رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 21 ربيع الآخر 1425هـ - 9 يونيو 2004
العدد 1631

فصحى
التنصت على يوميّات مواطن بسيط!

                                     

 

- ألو·· سيدي

 

* دقيقةْ··· أُتمُّ الذي في يدي··

- دقائقَ·· أمْرُك يا سيدي

 

* تفضَّلْ··

- أتَذْكُرُ ذاك المواطنَ "أحمدْ"

رصدتُ أخيراً خطاه·· هواه

طريقَهُ حتى مَقَرِّ العملْ

حديثَ الهواتفِ صبحَ مساءْ

رصدتُ·· فضاقَ عليه الفضاءْ

فهل كان يخفى على مَرْصَدي؟!

 

* أريد ملفَهُ أكبرَ·· أكبرْ

 قضايا كباراً، فضائحَ جنْسٍ، مقالاً خطيراً··

كلاماً يُهَدِّدُ أمْنَ البلادِ

فهلاّ تُحَقِّقَ لي مقصدي؟!

- وعفوكَ·· إني نسيتُ·· فماذا تريد؟

فصُبّ الأوامرَ حيث تشاءْ

 

* غبيٌّ·· جهلتَ الطريقَ السريعَ إلى مبتغايَ

وحُمْقُكَ خالطَ فيك الغباءْ!

أريده خطوهْ، أريده "خبطهْ"··

يُرقّى بها ضابطٌ مبتدي!

- فهمتُ المقاصِدَ يا سيدي

 

* وماذا لديكَ؟

- شريطٌ مُسجَّلُ من هاتِفهْ

وهاتفِ أَهْلِهْ، وأمِّهْ، وكلِّ الأقاربِ والأصدقاءْ

 

* جميلٌ··

- وأمرُكَ أجملْ!

 

*وفرَّغْتُ" هذا الشريطَ لديكَ

بتقريرِ أَمْنٍ دقيقٍ·· مُفَصَّلْ

فتاريخُ "أحمدْ"·· وأيامُهُ

ستُلغى بجَّرةِ أقلامِنا

ويُمحى بياضُهُ بالأسودِ!

 

* عظيمٌ··

- وقَدْرُكَ أعظمْ··

سأقرأُ بعضَ السطورِ اللواتي

ستكشفُ ساقَ الفضيحةِ جهراً

لتُوقِنَ·· بعض الفضائحِ مَغْنَمْ!

 

* أخيراً··

نُحيلُ "المبادئَ" فيه

كثكلى تجرُّ ضريراً لمْأتَمْ!

تفضلْ··

 

الســبت

 

- : مكثتُ طويلاً·· أراقبُ بيتَهْ، يُقارب ساعهْ··

تَجَمَّدَ كفي على مقودي

فأقبلَ·· جاءَ·· يجرُّ خطاه

ثقيلاً·· بذاك الصباح الندي!

فَحَدَّثَ مسؤولَهُ في العَمَلْ

ليأذنَ "في ساعتين زيادهْ"

فزعتُ لـ "ظرفٍ مهمٍ وطارئْ

يلحُّ عليه بدونِ إرادهْ"!!

وزوجُهُ كانت تضمُّ ملفاً

أتحتَ العباءةِ·· تُخفيِ وسادهْ؟!

تَبعتُه ساعهْ·· أقودُ لساعهْ··

إلى أنْ تَوَقَّفَ - بعد العناءِ -

مقابلَ مبنىً لقسمِ الولادهْ!!

 

***

 

مساؤه كان كإدمانِ عادهْ··

بـ "ديوانِ" شخصٍ يُسّمىَ "حَمادهْ"

يُمَضِّيهِ لهواً بلعبِ "الورقْ"

تَجَمَّدتُ - برداً- بليلِ الأرقْ

وبابٌ بقربي يَنِثُّ صريَرَهْ

وبعد دقائقْ··

تحلَّق أصحابُه مُنصِتينَ

"لأمرٍ مهمٍ"

تبثُّه ليلاً "قَناةُ الجزيرهْ"!

 

الأحـــد

 

صباحاً·· أصَبِّحُهُ باكراً

غدواً·· أعود له مغتدي·

بذاك الصباحِ·· تَسَاقَطَ - قلتُ -

كحبّاتِ عِقْدٍ بملءِ يدي

تبعتُهُ·· راحَ يَشقُّ الطريقَ

إلى أنْ توقَّفَ في "الأحمدي"!

ثوانٍ·· وعاد لـ "صدر الطريق"

كطلقةِ غَدرٍ

بأصبعِ نجمٍ تقطَّعَ غيظاً

فـ "رصَّ" الزِنادَ بوجهِ "الجدي"!

وعدتُ لأندبَ حظاً عثيراً

أُأَمِّلُ نفسي بصُبحِ غدي

 

***

 

مساءً··

تُحَدِّثُهُ أمُّهُ

حديثاً - كعادَتِهُنَّ - يرقُّ·· يشفُّ

يُكَرَّرُ دوماً عن الأمهاتْ

"حبيبي تَمَهَّلْ·· طريقُكَ أطولْ

مِنَ الهمِّ صارَ

"فَقُدْها" بصبرٍ·· وبعضِ أناةْ

ومُرّ  "المحلَ"·· أريدُ قليلاً من "الدارسين"، وكيساً مليئاً

بـ "حنّاءَ" أخضرْ·· وعلبةَ سكّرْ··

وقبل انتهاء الأوامرِ··

راحَ·· يُعيدُ: "حديثُك أنتِ يـ أميَّ سكّرْ"

 

الاثنــين

 

حديثٌ خطيرٌ تلقاه توّاً بكلِّ حصافهْ

حديثٌ لمسؤولِهِ عاصفٌ

(فينْبضُ فيَّ رنينُ الصحافهْ)

يُسائلُ: أين المقالُ المُشَفَّرُ؟

أين بقيةُ تلك الموادِ؟

وسلةُ أخبارِنا فارغهْ؟

ويسألُ أين موادُ الثقافهْ؟

تَنبّهتُ·· حتى تمركَزَ سَمْعي··

بقلبي·· وصرتُ مليئاً أسير بكل كثافَهْ

وقال سآتي مقرَ الجريدهْ!

أُتمُّ البقيةَ في لحظةٍ وأجمعُ أشلاءَ قد بُعْثِرَتْ

ليولد - قسراً - جنينُ القصيدهْ!

 

***

 

مساءً··

أنينٌ وهاتفْ

وصوتٌ خفيضٌ أحسُّ بريقَهْ!

فتاةٌ وتبدوَ - رغم الخفاء-

تذوب بشوقٍ·· بنصفِ دقيقهْ!

أخيراً·· قبضنا عشيقاً مخادعْ

أيرسُمُ أفْقاً بعيدَ المنالِ

وتَتْبعُ وهْمَهُ تلك العشيقهْ··!

وقال:··· وقالت:···

كلاماً رقيقاً··

كأنيَ ذُبْتُ بتلك الرقيقهْ

نسيتُ·· "أسجِّلْ"

تسليتُ ليلاً بهمسِ الهواتفْ

أسيّدي·· آسفْ!

 

الثــلاثــاء

 

تبعتُهُ عصْراً

توقفَ قرب المصارفِ·· حائرْ

أدارَ الجهازَ·· دقائقُ مَرَّتْ·· وجاءَ يُتَمْتِمْ··

كقائدِ جيشٍ ذليلٍ وخاسرْ

رصيدُهُ: صِفرٌ

دوائرُ كانت·· وكان يَلِفُّ

ويعلو جبينَهُ قَوْسُ الدوائرْ

ويَشْتُمُ: "كافرْ"

هوَ الحظُّ بعد انتصافِ الشهورِ

بخيلٌ··· وكافرْ

 

الأربعــاء

 

- رصدتُ·······

·······

ألو·· سيدي

 

* غباؤكَ هذا أضاعَ "الملفَ"

أضاعَكَ مَعْهُ فلم تهتدِ!

- ألو·· سيدي

 

* --------------------

تقولُ المصادِرْ:

بأنَّ قَراراً مُعدّاً وصادِرْ

بفصلِ الفريقْ

لأنَّ الغريقَ سيجذبُ مَعْهُ أكُفَّ الغريقْ

لأنّ غباءَه أفْلَتَ منه المواطنَ "أحمدْ"

لأنَّ "المراقِبَ" كان "المُراقَبَ" أيضاً·· (بشكل دقيقْ)··

و"أحمدُ" يمضي لأفقِ الطريقِ

ويجهلُ·· أين سيفضي الطريقْ!

 

وضّاح

wadhah@taleea.com

طباعة