رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 16 ربيع الأول 1425هـ - 5 مايو 2004
العدد 1626

اللوبي الصهيوني في أمريكا يمارس الإرهاب الفكري ضد الإعلام:
ممنوع قول الحقيقة في ممارسات إسرائيل ضد الفلسطينيين

                                                  

 

·         انتقاد إسرائيل يقود الى الاتهام بمعاداة السامية ثم الطرد من الوظيفة فالتهديد بالموت

·         خرق الجدران والتقدم من منزل الى منزل·· تكتيك استخدمه النازيون في الحرب العالمية الثانية

·         ما حقيقة شبكة التجسس الإسرائيلية التي اعتقلت في نيويورك بعد ساعات من وقوع هجمات 11 سبتمبر؟

 

بقلم دينيس بيرنيشتاين:ü

لقد أصبحت الأمور مكشوفة الآن، فأي صحافي أمريكي أو كاتب عمود أو محرر أو أستاذ جامعي أو طالب ناشط أو مسؤول عام أو رجل دين يجرؤ على توجيه الانتقاد لإسرائيل أو نقل تقارير دقيقة عن الممارسات الوحشية لسلطة الاحتلال غير الشرعية، سيوجه له الاتهام بأنه معاد للسامية من قبل اللوبي الإسرائيلي القوي في الولايات المتحدة وأنصاره، وكل من يجرؤ على قول الحقيقة بشأن الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني لن يتعرض للقدح فحسب، بل إن الكثيرين تلقوا تهديدات بالقتل، وسرح بعضهم من وظائفهم وطردت عائلات البعض من بيوتهم، وهناك من يبذل كل جهد من أجل إسكات مثل هذه الأصوات وخنق أي نقاش حول ما ترتكبه إسرائيل من فظائع بحق الشعب الفلسطيني·

ولدى المدافعين عن إسرائيل أسلوب خاص في الانتقام لليهود الذين لا يؤيدون سياسة الأرض المحروقة التي ينتهجها رئيس الوزراء أرييل شارون حيث سيتهمون كل من ينتقد إسرائيل بأنه معاد للسامية، فمثلا آدم شابيرو ينحدر من عائلة يهودية، لكنه عضو في "حركة التضامن الدولية" مع الشعب الفلسطيني ويعمل في الضفة الغربية منذ سنوات عدة، وهو يعمل بصفته ناشطا في مجموعة "جذور السلام" مع اليهود والفلسطينيين من أجل خلق تفاهم أفضل بين الجانبين·

 

أبواب جهنم

 

ولكن انفتحت على شابيرو أبواب جهنم في التاسع والعشرين من مارس 2002 حين انتهز فرصة نادرة للحديث مع شبكة "سي· إن· إن" وذكر بعض الحقائق البغيضة للاحتلال الإسرائيلي وذكر الناس بأن الولايات المتحدة هي التي تحول هذا الاحتلال من أموال دافع الضرائب الأمريكي، فقد وجد شابيرو نفسه محاصرا في مقر ياسر عرفات في مدينة رام الله حين هاجمته القوات الإسرائيلية، وصرح شابيرو للشبكة الإخبارية الأمريكية من داخل المقر المحاصر إن "حكومة شارون تعتذر أحيانا عن قتل مدني بريء، ولكنها لا تعتذر عن اغتصاب المدن وعن ارتكاب أعمال إرهابية ومداهمة المباني منزلا منزلا كما كان يفعل النازيون في الحرب العالمية الثانية حين كانوا يخرقون جدران المباني ويروعون الناس ويرتكبون أعمال القتل والاغتيال·· إنها حكومة إرهابية تمولها الحكومة الأمريكية بمبلغ يصل الى ثلاثة مليارات دولار سنويا كمساعدات عسكرية فقط، فطائرات الأباتشي وطائرات إف 16 والدبابات التي تلحق الدمار بالشعب الفلسطيني، كلها أمريكية"·

وقد جاء الرد على تصريحات شابيرو لـ "سي· إن· إن" سريعا وقاسيا، ففي الأول من أبريل، أطلقت صحيفة "نيويورك بوست" جام غضبها وهجومها على شابيرو وعائلته، فبين عشية وضحاها أصبح "طالبان يهودي" (نسبة الى حركة طالبان الأفغانية)، ووصمت عائلته بالخيانة، أي خيانة القضية الإسرائيلية، ووزعت القوى المناصرة لإسرائيل عنوان منزله على نطاق واسع وحوصرت عائلته بالشتائم والتهديدات·

وذكر شابيرو أن شقيقيه اللذين أعلنا عن تأييدهما له، أجبرا على ترك منزلهما في بروكلين وطلبا حماية الشرطة "وأبلغوا والدي الذي يعمل في التدريس في إحدى المدارس العامة في نيويورك ومدرسا (كدوام جزئي) في إحدى المدارس اليهودية، أنه مفصول من عمله في المدرسة اليهودية دون أي سبب"· ويقول شقيقه نوح "إننا نتلقى أنا ووالداي وشقيقي التهديدات بالقتل"·

 

شعار بوش

 

وهناك أيضا قضية ليفي ريغنبوم صالح المراسلة السابقة لصحيفة "جويش كرونيكل" في كينساس سيتي التي تعبر عن قناعتها بأنها فقدت وظيفتها لأنها تزوجت من شاب فلسطيني، وترفع الآن دعوى تمييز ضد الصحيفة، فقد كان مسؤولها يثني عليها ويمتدح عملها الى أن اكتشف أنها تزوجت فلسطينيا، تقول ريغنيوم لسوء الحظ أنني تزوجت وأبلغت مسؤولي عن هوية زوجي فسألني عن تهجئة الاسم، وفي اليوم التالي، استدعيت الى مكتبه وأبلغت بقرار فصلي من العمل"·

وقد تعرض الحاخام مايكل ليرنر مؤسس ورئيس تحرير مجلة TKKUN الذي يعتبر من أشد منتقدي الاحتلال الإسرائيلي، للهجوم والتهديدات بشكل متكرر، ويقول "إنني أتلقى التهديدات بالقتل كل يوم وتعرضت لهجمات مثيرة للاشمئزاز، ويتعرض أمريكيون للهجمات لمجرد إثارة التساؤلات أو عدم إبداء ما يكفي من الحماس لسياسات إسرائيل، فأنت تسمع شعار بوش من ليس معنا فهو ضدنا، مرات ومرات"·

ويقول ليرنر إنه يعرف حاخامات وأعضاء بارزين في الجالية اليهودية ممن يشعرون بالخوف من الإفصاح عن آرائهم حتى لا يواجهون الاتهام بأنهم يخونون إسرائيل" بل إن بعض الآباء اليهود يخوفون أبناءهم الذين يتساءلون "وماذا عن الفلسطينيين، لقد كانوا على تلك الأرض قبلنا"·

ويشير ليرنر الى أن القوى الموالية لإسرائيل عملت بشكل منهجي لمنع محرري الصحف ومنتجي المحطات التلفزيونية من استضافة أمثال شابيرو وليرنر في برامج لمناقشة الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني، ويقول إن "هؤلاء الناس يتصلون بوسائل الإعلام بشكل يومي، وحين يسمعون أن أحدا من أمثال ليرنر قد نقل عنه موقف كذا أو كذا في صحيفة لوس أنجلوس تايمز مثلا، فإنهم يتصلون برئيس التحرير والمحرر المسؤول وبكاتب المقالة بحيث يتلقى كل من هؤلاء ما بين 30-20 اتصالا يبدون شكواهم"·

 

هجمات شريرة

 

وبصفتي المضيف اليهودي لمجلة Flashpoints الإخبارية اليومية في محطة باسيفادا Pacifada Radio فإنني أعرف تماما ما يتحدث عنه ليرنر· لقد أوردنا تقارير مكثفة حول الممارسات القمعية والعنصرية الإسرائيلية في الضفة الغربية وغزة بما في ذلك برنامجها للتطهير العرقي ضد الشعب الفلسطيني وقد تعرضنا لهجمات شريرة بسبب تلك التقارير، وتلقيت بريدا إلكترونيا حافلا بالشتائم والاتهامات التي منها أنني شاذ جنسيا ويداي ملطختان بدماء اليهود وبأنني معاد للسامية·

وبالطبع، فإن اتهامي بمعاداة السامية على القدر نفسه من الدقة من وصف جورج بوش لشارون بأنه "رجل سلام" في أوج مجزرة جنين، ولم يشفع لي أن جدي ساعد الكثير من اليهود في الفرار من ألمانيا النازية والقدوم الى الولايات المتحدة وشاركته والدتي في توفير الأوراق الثبوتية لهؤلاء والأماكن للعيش، وكان خالي الدكتور بفايفر مستشارا خاصا للمؤتمر اليهودي الأمريكي·

ولا يعني ذلك شيئا بالنسبة للمدافعين عن إسرائيل حتى وهي ترتكب الفظائع ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية، فهم يعادون مجرد النقل الصادق للأحداث إذا كانت "تسيء" الى سمعة إسرائيل، فكلما زادت فظائع إسرائيل بشاعة زاد تصميمهم على قمع التغطيات الإعلامية لها·

 

سياسة الأرض المحروقة

 

خلال الغزو الإسرائيلي للضفة الغربية في مارس وأبريل 2002 أجرت مجلة Flashpoints أكثر من مئة مقابلة مع أناس في مسرح العمليات وتحدثنا مع أناس من داخل مقر ياسر عرفات المحاصر في رام الله ومع أناس في جنين بينما كانت الدبابات الإسرائيلية تشق طريقها داخل المدينة، وكنا نتحدث يوميا مع أناس من داخل كنيسة المهد التي كانت تحاصرها الدبابات الإسرائيلية في مدينة بيت لحم، وأتاحت لنا تلك المقابلات رسم صورة لما كان يحدث وسط إعلام أمريكي معظمه موال لإسرائيل ويرفض فضح سياسة الأرض المحروقة التي انتهجتها في الأراضي المحتلة، وبعد تلك التقارير تلقيت الكثير من الرسائل الإلكترونية والمكالمات الهاتفية التي تنضح بالكراهية والحقد مما لم أعهده طوال ما يزيد عن عشرين عاما من عملي الصحافي، وكان بعضها يمس الخصوصية ومحدد جدا ويهدف الى تدميري وإعاقة عملي"·

وقد جاءت الشهادة المثيرة للقلق على نحو خاص من شيفيس مور الأستاذ الجامعي الأمريكي في جامعة بيرزيت الذي تمكن من دخول مخيم جنين عقب اقتحام الدبابات وقصف طائرات الأباتشي أمريكية الصنع للمخيم، حيث قال مور: "رأيت الجثث ملقاة في أطراف المخيم وكانت رائحتها تملأ الأرجاء، لقد رأيت أناسا احترقوا حتى الموت بعد تعرض منازلهم للقصف بالصواريخ أو من جراء بعض أنواع المتفجرات التي ألقيت عليهم عبر الجدران·

وقد رأيت بعض الجثث التي احترقت بالكامل، والبعض الآخر كان لا يزال تحت الأنقاض، ولكن هذه الأنقاض لم تكن لمنازلهم التي هدمت فوق رؤوسهم فحسب، بل ركام جلبته فوقهم الجرافات التي دخلت عقب اقتحام المخيم وقامت بدفن الجثث بشكل عشوائي حتى أننا رأينا أشلاء الجثة الواحدة في أماكن متباعدةوهو الأمر الذي لم يكن ليحدث لو أنهم ماتوا تحت أنقاض منازلهم·

 

كراهية وتحريض

 

وبعد هذا التقرير مباشرة بعثت لي منظمة Adolthitler@ss.org رسالة إلكترونية مليئة بالسياسة والاتهامات لي بأنني "يهودي أكره نفسي، وبأن هتلر قتل اليهود لخطأ وأنه كان ينبغي أن يقتل والداي وما كان يجب ليهودي تافه مثلي أن يرى النور"، ويتمنون أن يتمكن الإرهابيون العرب من تقطيعي إربا مثل دانيال بيرل "في إشارة الى الصحافي في "وول ستريت جورنال" الذي قتل في باكستان قبل عامين وتم تقطيع أوصاله"·

كما تلقيت رسائل مشابهة من مواقع إلكترونية كثيرة مثل:homicidebomber@killajew.org 

و terror@plo.gor .  و danielpearl@wsj.com   وغيرها·

وتسدد إسرائيل وأنصارها أقسى الضربات لأولئك الذين تصل أعمالهم الى جمهور واسع، فليس هناك أي صحافي في الغرب ينقل الحقائق بصدق في الأراضي المحتلة أكثر من روبرت فيسك الحائز على الكثير من الجوائز والذي يعد التقارير من بيروت لصحيفة الإندبندنت البريطانية لقد تلقى فيسك مؤخرا تهديدا بالموت من الممثل في هوليود جون مالكوفيتش·

ففي مقالة له في الرابع عشر من مايو 2002، كتب روبرت فيسك مقالة بعنوان "لماذا يريد مالكوفيتش قتلي؟" قال فيه إنه طوال أكثر من 26 عاما من العمل في الشرق الأوسط، لم يتلق هذا الكم من الرسائل التي تحمل التهديدات لي· "فالكثيرون يطالبون بقتلي الآن، وفي الأسبوع الماضي، فعل ذلك الممثل جون مالكوفيتش الذي أبلغ اتحاد كامبريدج أنه يرغب في إطلاق النار علي، وسألت نفسي لماذا يحدث ذلك؟ فقد تحولت الكراهية الى تحريض، والتحريض الى تهديد بالقتل وأسقطت جدران اللياقة والقانون والشرعية، بحيث أصبح بالإمكان تشويه سمعة الصحافي وعائلته وتهديده بالقتل·

فها هو مالكوفيتش يقول إنه يريد قتلي دون أن يبدي الأسباب، وتأتي مثل هذه الأشياء المثيرة للاشمئزاز من أناس يقولون إنهم يدافعون عن إسرائيل"· وتلقى فيسك رسالة إلكترونية تزعم أن "والدتك هي ابنة الزعيم النازي ايخمان" ورد بالقول إن "والدتي التي توفيت بعد صراع طويل مع مرض باركنسون قبل سنوات كانت تعمل في سلاح الجو البريطاني في أوج الحرب عام 1940"·

وما من شك في أن هذه الهجمات هي نتاج لحملة منظمة وليست عمل مواطنين مستقلين عدة، فقد كتب الكاتب اليهودي في "نيويورك تايمز" والمؤيد القوي لإسرائيل فرانك ريش في الحادي عشر من مايو 2002، أنه يجري اتهام بعض الصحف بأنها مؤيدة للفلسطينيين لمجرد نقلها بعض ممارسات إسرائيل ضدهم، وأن هذه الصحف تشمل "التايمز" و"واشنطن بوست" و"لوس أنجلوس تايمز" و"شيكاغوتربيون" و"فيلادلفيا انكويرر" و"ميامي هيرالد" و"سكرامنتوبي" و"نايت لاين"، بل إن اللعنة طاولت صحيفة "فوروارد" اليهودية لأنها قبلت نشر إعلان ضد الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية·

وذكر الكاتب في "لوس أنجلوس تايمز" ديفيد شو إن المنظمات اليهودية الكبرى والمؤيدين الآخرين لإسرائيل في هذه البلاد أمطروا الصحف أخيرا بالاتهامات حول تقاريرها المنحازة (ضد إسرائيل)"· وقد أوقف ألف مشترك اشتراكاتهم في "لوس أنجلوس تايمز" لمدة يوم واحد احتجاجا على ما أسموه بالتقارير غير الدقيقة للصحيفة·

 

شركة وهمية

 

لقد أصبحت وسائل الإعلام الأمريكية، أكثر من أي وقت مضى، تتلقى الأوامر بشأن تغطياتها من إدارة بوش، وصاغ ما يسمى بـ "الحرب على الإرهاب" معظم تغطياتها، وتشن إسرائيل وأنصارها حملة شرسة من أجل إدخال ما تفعله إسرائيل بالفلسطينيين ضمن الحرب الأمريكية على الإرهاب، وفي الوقت ذاته، لكبح التغطيات حول الدوافع الحقيقية للعمليات الأمنية التي تقوم بها إسرائيل·

ولهذا السبب تختفي أنباء الآلاف من عمليات الهدم التي تنفذها إسرائيل ضد منازل العائلات الفلسطينية التي تمنح مهلة لمدة 15 دقيقة فقط قبل أن يصبح منزلها وما يحتويه مجرد ركام·

وما حجم التقارير التي تنشرها الصحف الأمريكية حول عمليات التوسيع المحمومة للمستوطنات غير الشرعية وكيف تستخدم هذه المستوطنات كقواعد متقدمة للجيش الإسرائيلي ولاعتقال واستجواب الفلسطينيين بصورة غير مشروعة·

وماذا عن كشف سياسات إسرائيل المتعلقة بالمياه التي تعتبر الموارد الحيوية الأهم في الشرق الأوسط، وكيف يسيطر عليها المستوطنون ويسيئون استخدامها، بينما يعاني الفلسطينيون من نقص كبير في مياه الشرب والري؟ وخذ على سبيل المثال، بعض الأنباء المتعلقة بالمياه والتي تجاهلتها أو منعت نشرها وسائل الإعلام الأمريكية الرئيسية·

لم تتعرض صحيفة "جويش فوروارد" فقط لأنها قبلت بنشر بعض الإعلانات المناهضة للاحتلال الإسرائيلي، بل لأنها نشرت نبأين متفجرين حول شبكات التجسس اليهودية في الولايات المتحدة وامتلاك هذه الشبكات أدلة حول هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001·

وأوردت "فوردارد" في نبأ لها أنه تم اعتقال اثنين من أفراد خلية مكونة من خمسة إسرائيليين في نيوجيرسي بعد ثماني ساعات على وقوع الهجمات في نيويورك وأن هذه الخلية كانت تابعة لجهاز المخابرات الإسرائيلي الخارجي "الموساد"، وقد اعتقلوا بعد أن أورد شهود عيان أن مجموعة من الرجال كانوا "يتصرفون بصورة غريبة" بينما كانوا يتابعون انهيار البرج التوأم من أعلى أحد المباني في نيوجرسي· ونقلت الصحيفة عن مسؤول سابق رفيع في المخابرات الأمريكية بأن "شركة URBAN MOVING SYSTEM التي كان يعمل لديها هؤلاء الرجال لم تكن سوى شركة وهمية لعملاء الموساد"·

وقد عثر معهم على مواد قد تثبت تورطهم لحظة اعتقالهم، ومواد أخرى في السيارة التي كانوا يستقلونها، وأوردت الصحيفة أنه "بالإضافة الى سلوكهم الغريب، تنامت الشكوك التي أحاطت بهم حين عثر على مبلغ 4 آلاف دولار نقدا في السيارة، وكان أحدهم يحمل جوازي سفر وكانت لدى شخص آخر صور حديثة لهم وهم يقفون أمام حطام مركز التجارة الدولي"·

 

جواسيس إسرائيليون

 

وفي نبأ آخر، أوردت صحيفة "فوروارد" تقريرا حول شبكة جواسيس إسرائيلية يعمل أفرادها - على سبيل التمويه - كطلاب وجامعي فنون، فوفقا لهذه الصحيفة الأسبوعية التي تصدر في نيويورك، ذكر تقرير أولي للاستخبارات نبأ اعتقال نحو مئة شخص معظمهم في كاليفورنيا وفلوريدا وتكساس·

وأشار التقرير الى أن هؤلاء الأشخاص حاولوا اختراق الكثير من المنشآت الحكومية بما فيها قاعدة تينكر الجوية TINKER في مدينة أوكلاهوما التي يتم فيها إصلاح طائرات التجسس من طراز "أواكس" AWACS، ويذكر التقرير أن معظم هؤلاء الطلبة الذين خضعوا للاستجواب اعترفوا أنهم يعملون في الاستخبارات العسكرية والتنصت الإلكتروني ووحدات صناعة المتفجرات·

وذكرت صحيفة "فوروارد" أن هذا التقرير اكتسب أهمية كبيرة ولفت الأنظار بعد أن نشرته صحيفة لوموند الفرنسية·

وأضافت "لوموند" في تقريرها أن "الجواسيس الإسرائيليين ربما كانوا يتابعون نشاط تنظيم القاعدة في الولايات المتحدة دون إبلاغ واشنطن، وأشارت لوموند الى أن ثلث الإسرائيليين الذين خضعوا للاستجواب كانوا يعيشون في فلوريدا التي كانت تشكل القاعدة الموقتة لعشرة على الأقل من أعضاء المجموعة التسعة عشر الذين نفذوا هجمات 11 سبتمبر، وقالت "لوموند" إن هذه العناصر تدعم فرضية أن إسرائيل لم تقل لواشنطن كل ما كانت تعلمه بشأن التخطيط لتلك الهجمات· ولكن أين سيقود كل ذلك إذا كرست صحيفة ما موارد حقيقية لمتابعة مثل هذه الفرضية؟

في ذلك الوقت، كشفت بعض التقارير عن وجود قوات أمريكية في إسرائيل في أثناء الهجوم على مخيم جنين من أجل تعلم تكتيكات حرب المدن واستخدام الجرافات من أجل التقدم من منزل الى منزل·

في الحادي والثلاثين من مايو 2002 ذكرت صحيفة مارين كوريس تايمز الأسبوعية أنه في حين كانت إسرائيل تشن حملتها الوحشية التي يصفها البعض بالإجرامية لسحق المقاومة الفلسطينية في الضفة الغربية، كان مسؤولون عسكريون أمريكيون يبحثون في إسرائيل عما يمكن أن يتعلمونه من حرب المدن·

وليس واضحا بعد ما إذا كان مسؤولو البنتاغون قد حضروا الى ميدان المعركة في جنين أم لا، لكن المؤكد أنهم كانوا في إسرائيل لتسجيل الملاحظات الأمر الذي يدحض أي ادعاء بأن أمريكا طرف محايد في الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني، وهذا ما تجاهلته وسائل الإعلام الأمريكية·

وبعد أسابيع عدة على مجزرة جنين، زار مسؤول رفيع في الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية واشنطن ليشهد تدريبات المارينز على التكتيكات الجديدة لحرب المدن ونقلت صحيفة marine corps times عن الكولونيل ديف بوث الذي يشرف على تبادل الخبرات بين المارينز وجيش الدفاع الإسرائيلي قوله "نحن مهتمون بما يطوره الإسرائيليون، وخاصة بعد 11 سبتمبر، ونريد أن نتعلم منهم وسائل مكافحة الإرهاب"·

 

تطهير عرقي

 

ويمكن أن تكتب مجلدات عن الأنباء التي تغفل وسائل الإعلام الأمريكية عن تغطيتها، مثل تخصيص الكونغرس مساعدات لإسرائيل تصل الى 200 مليون دولار إضافية في أعقاب مجزرة جنين، ولم يتساءل أحد عنها، وفي هذه الأثناء، يتم إعطاء السياسيين والكتَّاب من الجناح اليميني والناطقين باسم إسرائيل ومناصريها منبرا للحديث عن حل مشكلة إسرائيل مع الفلسطينيين والإسهاب في طروحات تتراوح بين القتل الجماعي لعائلات الأصوليين المشتبه فيهم أو منفذي العمليات الانتخابية الى اغتيال ياسر عرفات، وقد دعا زعيم الأغلبية في مجلس النواب ديك آرمي (جمهوري من تكساس) الى التطهير العرقي للفلسطينيين وهو الأمر الذي يجري الحديث عنه على نطاق واسع في إسرائيل ويطلق عليه اسم "ترانسفير"·

ففي مثل هذه الأجواء يصبح ما هو غير معقول، مقبولا تماما، وخذ على سبيل المثال ناتاني لوين المناصر القومي لإسرائيل الذي كتب مقالة في الفترة الأخيرة يدعو فيها إسرائيل ليس فقط الى اغتيال الناشطين الفلسطينيين، بل عائلاتهم أيضا، وقال "ماذا لو أن إسرائيل والولايات المتحدة من الآن فصاعدا اعتبرت أن كل مفجر انتحاري قد جلب والديه وإخوانه وأخواته الى مكان الانفجار؟ يجب على الانتحاريين أن يعرفوا أنهم يأخذون معهم ليس فقط حياتهم وحياة أناس لا يعرفونهم، بل حياة والديهم وأشقائهم وشقيقاتهم أيضا"··

وبالرغم من التكتيكات الشريرة لأنصار إسرائيل، يقول الفلسطينيون وأنصارهم في الولايات المتحدة إنهم لن يستسلموا ولن يتراجعوا، وينظر كثيرون من أعضاء "حركة التضامن الدولية" لأنفسهم بأنهم يأخذون على عاتقهم حماية تقاليد الحقوق المدنية لحقبة الستينات أو أنهم يتبعون خطى لواء إبراهام لينكولن الذي ذهب أعضاؤه الى أسبانيا لمقارعة فرانكو وحزبه الفاشي في الثلاثينات من القرن الماضي، ويقولون إن شيئا لن يخيفهم لا إسرائيل ولا حلفاءها وأنهم سيقفون الى جانب العدالة باستمرار كما فعلوا حين وقفوا الى جانب السود في ولايات الجنوب في الستينات من القرن الماضي·

وتقول باربرة لوين مؤسسة "تحالف أطفال الشرق الأوسط" التي تدعم بناء المراكز الثقافية والعيادات الطبية والملاعب في فلسطين المحتلة "سأقف ضد هذا الاحتلال الوحشي حتى أموت، وفي كل مرة ينسف الإسرائيليون ملعبا أو مركزا أو عيادة سأعود لبنائها مرة أخرى ولو بيدي العاريتين إذا لزم الأمر"·

ومقابل كل رسالة إلكترونية تهددني بالموت لتغطياتي لأحداث فلسطين، أتلقى خمسة رسائل تأييد، وتأتيني هذه الرسائل من يهود ومسلمين ومن مختلف الأعمار والجنسيات والأطياف السياسية، وقد كتب لي أستاذ جامعي في جامعة كاليفورنيا يقول: "عزيزي دينيس·· لا أعرف كيف أشكرك إنني أبكي كل يوم وأشعر بغضب عميق حينما أشاهد التقارير المرعبة من الضفة الغربية"·

وكتبت لي فتاة أمريكية تقول إن Flashpoints قد ألهمتها للانضمام للناشطين المدافعين عن الشعب الفلسطيني، وتضيف "إنني أشعر بالخوف والاستياء من سياسة الولايات المتحدة المؤيدة لغزو وتدمير فلسطين، كما أشعر بالقلق من تشويه الحقائق والصمت في الصحف ووسائل الإعلام الأمريكية الأخرى"·

 

اعتقاد واهم

 

وكتبت لي شابة مسلمة تقول: "بعد أن سمعتك للمرة الأولى في الراديو وعلمت أنك يهودي شعرت تجاهك بالاحترام كونك تقوم بمد الجسور بين المسلمين واليهود، وهذا أعطاني الأمل بوجود الكثيرين مثلك وبأن المسلمين واليهود والمسيحيين يمكنهم التعايش معا بسلام·

وكتب شاب يهودي رسالة في صحيفة "جويش بوليتين" التي تصدر في شمال كاليفورينا، قال فيها: "لقد نسف شارون والى الأبد، القاعدة الأخلاقية والمعنوية لليهود باعتبارهم الضحايا الرئيسيين للمجازر من خلال الاعتقاد الواهم بأن من الممكن قهر الشعوب وإجبارها على الاستسلام، ولا يمكن لوحشية شارون أن تنجح، وسوف تزيد مقاومة الفلسطينيين لأنه لم يبق لهم ما يخسرونه، ولن تنعم إسرائيل بالسلام ما لم تعيد الأراضي المحتلة الى أصحابها، ويجب أن يتمتع يهود أمريكا بالحكمة ويمارسوا الضغط على إسرائيل كي تنسحب من الأراضي المحتلة، وينبغي إلا يمنحوها تأييدا أعمى دون انتقاد سياساتها الخاطئة"·

وعلي الرغم من كل الجهود التي تبذلها إسرائيل وحلفاؤها الأمريكيون للتضليل وإخفاء الحقائق، إلا أن مزيدا من الأعين أخذت تتفتح على وحشيتها، وبدأ المزيد من الناس يتساءلون: ما الذي يحدث في الشرق الأوسط؟ ولماذا يقاوم الفلسطينيون بكل هذا العنف؟ وما الدور الذي تلعبه الولايات المتحدة في المنطقة؟

 

" المصدر: كونفيرت أكشن كوارترلي

Convertaction Quarterly "

 

ü منتج ومقدم برامج في المجلة الإخبارية Flashpoints في شبكة Pacifica في بيركلي وهيوستن، حائز على الكثير من الجوائز في مجال التحقيقات الصحافية وهو مختص في التغطيات المتعلقة بالأمن القومي الأمريكي وقضايا حقوق الإنسان·

 

----------------------------------------------------

الموضوعات المترجمة تعبر عن آراء  كتابها

إشراف: صالح أحمد النفيسي

saleh@taleea.com

طباعة  

النص الكامل لرسالة الدبلوماسيين البريطانيين لرئيس الوزراء توني بلير:
لا مبرر لتأييدك سياسات أمريكية محكومة بالفشل في العراق وفلسطين