رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 21 ربيع الآخر 1425هـ - 9 يونيو 2004
العدد 1631

قراءة

إنتاج الصرخة:

تصنيع القائد(2-2)

 

 

مقداد مسعود

(6)

 

لدينا روايتان: (1) الخائف والمخيف: للروائي زهير الجزائري وهو روائي معروف بثبوتية موقفه الثوري الرافض لنظام البعث الفاشي، منذ بدايته·

(2) رواية "الصرخة" وتلك تسمية مقترحة لثريا الرواية اشتققناه من اتصالية "الصرخة" بين جميع: الشخوص / الأمكنة في الرواية، مؤلف الرواية "وليد القاضي" إحدى الشخصيات الرئيسة في رواية / زهير الجزائري "الخائف والمخيف"، وليد القاضي: شاعر عراقي وروائي/ كتبه ممنوعة في الداخل استطاعت أساليب السلطة الفاشية أن تستدرجه للداخل، لم يبق أمامه إلا محاسبة ذاته في هذا الخصوص "مرة أخرى لام نفسه على العودة لبلد يعيش على حافة القيامة ص 20" وأحيانا معاتبة الآخر "ما كان عليك أن تعيدني لأعيش هذا الكابوس 82" كذلك يقول ليعقوب، مدير إنتاج الرعب والقتل في معامل السلطة المظلمة "سجونها"، بصفته الرأس المخابراتي الأول، ويعقوب يرفض التقاطع بين حرية الإبداع وسلطة السلطة الدموية، وحين يصارحه وليد "لا أستطيع أن أكتب شيئا وأنتم تتابعون كل جملة فيها "يقصد الرواية"  /83" تضع السلطة القمعية "يعقوب" البديل الزائف كمواد أولية للكتابة "أمامك أمور كثيرة أجمل وأسهل، لن يضايقك حولها رقيب: الحب وأنت خبير به وبالمناسبة كيف هي/83"

إن هذا التساؤل الاستفزازي الفج حول "هي" ويقصد "ياسمين" يمثل نفيا لقوله الأول في السطر ذاته "لن يضايقك حولها رقيب"·

 

(7)

 

وليد القاضي: الكتابة لا يمارسها بحكم العادة، بل عبر استجابة جوانية لديه "تستهويني الشخصية التي تستفزني أكثر من التي أحبها·· /ص 84) وحين يستأنف الموضوع ذاته مع "ياسمين"، تقول له "أمامك ألف موضوع غير المخبر والمعذب وقبو التعذيب: الحب/ الأمومة/ الفراق·· ص 97" يتعجب "وليد القاضي" عن اتصالية الرأي بين "يعقوب" و"ياسمين" "عجيب كيف توافق الأمر لتطرح السؤال نفسه" إن اتصالية الرأي بينهما جزء من اتصاليتهما مع السلطة الاستبدادية ذاتها وجزء وموقفهما الواحد في استعمال الأدب للتسلية لا للتثوير والتوعية ومجابهة استبداد السلطة·· وإذا استطاع الأديب "وليد القاضي" بدهائه التخلص من الرقيب "لن أذكر القاعة العباسية / سأستبدل الوزير بتاجر أدوات احتياطية / سأحيل الواقعة لزمان ومكان آخر 147" فإن الرقيب الذي زرعه استبداد السلطة لن يجتثه دهاء "وليد القاضي" "دائما يخرج الرقيب البارد من داخله غامزا بعينيه·· سيعرف المعنيون سيصفونك أنت قبل ذلك 132"·

 

(8)

 

مارس الإعلام العراقي في زمن الطاغية، الزنى بكل صنوف الثقافة: آلاف الجداريات للقائد الضرورة روايات تافهة تحت أكثر من سلسلة من سلسلة روايات قادسية صدام تحت لهيب المعركة كتاب عرب يحسبون على الفكر اليساري، باعوا أنفسهم ليكتبوا سيرة الطاغية، صور في كل مكان "انظر 178 - 179 من والمخيف" لذا لابد أن يشمل الأمر وليد القاضي ويلغي حقه الأدبي حتى في الكتابة عن الحب الذي منحه يعقوب رجل السلطة·

وزير الإعلام أكثر نعومة من يعقوب "ستكتب سيرة رجل تجله" "لكنني لا أحبه" "لا يهم حتى لو كنت تكرهه، فالإجلال عاطفة تصنع بغض النظر عن عواطف الشخصية، حتى لو لم يصدق سيصدق الخوف الذي وراءه سيقبل الكذبة التي تحول الخوف إلى حب ص 252" هذه الحوارية القصيرة بين السلطة "وزير الإعلام" وبين الأدب "الروائي وليد القاضي" ذات الفهم الميكافيلي توصلنا إلى اتصالية التضاد، بين الخائف والمخيف من منظور أقرب فالوزير محض أنبوب فارغ تتدفق فيه، فلسفة القائد "الخوف أكثر دواما من الحب، لأن المحبين لا يترددون في الإساءة للمحبوب ويترددون في الإساءة للمخيف ص 111" والقائد يعرف جيدا "بالخوف يقتل الكراهية دون أن يكسف الحب، فالأتباع يحبون بإرادتهم ويخافون بإرادة المخيف 1149" والمخيف الذي هو من الدرجة الثانية، ضمن تراتبية السلطة الاستبدادية ما إن يتوجس أن ثمة مكيدة سيدفعها المخيف الأكبر القائد باتجاه، حتى يزداد تعلقا بالقائد ذاته "مخاوفه من الخطر، دفعته أكثر نحو هذه السلطة التي لاحماية له دونها، ومع ذلك يخاف بمقدار ما يحتمي بها 249" إن إعادة تصنيع القائد في ذاكرة الناس هي إعادة تصنيع الرعب على مدار الساعة العراقية التي ستقوى دقاتها لترعب وتهدد دول الجوار، وتصنيع الرعب يعتمد على آلية التكرار إنتاج القائد صوريا "التكرار يزرع الصورة في لاوعي المواطن، بحيث تقفز صورة الرجل الممسك بقبضة السيف كلما قال أحد "هو"، صوره على أغلفة الكتب المدرسية، على وجه العملة على طوابع البريد، شارع جديد في يوم ميلاده يحمل اسمه يخترق المدينة من وسطها ص / 178 - 179"

 

(9)

 

هذه هي الطريقة الإعلامية في تمسيخ المواطن العراقي وتلك آلية الوزير، أما آليات القائد، فهي ضمن تراتبية التسقيط التالي للمواطن "شرح القائد خطته التي تقوم على تحويل كل مواطن إلى مخبر أو متعاون على ثلاث درجات محترف، عامل بالمكافأة متطوع (201 ص"

 

(10)

 

وليد القاضي، النموذج الرئيس أدبيا هناك "سليم" "إنسان لا علاقة له بأي حزب أحلامي واهتماماتي لا تتعدى حدود غرفتي وأوراقي هذا هو عالمي 262" فيرد عليه المحقق "مع ذلك فهي نمط تفكير ونحن معنيون بنمط تفكير المواطن"·

 

(11)

 

وهناك كتابة مؤجلة وهي من طراز مغاير يعد لها السجين "مروان" وهو يسهم في السجن في حفر الأمل/ النفق، يتوغل في حياة رفاقه مزمعا أن يكتب فيما بعد بجهد وصبر عن ذكرياتهم وما سيفعلونه بعد السجن 322"

(12)

 

وليد القاضي، يستمر في كتابة روايته "الصرخة" عن المنتصر / المهزوم / الشاهر سيفه على المغلوبين / الأرامل/ الجياع وبهذه الطريقة أيضا يتطهر "وليد القاضي" من انكساراته·

 

طباعة  

جاسم عبدالعزيز القطامي منظومة متكاملة من العطاء
 
وتــد
 
شعر
 
أسماء ثقافية شعرية سياسية في "أدب المعاناة" للأنصاري
 
المرصد الثقافي
 
إصدارات