رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 23 ربيع الأول 1425هـ - 12 مايو 2004
العدد 1627

وتــد

A+

 

نشمي مهنا

إن كنت صاحب ضمير ميِّت: قد تسرق مالا فتحس بغناك، قد تغوي امرأة فتصبح نصفك، قد تضع يدك على أرض فتُسجل من أملاكك، فالمال والأرض بلا ملامح دالة (إن أتقنت السرقة ودفنت آثارها أو زوّرت أوراقها)، فكل المال ورق وكل الأرض تراب، والمرأة المخدوعة كذلك، لأنك محوت قلبها، وزرعت عواطف مزيفة، لكن كيف لك أن تنجو بسرقة قصيدة، تحمل تجاهها - إن خلوتما - إحساسا بالنقص، وتفضحك هي بدماء ليست من أوردتك، ولا من فصيلة كريَّاتك الباردة!

حدثني مرة صديق وهو شاعر تونسي معروف عن سر يكتمه منذ سنوات بعيدة، يقول إن له نصا شعريا كان قد نشر في إحدى الصحف بتاريخ محدد ذكره لي، استنسخه أحد الشعراء الكبار المعروفين، ونشره في إحدى مجموعاته الشعرية الصادرة بعد سنوات من نشر صاحبنا للنص!

تذكرت هذه الحادثة وحكاية هذا الصديق قبل أيام، في أثناء قراءتي لتصريح الشاعر الأردني إبراهيم نصرالله، واتهامه لسعدي يوسف بسرقة قصيدته، وعلى هامش التصريح أيضا، اتهام محمود درويش بسرقة نص أمجد ناصر "أحد عشر كوكبا"·

في حياتنا الثقافية العربية توجد سرقات علمية وأدبية كثيرة، كشفت الصدف بعضها وغاب عنا الكثير، لكنها ما زالت مستمرة خِفْية أو فضيحة· أما هذه "الحادثة" التي انقلبت على رأس نصرالله فلا نجزم بتسميتها "سرقة" أو بنوايا مبيتة منه، وإلا لما أثارها هو نفسه على نفسه، لكن قد نجد له عذرا في خيانة الذاكرة وغياب المتابعة بعد أن كتب نصه متأثرا بالتأكيد بنص سعدي، أو نصوص أخرى مشابهة، فكل شعرائنا العرب الذين تناولوا "أمريكا" نبشوا جثة والت ويتمان، ورفعوه على صليب قصائدهم لإدانة أمريكا، والأكثر غرابة أن يتشابهوا في وصف لحيته الكثة، كقصيدة الشاعر الفلسطيني الراحل محمد القيسي الذي استعاد صورة ويتمان أيضا في موضوع العراق، فتطابقت: الصور والتشبيهات والموضوع عند القيسي وسعدي ونصرالله، وهذه "عادة ثقافية عربية" أن تنتقي رمزا أجنبيا وتضع على كتفيه ما لا يحتمل، أو ما لا يقبل به لو كان حيا، كما فعلنا مع لوركا حينما شوهنا شعريته واقتصرناها على "الوطني"·

وكذلك في الفلسفة والفنون والعلوم·

غير بعيد عنا زيارة جاك دريدا للقاهرة، حينما فاجأ حضوره من النقاد العرب بقوله إن جميع ما يتحدثون عنه من شرح لنظرياته في النقد·· لا يعرف عنها شيئا·· هي من تخيلاتهم وفهمهم الشاطح فقط!

قد يجرؤ شاعر ما على سرقة كتاب من مكتبة عامة، لكن من يجرؤ على سرقة قصيدة ويضمنها ديوانه، وهي كالدم الفاضح، لا يقبل الاختلاط بأوردة تحمل فصائل دماء أخرى؟!

بل، حتى لو كانت من نفس فصيلة الدم، لا تقبل، فللدماء روائح خاصة، وحرارة، وصدق·

 

nashmi@taleea.com

طباعة  

من سارق شتيمة أمـريكا؟!
نصرالله يتهم سعدي يوسف بسرقة قصيدته ·· ثم يعتذر بعد اكتشاف الحقيقة المرة!

 
"الظاهر والمستور في كتاب ربات الخدور"
المفتي: "حسن العواقب" لزينب بنت فواز أول عمل روائي في الثقافة العربية المعاصرة·· لا "زينب" هيكل!!

 
فتحية حسين "قراءة في الصحافة الكويتية" خلال شهر واحد
 
خبر ثقافي
 
المرصد الثقافي