الجلسات الثلاث مثلما تطرح أزمة الكويت الاقتصادية وما ينتج عنها من أزمات يرون أنه بالرغم من منطقية طرح الحكومة لاحتياجاتها المالية إلا أن الطرح نظري وغير مقنع· فالحل كما يرون يكمن في أن تنظر الحكومة لأحداث جلسة الأربعاء (اختلاسات الناقلات·· وغيرها) والإهدار المالي الضخم في ذلك وكذلك في صفقات السلاح والمشاريع وفساد الجهاز الإداري، وتنظر أيضاً إلى ما أثير من تعثر سير العدالة بسبب العرقلة الحكومية وكذلك التقصير المدبر لأجهزة المتابعة القانونية عن الدفاع عن حقوق الدولة وأموالها والتي أثيرت بعض ملامحها في جلسة الأربعاء الماضي· ويقول المراقبون إن الحكومة إذا ما استوعبت ما طرح في جلسة الناقلات وجلسة الميزانية من تقصير قانوني ستعرف أن الطريق إلى إقناع الناس بالرسوم والضرائب يبدأ من اتخاذ قرار سياسي حاسم وحازم بعدم التدخل في القضاء وجهازه وسير العدالة فيه تم توفير كل ما يلزم لتيسير مسيرته واسناده، كما عليها أن تتخذ قرار بنفض أجهزتها القانونية ابتداء من دائرة الفتوى والتشريع وغيرها حتى لا يكون دور الكثير منها هو تفصيل المواقف القانونية وتخريجها لمصلحة البعض سياسياً ومالياً بل ووضع الثغرات القانونية لكي تخترق حقوق الدولة والغياب المتعمد عن حضور جلسات المحاكم حتى ينقلب الحكم ضد الدولة أو إحدى مؤسساتها وعدم الطعن في الأحكام بالاستئناف مما أضاع ويضيع على الدولة مئات الملايين·

الناس الذين يرون كل هذا الإهدار وكل التلاعب الذي يجري والاختلاسات التي - وللعجب الشديد - لم يحكم لصالح الدولة فيها بحكم واحد، يستاؤون بالطبع وينقمون على طرح تحميلهم تبعات كل تلك السرقات والنهب المستمر والتلاعب· والحل يكمن في رأيهم في إقامة العدل· وعندما يطمئن الناس لتحقيق ذلك أو الجدية فيه لن يترددوا من أجل وطنهم في أن يقدموا كل ما يستطيعون لكنهم يقدموه لوطنهم·· وليس للصوص المال العام·

جلسة الأربعاء الماضي التي دارت مناقشاتها حول ما آلت إليه قضية الناقلات والعقبات التي تعترض طريق القضاء لإنجاز مسيرته في تطبيق مبادئ العدالة والاستقالات التي توالت في لجنة التحقيق القضائية المتعلقة بالقضايا المنظورة أمام محكمة الوزراء، أثارت قضيتين على الساحة المحلية الأولى هي حول الارتقاء بدور مجلس الأمة والثانية هي حول العلاقة بين السلطات الدستورية وخصوصاً بين السلطة التشريعية والسلطة القضائية·

 جلسة الأربعاء أثارت ولأول مرة منذ زمن طويل بريقاً من الأمل في نفوس المواطنين وأشاعت ارتياحاً عاماً من أن مجلس الأمة يستطيع إذا ما اتضحت الرؤية فيه أن يلعب الدور المطلوب منه في التركيز على القضايا الأساسية التي تهم المواطنين، بل إن التركيز على هذه القضايا هو الذي ينتشل مجلس الأمة من الضياع ويشيع الأمل بين الناس في أن هناك طريقاً للخروج من مناخ الإحباط والأزمات إلى جو التفاؤل والإنجاز وفتح الطريق أمام انتقال الوطن إلى مرحلة جديدة يستطيع بها تلمس طريق المستقبل بوعي وثبات·

الناس لأول مرة وعبر التلفزيون عادوا إلى مجلس الأمة وطبيعة المناقشات الهادفة فيه مثلما كان في مجلس 63،  71، 75، 85·· ورأوا الفرق بين المجلس في أفضل حالاته وأعضاؤه يتحدثون بلا صراخ أو تشنج يقدمون الحقائق ويستخلصون بالمنطق نتائجها ويتلمسون الحلول·

غاب ذلك التشويش الجاهل والمزايدات، والفكر الجاهلي، وسكت أصحاب القضايا التافهة الذين يغرقون في سنتيمتر من المنطق، وتبخر دخان شيشة الطبطبائي، وموضوعه (الجوهري) بتغيير اسم سينما الفردوس· والكثير الكثير من اللغو، وتندر الناس لكن بكثير من الرثاء والشفقة لحال النائب ناصر الصانع عندما كشف ولأول مرة منذ ثماني سنوات سراً مكتوماً أنه هو الذي اكتشف قضية الناقلات· وقال بعضهم إنه إذا كان كذلك صحيحاً (وهو ليس كذلك) فإنه يجتهد لكي يضع نفسه في نفس موقع زميله في حزب الإخوان النائب مبارك الدويلة الذي أقام الدنيا وأقعدها ولوح في مجلس الأمة بالملفات التي تبين السرقات في وزارة الدفاع ثم بلعها، ولم يعد أحد يسمع شيئاً عنها كما يذكر بالملف الأحمر بقضية الاستثمارات لزميله الآخر د· إسماعيل الشطي ذلك الملف الذي اختفى·

لكن الناس لا ترحم فهم فوق أنهم يسألون أين كان ناصر الصانع طيلة هذه السنوات من قضية الناقلات ولماذا صمت؟!!! فإنهم يضيفون لماذا لم يوقع ناصر الصانع والدويلة والعرادة والبصيري وصنيدح وهم نواب الحركة الدستورية، لماذا لم يوقعوا على طلب مناقشة مسار قضية الناقلات ولماذا اشترطوا لكي يوقعوا ألا يشار في طلب المناقشة أي ذكر للمتهم الخامس؟!

الناس ترصد كل ذلك ولا يضللها أن يقوم نواب حزب "الإخوان المسلمين" بالتصويت بالموافقة على فتح باب المناقشة حتى لا ينكشف أمرهم بين الناس والناس تشيد إشادة كبيرة بالثمانية والعشرين نائباً الذين وقعوا طلب المناقشة وحدهم دون نواب الإخوان، مهما حاولوا من تضليل·

القضية الثانية هي قضية العلاقة بين السلطتين التشريعية والقضائية ومبدأ الفصل بين السلطات·

يقول بعض المتابعين لهموم الساحة المحلية أنه من الطبيعي أن يكون هناك متضررون من نقاش المجلس ولأول مرة لقضية بهذه الحساسية وهي أين وصلت قضية الناقلات بعد سبع سنوات من اكتشاف الاختلاسات فيها؟ ولماذا توالت تلك الاستقالات من مستشارين أفاضل ساهموا في لجنة التحقيقات فيها فهذا الوضع المحبط الذي لا يساهم في دعم احترامنا لأنفسنا عندما نجد أنفسنا نعجز عن اتخاذ قرار تحقيق العدالة للمجتمع ضد لصوص اعتدوا عليه بعد أن أمنهم على ممتلكاته بينما تقرر محاكم أجنبية في بريطانيا وسويسرا قرارات وأحكام ناجزة· ولماذا نهرب حتى من متابعة التحقيقات عندما يفتح لنا العالم أبوابه مثلما فتحه لنا القضاء السويسري ونرفض أن نذهب مثلما فعلت النيابة لمتابعة التحقيق ويصدر كتاب من النائب العام يقول للسويسريين نحن لا نريد أن نطلع على شيء!! ولماذا لا نمكن لجنة من المستشارين بالسفر إلى هناك للاطلاع على الحقائق؟ ويقول أولئك المتابعون للهموم المحلية أن هؤلاء المتضررين هم الذين يحركون الآن قضية وهمية هي أن مجلس الأمة يتدخل في القضاء ويخرق الدستور لأن المادة 50 منه والتي تقضي بفصل السلطات تخرق كما يدعون!

ولذلك يقال إن هناك تحركا لزج القضاء بإصدار بيان وأخذ توقيعات، ويحذر هؤلاء المراقبون من أمرين: الأول هو بلع الطعم من بعض أفراد السلك القضائي والانجراف إلى القبول بتفسير غير حقيقي وغير صادق وذوي أغراض خاصة والدخول في صدام مع مجلس الأمة بدعوى استقلالية القضاء· ذلك أن الدوافع الأساسية والمحركة لكل ما قيل في مجلس الأمة هي الدفاع عن القضاء ودوره وإسناده بكل الوسائل لإبراز وجهه العادل المشرق أمام العراقيل التي يضعها البعض للاحتماء في المماطلة ومط القضايا إن لم يتمكنوا من وأدها أو حفظها· وذلك لأن سند القضاة الحقيقي والدعم لاستقلاله هو مجلس الأمة والأعضاء الذين بادروا فيه لإثارة القضايا التي طرحت، فهؤلاء حلفاؤهم في تمكينهم من توفير الظروف للاستقلالية والمناخ التي يحققونها فيه وليسوا أعداءهم مفتئتين على حقوقهم وسلطاتهم·

أما الأمر الثاني فإن المراقبين يحذرون من أن أي تحرك من أي جهة لا تحسب أبعاده قد ينقلب إلى غير ما يتوقع أو ما يشتهي وأن لكل فعل رد فعل·

ويشير هؤلاء المراقبون إلى المقالة (البحث) القيّمة التي كتبها المستشار الفاضل شفيق إمام في جريدة "القبس" الصادرة أمس وينصحون بقراءتها قراءة متأنية قبل توقيع أي شيء: "فكل سلطة من السلطات الثلاث التشريعية والتنفيذية، والقضائية توقف السلطتين الأخريين، وليست السلطة القضائية بمنأى عن ذلك كله، وإلا تحولنا إلى ما يعرف بحكومة القضاة، وهي ليست دائماً بالحكومة العادلة، لأن أخطر أنواع الاستبداد ما يحتمي بوشاح القول" وأن "القضاء هو أعز مقدساتنا··· وتعزيز استقلاله والذود عنه··· هو وسيلة لتحقيق العدالة·· ولبناء الملاذ الأمين للحريات فلا قيمة للحقوق والحريات ما لم نضمن قضاء يذود عنها، ولا يمكن أن يوجد هذا القضاء ما لم نضمن استقلاله ونكفل له حصانته·· ومن هنا كان العدل هو الغاية الأسمى·· التي تعلو كل الغايات، وما شرع استقلال القضاء إلا لتحقيق هذه الغاية"·

"وتكمن ديمقراطية القضاء في ما ينص عليه الدستور في المادة 165 من أن جلسات المحاكم علنية إلا في الأحوال الاستثنائية التي بيّنها القانون·· على أن يكون النطق بالحكم في جميع الأحوال في جلسة عادية بما يكفل للشعب ممارسة رقابته الديمقراطية على أعمال القضاء· ويحث القاضي  على التزام العدل والقانون طالما أن أعماله وأحكامه تخضع فضلاً عن رقابة المحاكم الأعلى درجة لرقابة قد تكون أجدى وأقوى هي رقابة الرأي العام· وقد جاء قانون الجزاء تجسيداً لهذا المعنى فيما نص عليه في المادة 147 من إباحة نقد أحكام القضاء بكافة وسائل العلنية· بطريق القول أو الكتابة أو الرسوم أو الصور أو أي وسيلة أخرى من وسائل التعبير العلنية، إذا لم يجاوز ذلك حدود النقد النزيه الصادر عن حسن نية سواء تعلق النقد باستخلاص الوقائع أو تعلق بكيفية تطبيق القانون عليها· وإذا كان الأمر كذلك فإنه لا يمكن حرمان البرلمان وهو سلطة الرقابة الشعبية المنتخبة من هذا الحق الذي أباحه القانون للأفراد دون أن يؤثم فعلهم·· ومن هنا لم تكن علانية الجلسات شكلاً بغير مضمون بل هي الضمانة الحقيقية لديمقراطية القضاء من خلال ممارسة الأمة لرقابتها على أعمال القضاء مثل رقابتها على أعمال السلطة التنفيذية من خلال ممثليها في البرلمان ورقابتها على أداء السلطة التشريعية من خلال الانتخابات البرلمانية التي تجري كل بضعة أعوام ولعل ممارسة مجلس الأمة لحقه في نقض الإجراءات والأحكام القضائية هو أحد أدوات الممارسة لديمقراطية القضاء بديلاً عن التجارب التي تأخذ بها الدول الأخرى في ديمقراطية القضاء عبر انتخاب رجاله بمعرفة القاعدة العريضة للمواطنين أو بواسطة تجربة للحلفين"·

طباعة  

في ظاهرة جديدة على العمل السياسي في الكويت
نواب يدافعون عن المتهمين بسرقة المال العام

 
بسبب سلبية موقف مدير "التطبيقي" وحداثة عهد الوزيرة
ضغوطات لنقل معلمي الكادر العام الى "التدريب"

 
بعد أن عارضت حقوقها السياسية باستماتة
"حدس" تكتشف أهمية المرأة!!

 
من دون لجنة جرد وبلا تقييم لثمن المواد
"الإعلام" تحاول "تنظيف" مخازن محطة المقوع

 
بعد أن "رز" أحمد الفهد في حملة القدس
الطبطبائي يلتقي مدير "الرياضة" المستقيل قانوناً

 
ضربة "ساركوزي" الموفقة التي أوصلته إلى الرئاسة:
استثارة الخوف من المسلمين.. ومن في نظره "حثالة" و"رعاع"!

 
"الأدباء" توقف أنشطة "ورشة السهروردي"
 
مع كونداليزا رايس في واشنطن والقدس وراء الكواليس
هل تستطيع العمليات السرية انقاذ الوضع الأمريكي في الشرق الأوسط؟