رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 21 ربيع الآخر 1425هـ - 9 يونيو 2004
العدد 1631

التقرير الاستراتيجي الخليجي 2004 – 2003
أوضاع الشباب في دول الخليج··· الثماني

                                                                                  

 

·         معظم منظمات الشباب في دول مجلس التعاون غير مسيسة وحالة الانكسار سائدة

·         الشباب الإيراني خضع لأربع مراحل والعراقي أسير طروحات مذهبية

·       شباب الخليج مرتاحون ماديا ولا يتعاطون  السياسة لأنها من المحرمات وهم في انتظار المكرمات

·         تنظيم "القاعدة" جذب فئات عديـدة من الشباب·· ومرشد إيران يستطيع تجنيد 10 ملايين لتظاهرة

·         نصف سكان الخليج دون سن العشرين والشباب السلفي متأثر بحماية "الثغور" وليس الدولة الوطنية

 

الشباب في دول الخليج  2004 -2003

 

إعداد الباحث: معتز سلامة

الناشر: التقرير الاستراتيجي الخليجي - وحدة الدراسات في دار الخليج للصحافة

عرض: مظفر عبدالله

 

ربما لا يعلم الكثيرون منا حجم المجتمع الشبابي في دول منطقة الخليج، وكلمة الخليج هنا تشمل بالإضافة الى دول مجلس التعاون الخليجي كلاً من إيران والعراق بحسب التصنيف العلمي الذي يتبناه التقرير الاستراتيجي الخليجي الصادر عن دار الخليج للصحافة والطباعة والنشر·

عدد سكان هذه الدول مجتمعة بحسب دراسة "الشباب في دول الخليج" للباحث معتز سلامة التي جاءت ضمن دراسات قيمة عن المنطقة في التقرير الاستراتيجي الخليجي 2003 - 2004، يبلغ 127 مليون نسمة تقريبا (اعتمادا على تقديرات سي آي إيه لسكان إيران عام 2003 بنحو 68 مليوناً)، وتقتسم شريحة الشباب نسبة %50 من إجمالي العدد المشار إليه، اعتمادا للتصنيف العمري من 15-25 سنة وهنا نقف أمام ما يسميه البعض بالقنبلة الديموغرافية كتحد سكاني·

 

معدلات النمو

 

تأتي عمان والكويت والسعودية على رأس الدول الخليجية من حيث معدل النمو السكاني حيث تتجاوز نسبة %3 لكل منهما، فيما تقف إيران عند نسبة %0,7 ويتوقع أن يصل تعداد السكان في دول الخليج الى 183,1 مليون نسمة بحلول عام 2025، ويتوقع أيضا أن يصل تعداد السكان في السعودية - بصفتها الأعلى في الزيادة السكانية - الى 41,5 مليون للعام المذكور، وتحمل هذه الأرقام حاجات كثيرة كالصحة والتعليم وفرص العمل والزواج وتكوين أسرة لنصف تعداد سكان دول المنطقة، فكيف سيتم ذلك؟

وتختلف دول الخليج بعضها عن بعض من حيث نسب التوزيع العمري حيث تصل نسبة من هم أقل من 30 سنة في السعودية إلى %73,3، ثم إيران %68,8، فعمان %65,9، فالبحرين %55,3، فالإمارات %54,7، ثم الكويت %51,9 أما بالنسبة إلى العراق فبحسب تقديرات (سي آي إيه) فتصل نسبة السكان ممن هم بين 0-14 فقط الى نحو %40,7 من إجمالي السكان وهي تعني أغلبية كبيرة من السكان·

 

البطالة

 

تسبب البطالة عبئا إضافيا على الشباب خاصة بعد تدافع القوى العاملة الوافدة للقوى العاملة المواطنة، وطبقا لإحصاءات سنة 2001 فقد بلغت إجمالي القوى العاملة في البحرين 181,200 مقابل 127,200 للقوى العاملة الوطنية، فيما تبلغ نسبة العمالة الوافدة %58,7 مقابل %41,3 للعمالة الوطنية·

وفي عمان تصل العمالة الوافدة الى 557,160 بينما العمالة الوطنية 147,700  بنسبة %21 للعمالة الوطنية، أما الكويت فتشير الأرقام الى نسب أكثر تدن حيث العمالة الوطنية 238,200 من إجمالي العمالة البالغ 1,214,300 ما يعني أن نسبة العمالة الوطنية تصل الى نسبة %19,6·

وفي قطر تصل القوى العاملة الى 322,910 ونصيب العمالة الوافدة منها 276,830 ما يعني أن نسبة العمالة غير الوطنية تبلغ %85,7، أما السعودية تصل العمالة الوطنية الى النصف من إجمالي العمالة البالغ 3,060,100 نسمة، أما دولة الإمارات فإن الأرقام غير متاحة حيث تدرج الإحصاءات المواطنين وغيرهم معا دون تمييز·

وبالمقارنة بين دول الخليج من حيث نسب البطالة فتأتي الأرقام بالتسلسل التالي:

العراق %50، إيران %16,2، عمان والسعودية %10، الإمارات %8، البحرين %5، الكويت %1,3· وهذه النسب تعبر عن البطالة العامة، لكن البطالة داخل قطاع الشباب تفوق هذه النسب بكثير فهو يقترب من %28,4 في إيران (يوليو 2003)·

أما دول الخليج الأخرى كالبحرين والكويت وعمان فإن معدلات النمو في البطالة تزداد بنسب أعلى من معدلات الزيادة في قوة العمل، وإن كانت البطالة ليست مطلقة بدليل استيراد هذه البلدان للعمالة الوافدة بشكل مستمر، لكن الأمر مرتبط في جزء كبير منه بتفضيل العمالة الوطنية لمهن محددة وإن كانت هذه النظرة قد طالها التغيير بسبب توسع القطاع الخاص وتقديمه برامج تدريبية، وإلزام حكومات الدول الشركات الكبرى لديها بضرورة توظيف نسب محددة من المتعلمين والخريجين ولا تزال دول مجلس التعاون تنهض بمسؤوليات محددة إزاء مواطنيها في ظل استمرار عوائد وريع النفط، لكن قدرتها على الإنفاق أصبحت أقل مما كانت عليه في العقود السابقة·

 

التفاعل مع القضايا السياسية

 

تختلف كل من العراق عن إيران ودول الخليج الأخرى في تفاعل قطاع الشباب فيها مع القضايا السياسية المفروضة في مجتمعاتهم·

في العراق مثلا لم تتكون حركة شبابية بالمفهوم السياسي فقد أدى الطموح العسكري للنظام العراقي السابق الى دخول كم هائل من الشباب في الجيش الذي أضفى عليهم نمطاً من التنشئة المبنية على التلقين الأيديولوجي والتخطيط المركزي للدولة ونمط السلطوية والقيادة المحكمة وهو ما أدى الى توليد نمط من الشباب مجند ومعبأ سياسيا تجاه شعارات النظام، كما أن الحروب المتتالية ولدت نمطا حياتيا واجتماعيا داخل الأسر العراقية ففي ظل غياب الزوج نشأ ما يسمى بنمط "الأم العاملة"، وتحمل الصغار مسؤولية دخول السوق مبكرا خاصة في السنوات من 1980-1988 وفترة الحصار الممتدة من 1991 وحتى 2003·

أما في إيران فلم تفِ الثورة الاجتماعية والكم الشبابي بمتطلبات وطموحات الشباب وذلك بسبب الزيادة السكانية الهائلة وتقلص قدرة الدولة على توفير فرص العمل، لكن إيران أولت أهمية خاصة للشباب وربطتها بخطط تنمية على مستوى الدولة·

وقد تم إعداد الخطة القومية للحوار بين الشباب والسلطات عام 2000، وكان الرئيس خاتمي نفسه جعل من قطاع الشباب جزءا مهما من المشهد الإيراني من خلال حديثه عنهم باستمرار·

على صعيد دول الخليج الأخرى، فقد لوحظ أن المطالب السياسية ليست مطالب شبابية بالأساس، بل هي مطالب الفئة الأكبر سنا والأكثر نضجا، ويصعب التعرف على مقدار الثقافة السياسية التي يحظون بها، والأغلب أنهم لا يحظون بقدر وفير من الثقافة السياسية بحسب استطلاع أجرته وحدة الدراسات في دار الخليج حول (اتجاهات شباب الإمارات للعام 2003 نموذجا) ويرى الباحث أن من الممكن أن تعاني أجيال الشباب في دول مجلس التعاون من مشكلات في ظل الطفرة النفطية وتحدث بعض الاضطرابات والقلاقل النفسية والاجتماعية في التعامل مع الواقع الجديد من اضطرار الى العمل في القطاع الخاص، وعدم القدرة على تلبية متطلبات الزواج المبكر وهو تقليد محمود في الواقع الخليجي ومن ثم انتشار حفلات الزواج الجماعي، ومنها عدم القدرة على الحصول على الحاجيات نفسها التي اعتادوها في فترة الطفولة·

لقد أولت بعض الدراسات عن أوضاع الأجيال الجديدة في الخليج أهمية كبيرة لدور التعليم وثورة الاتصال والإنترنت في تكريس التواصل الشبابي والعبور فوق الحواجز التقليدية وتجاوز روابط الأسرة والقبيلة من خلال تنمية وعي شبابي محلي وخليجي لكن نوعية هذه التأثيرات غير مؤكدة على الاتجاهات السياسية للشباب، فهل دعمت البعد الوطني والمطالب المدنية على حساب الواقع القبلي؟ هل زاد التباين والخلاف بين التيار الليبرالي والسلفي؟ وما طبيعة تأثير التعليم في مفاهيم الشباب حول الأبنية التقليدية في مجتمعاتهم؟ وهل كرس التعليم العقلية المنفتحة·

 

اهتمامات الشباب الإيراني

 

تتعايش في إيران اليوم ثلاثة مجتمعات وهي: المجتمع المدني، والمجتمع الديني، والمجتمع السياسي، ويمثل الأول تنظيمات مدنية تدافع عن الخيار الليبرالي والديمقراطي والعلماني، وتوجد تيارات تناصر المحافظين داخل المجتمع السياسي· وهؤلاء الفاعلون في المجتمع المدني يمثلون قواعد لأجنحة وسط التيارين الإصلاحي والمحافظ في قمة النظام، أما المجتمع الديني فيمثله شباب الحوزات والمعاهد الدينية·

ولا يخلو المجتمع الديني من بعض الفاعلين الداعين الى عدم تدخل رجال الدين في السياسة، أما المشهد الأكثر وضوحا فنراه في المجتمع السياسي حيث يظهر التنافس بين الإصلاحيين والمحافظين لكسب قواعد قوى المجتمعين الديني والمدني·

إن الرغبة في الحرية في الداخل ما زالت في مرحلة احتكاك، إذ ما زال بإمكان مرشد الجمهورية والمحافظين إخراج مظاهرات بمئات الآلاف وتعبئة أكثر من 10 ملايين متطوع من أجل حراسة الإمام ونسبة كبيرة منهم من الشباب·

 

شباب دول مجلس التعاون

 

جدليات مجتمعات دول مجلس التعاون ليست كمثيلتها في إيران وعلى ذلك فإن التنويعات الشبابية التي طفنا عليها في إيران ليست هي في دول التعاون فثمة نزعة فردية صقلتها طبيعة الدول النفطية القائمة على اقتصاد السوق الرأسمالي، ولا توجد في دول الخليج ما يمكن الإشارة إليه على أنه تيارات أو اتجاهات، بل لا تعدو كونها ميولا ونزعات، حيث يطغى تأثير العوامل المادية على العوامل الفكرية·

توجد نزعات شبابية انفتاحية عند طائفة من الشباب جراء فرص التعليم التي حصلت لهم في الخارج، وعلى سبيل المثال هناك قرابة 200,000 سعودي درسوا في أمريكا منذ الخمسينات، وقبل 2001 كان نحو 15 ألف طالب سعودي يدرسون في أمريكا قبل أحداث الحادي عشر من سبتمبر وهذا من دون شك له تأثير في اتجاه معين، وفي المقابل هناك سلوك تفاخري استفزازي يعتمد على الاستهلاك، كما يوجد تيار شبابي سلفي متأثر بالفقه الديني المتوارث عن الأئمة والخطباء، ولقد كان لتنظيم (القاعدة) الذي يتزعمه ابن لادن قوة جذب استقطبت شبابا من دول مجلس التعاون· إن نظرة الشباب السلفي أو الجهادي ليست نظرة استعداء للدولة بقدر ما هي نظرية للصراع مع الخارج فالمؤسسات السنية لم تؤسس نظرية للثورة على الحكم والزوج على الإمام·

وتشير الاستطلاعات المتوافرة الى أن الشباب في دول مجلس التعاون غير مسيّس، وحتى التيار السلفي نجده منشداً الى الجهاد بفعل الإيمان العقدي وليس تعبيرا عن رؤى سياسية·

يضاف الى ذلك أن معظم المنظمات الشبابية المدنية منظمات غير مسيسة وأغلبها منظمات اجتماعية وترفيهية ورياضية، ولا تتوانى الدول الخليجية في الإنفاق على الرياضة ومتطلباتها وهي تقوم بملء فراغ المؤسسات المدنية الفاعلة كالأحزاب والنقابات والجمعيات وينتقل الشباب بين (الميول) ونقيضها بسرعة في ظل عدم وجود آليات تحذير الوعي·

في دول مجلس التعاون لا توجد مدارج توصل أحلام وطلبات الشباب الى أعلى بشكل سلمي، لذلك يندفع قطاع من الشباب الى العنف·

 

الشباب والمستقبل

 

هناك 3 صور يقف عليها شباب الدول الثماني المطلة على الخليج العربي:

1 - بالنسبة لدول مجلس التعاون الخليجي: هناك ارتياح مادي ونقص حاد في التعاطي مع السياسة حيث لا توجد أدوات تقوي مثل هذا التعاطي كالأحزاب أو التنظيمات النقابية أو الصحافة الحرة وغيرها، كما أن طبيعة أنظمة الحكم لا تتيح فرصا للمشاركة في المسؤولية إلا بمكرمات خاصة في مواقع على الهامش، ولا تزال عملية الانخراط في العملية السياسية شيئاً من المحرمات، ويظهر التصاق المواطنين بالأسر الحاكمة شديداً من الناحية المطلبية ويظهر ذلك تجاه الأسر الى أنظمتها السياسية في الإفراج عن أبنائها في غوانتانامو وبذلك تبدو العلاقة الوثيقة بين السياسة والقبيلة·

2 - هناك 4 مراحل يمكن استطلاعها بالنسبة لعلاقة الشباب مع السياسة في المشهد الإيراني: الأول في مرحلة الثورة والحرب مع العراق 79-1988 حيث سادها جو الثورة المثالي، حيث التف الشباب حول القيادة الدينية والولي الفقيه، وهي فترة اتسمت بصدام مع الواقع وأفاق الشباب على واقع معيشي صعب·

أما المرحلة الثانية، فهي مرحلة إعادة البحث في المسار وفي مآسي الحرب العراقية الإيرانية 1989- 1997، وهي بداية انشطار المرجعيات الدينية بين إصلاحيين ومحافظين حيث ظهرت الخاتمية·

أما الفقرة الثالثة، فهي مرحلة الالتفاف حول الرئيس الإصلاحي ولكن هذه المرحلة انحسرت مبكرا بعد عاصفة مظاهرة الطلبة عام 1999·

أما المرحلة الرابعة، فهي مرحلة فقدان الثقة بالإصلاح وانخفاض نسبة المشاركة السياسية وفوز المحافظين في الانتخابات المحلية في فبراير 2003، وإعلان خاتمي أنه خيب آمال الشباب الذين منحوه أصواتهم ما أدى الى بروز نجم حسين مصطفى حفيد الخميني الذي توازت طروحاته مع طروحات نجل شاه إيران محمد رضا بهلوي·

3 - يدخل الشباب العراقي في ظل ظروف الاحتلال والاختلالات الاجتماعية والاقتصادية المحلية في جدالات واسعة ذات طابع وطني وطائفي ومذهبي، ولا يبدو أن المقاومة تدور على أساس وطني شامل تبعا لتلك المحددات·

 

 

السعودية 200 ألف سعودي درسوا في أمريكا     إيران: خاتمي أعلن بانه خيب آمال الشباب

من الخمسينات..فما هي نتائج ذلك على المجتمع

 

طباعة