Al - Talea
رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962
العدد 1867

مجلس الأمة يحمّل الحكومة مسؤولية "الإسكان"·· ويؤكد أن الإمكانات والبدائل متوافرة
السعدون: ما مصير مواقع "غرب السفر السريع" والعسكرية الوسطى والدائريين السادس والسابع؟

·       500 مليون دينار للبنية التحتية لدى "الرعاية الإسكانية" ما مصيرها؟

·       ما دور برنامج "الأوفست" وصندوق التنمية الكويتي في حل المشكلة؟

·       الجري: تكلفة المشاريع الإسكانية مبالغ فيها وغير صحيحة ولا دقيقة

 

كتب المحرر البرلماني:

لابد أن يكون للأربع جلسات التي خصصها مجلس الأمة على مدى الشهرين الماضيين تأثير إيجابي في اتجاه انفراج حدة أزمة الرعاية السكنية المزمنة في البلاد والتي كانت تمثل أولوية اهتمامات المواطنين منذ استقلال البلاد وحتى الآن·

وقد شخّص حقيقتها رئيس مجلس الأمة أحمد السعدون في كلمته في الجلسة الأخيرة عندما أشار إلى أن سبب المشكلة هو "مافيا احتكارات الأراضي" ومن تملك غالبية الأراضي السكنية فيها من دون وجه حق·

 

طبيعة النقاش

 

وطرح النواب في مداخلاتهم عدة بدائل  فيما يتعلق بالتمويل وتوفير الأراضي الصالحة للإسكان ولكن حالة النقاش والحوار والحلول للمشكلة الإسكانية وصلت بين السلطتين التنفيذية والتشريعية إلى حالة "حوار الطرشان" الفعلية فالحكومة تتحدث في وادٍ والنواب في وادٍ آخر··، والحقائق مغيبة عن المواطن الذي ينتظر الرعاية السكنية، فلا الحكومة قادرة على مصارحة المواطنين حول إمكاناتها وقدرتها على تنفيذ قوانين الرعاية السكنية حتى يعلم ويحدد خططه لتوفير المسكن الملائم له ولا النواب قادرون على اجبارها بالبوح بحقيقة نواياها تجاه هذه القضية·· فالحكومة في مجلس التخطيط الأعلى تتبنى دراسات تشير إلى عدم امكانيتها الاستمرار في تقديم الرعاية الإسكانية بالشكل الحالي، وفي داخل مجلس الوزراء هناك حديث عن هذا التوجه ولكن الحكومة لا تستطيع أن تحدد هذا الموقف علنا، وتعجز عن بلورة موقف واضح ليعرف المواطنون ما  توجهاتها، وهو الأمر الذي يبين عجزها عن تولي مسؤولياتها·

فليس من العدل إطلاقا أن نجعل الشباب اليوم يتوجه ليسجل اسمه في طوابير الرعاية السكنية والحكومة لديها قناعة أنها لن تستطيع توفير المسكن بالمواصفات الحالية من دون مصارحة لأن من سيحصل على مسكن بمساحة أقل عليه أن يهيىء نفسه من اليوم من حيث عدد أفراد الأسرة وغيرها، وليس من العدل أيضا أن نقول لمن في قائمة الانتظار منذ 15 عاما في سنوات 85 ،86،87، اليوم "لا والله" لا يوجد سكن  بالحجم الذي تقدمت به في تلك الفترة·

 

مصارحة الحكومة

 

ولذلك فإن المطلوب هو المصارحة بين الحكومة والمواطنين وتفريغ طابور الرعاية السكنية إلى شرائح ، وعلينا أولا إنهاء الطلبات القديمة مثلا حتى نهاية الثمانينات بتوفير الرعاية السكنية ونبدأ بعد ذلك بالأسر الجديدة التي يمكنها أن تتلاءم مع البدائل التي تتحدث عنها تقارير مجلس التخطيط الأعلى والتي تتداولها الحكومة ولكنها لا تعلن صراحة للمواطنين  عن نيتها تجاهها وهو موقف مضلل، يضلل الشباب ويجعلهم يعتقدون بأن الأمور تسير كما هي وأن الحكومة تتبنى سياستها الإسكانية التقليدية ، ولذلك فإن النواب لا يستطيعون أن يتجاهلوا قضايا المواطنين، ولدينا هنا استقصاء لإدارة قياس الرأي العام بمجلس الأمة جاءت نتيجته بأن مشكلة الإسكان تحتل الأولوية لدى المواطنين ·

ولنؤكد فقدان أسس المناقشة السليمة لهذه القضية واثبات حالة حوار الطرشان فيها هو التناقض الصارخ بين ما تطرحه الحكومة والمجلس، حيث إن هناك تناقضا واضحا في بيانات الوزراء، فمثلا بيانات بلدية الكويت تشير إلى  تسليم عدد من المواقع ووزير الإسكان يؤكد أن الإعداد مختلفة كما أوضح مقرر اللجنة النائب د· حسن جوهر، وكذلك في بيان وزير الإسكان جاسم العون وفي الفقرة "خامسا" من تقريره حول معوقات تنفيذ المشاريع الإسكانية يشير إلى أن بلدية الكويت سلمت مواقع في مناطق بعيدة عن المواقع الحضرية والتي يستلزم استصلاحها ميزانيات ضخمة كمناطق "عريفجان والخيران" وهو ما يوضح غياب القدرة على التنسيق بين الأجهزة الحكومية ذاتها·

وكذلك نجد إشارات ومطالب من النواب لاستصلاح الأراضي ما بين الدائريين السادس والسابع والحكومة تتحدث عن عريفجان والخيران وأمغرة وهذا الأمر يؤكد عدم وجود حد أدنى من التلاقي في الطراح·

 

مشاكل مالية

 

وإذا تحدثنا عن التمويل المالي للمشاريع نجد أن التقرير نفسه يشير في صفحة "20" منه إلى اقرار الحكومة بعدم مواجهتهم لأي مشاكل مالية في التمويل لإنجاز المشاريع الإسكانية وذلك في اجتماع رسمي للجنة بتاريخ 19 مارس 1997·

ونجد إشارات وتصاريح حكومية بأن إنجاز المشاريع الإسكانية والبنية التحتية تتكلف 8 مليارات دينار بينما يؤكد رئيس لجنة دراسة ومتابعة برنامج الحكومة النائب وليد الجري في كلمته حول القضية الإسكانية أن البيانات المتوافرة لديه تؤكد أن التكلفة أقل من ذلك بكثير ، ويشير إلى أن الحكومة خلال 25 عاما أنفقت 1.9 مليار دينار على الرعاية السكنية من قيمة دخلها طوال تلك الفترة والتي بلغت  الايرادات النفطية منها فقط 80 مليار دينار ·· وكما أشار كذلك رئيس مجلس الأمة أحمد السعدون إلى أن هذه التكلفة غير صحيحة لأن هناك تجميع للمشاريع حتى عام 2015 وتقدير تكلفة عالية لها·

وكذلك نجد تعهدات حكومية بتنفيذ مشاريع في برنامج عملها "1996 - 2000" لم تنفذ خلالها وهي مشاريع جليب الشويخ "5100" قسيمة وجنوب الجهراء "3884" قسيمة وجنوب الدوحة "1802" قسيمة وذلك تطبيقا للقانون رقم 27 لسنة 1995، وهو الأمر الذي يزيد من الشكوك والتضارب في توجهات الحكومة تجاه هذه القضية·

 

تشعبات القضية

 

وبصورة عامة فإن المشكلة الإسكانية لها تشعبات وسرد تاريخي طويل إثر إصدار القانون رقم 47 لسنة 1993 الذي شاركت في إصداره الحكومة ولم تعترض عليه وكذلك القانون رقم27 لسنة 1995، وكذلك فإن لهذه القضية جوانب تتعلق بالمتنفذين والمحتكرين الذين يستفيدون من استمرارها وعليه نجد أن قضية الإسكان متداولة بشكل كبير في  مجالس الأمة كافة منذ الفصل التشريعي الأول·

ولكننا اليوم بحاجة للصدق مع المواطنين وأن تتكلم الحكومة بصوت موحد عن توجهاتها وقدراتها تجاه توفير الرعاية السكنية للمواطنين بعيدا عن عملية إلقاء المسؤولية من كل وزير على الوزير الآخر، فنحن أمام مسؤولية خطيرة لأن تجارب معظم الدول التي لم تواجه المشكلة بجدية وصراحة منذ بدايتها فكان لها انعكاسات خطيرة اجتماعيا وخصوصا على الأسرة وحتى  على المستوى الأخلاقي ومعدلات الطلاق والزواج واستقرار المجتمع·

 

بدائل التمويل

 

ويمكننا أن نلخص البدائل التي تقدم بها النواب فيما يخص جانب التمويل لبناء البنية التحتية للمشاريع الإسكانية والقروض السكنية بالاستفادة من القطاع الخاص في هذا الجانب بشكل موسع وتعديل التشريعات لتتواءم مع دور أكبر في هذا الجانب ، كما أشار العديد من النواب إلى ضرورة الاستفادة من المبالغ المتحصلة من نظام "الأوفست" فيما يخص العقود التي تبرمها الدولة والتي قدر بعض النواب قيمة المبالغ المتحصلة من هذا النظام بما يزيد عن المليار دينار، كما أشار النواب إلى أن هناك 500مليون دينار لدى المؤسسة العامة للرعاية السكنية للبنية التحتية للمشاريع الإسكانية لم تستغل سوى 200 مليون دينار منها حتى الآن ، كما كان لمداخلة النائب عبد الوهاب الهارون بخصوص استحداث نظام المبادلة للقطاع الخاص عن طريق تكليفه باستصلاح بعض الأراضي ثم تكليفة بتوزيعها انطباع جيد حيث إن هذا النظام معمول به في دول خليجية عدة·

فيما أشار رئيس المجلس أحمد السعدون وعدد من النواب إلى دور صندوق التنمية الكويتي في حل المشكلة الإسكانية عن طريق استثمار جزء من رأس ماله لهذا الغرض داخل البلاد بعد تعديل قانون إنشائه خصوصا أن هناك مبلغ مليار و 200 مليون دينار يمكن استثمار جزء  منهامحليا·

 

مصير مواقع الإسكان

 

أما فيما يخص توفير الأراضي فقد انتقد معظم النواب الدور السلبي لبلدية الكويت بهذا الجانب واصرارها على تخصيص مواقع بها الكثير من العوائق مما يؤدي لعرقلة إنجاز المشاريع السكنية، وكانت لتساؤلات الرئيس أحمد السعدون حول مصير المواقع غرب طريق السفر السريع والمنطقة العسكرية الوسطى والأراضي الواقعة ما بين الدائرين السادس والسابع علامات استفهام كبرى خصوصا أن هذه المواقع توفر عشرات الآلاف من الوحدات  السكنية القريبة من الخدمات العامة بأنواعها كافة وهي التساؤلات التي يستوجب أن ترد عليها وتوضحها الحكومة في الجلسة التي سيخصصها مجلس  الأمة في السادس من شهر أبريل المقبل لمتابعة اجراءات الحكومة لتنفيذ وحل المشكلة الإسكانية والقوانين الصادرة بشأنها·

طباعة