رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 28 ربيع الآخر 1425هـ - 16 يونيو 2004
العدد 1632

أمسية قصصية

بكلمات تعريفية أشبه بالقص لـ "مي الشراد"

استبرق تتجلى في "زمن العتمة" وميس تسكن "الرجل القزحي" وهبة ترسم طفلها

 

                    

 

في الأمسية القصصية شاركت الكاتبات استبرق أحمد وهبة بو خمسين وميس العثمان في قراءات للقصة القصيرة، قدمتهن القاصة مي الشراد بكلمات تعريفية رائعة، كانت جزءا جميلا ومهما من الأمسية والقص·

قرأت ميس خالد العثمان "رجل قزح" و"للتفاح طعم آخر"· في النص القصصي الأول أجادت العثمان توزيع ألوان "الرجل" بين الرمادي والأحمر والأخضر والأزرق والأصفر والأسود، وكان لكل لون (مقطع قصصي) إسقاطاته ومعانيه، وبلغة سلسة ومختصرة ومعبرة، وفي النص الثاني كانت العثمان أكثر جرأة في طرح الأحاسيس والمشاعر وبلغة - أيضا - مناسبة لحرارة هذه المشاعر·

وفي كلا النصين لم تتوجه الكاتبة بحديثها "للضمير الغائب"، إنما كانت أكثر قربا الى ضميره مباشرة·

الكاتبة استبرق أحمد قرأت من مجموعتها القصصية الصادرة حديثا نصين "تجليات في زمن العتمة" و"زوايا المثلث" ولاستبرق تميز واضح من خلال امتلاكها كل أدوات القص، وموهبة نادرة في حبك الفن القصصي ببساطة لغوية تخفي معها الكثير من العمق، وخيوط الحدث المتشابكة، وألق النهايات ومفاجآتها·

كما تمكنت استبرق أحمد في قصصها القصيرة من قلب التراتبية التقليدية المتعارف عليها لمراحل الحدث القصصي من بدايات شارحة وتصاعد وذروة وخاتمة ميسرة، فهي قد تفاجئ قارئها بـ "الذورة" وبحرارة الحدث في السطر الأول من القصة·

القاصة هبة بو خمسين شاركت بقصتين "لياقة ضحك" و"رفرفة الوجع"، وهي في هاتين القصتين وفي غيرهما من المشاركات المنشورة تعد من الشابات اللاتي أثبتن مواهبهن الكتابية بكل اقتدار، حتى بات لأي منهن ملح وأسلوب ولغة يميز بين تجاربهن·

في "رفرفة الوجع" تكتب هبة في مخاطبتها لبراءة الطفل نصا يحكي شعرا، وعاطفة متدفقة:

"ببراءتك تنتشلني··

تضمني وأبيك وإخوتك·· تشيع في أوطاننا الطمأنينة، تبتسم رغم أنينك الفائض من عينيك، لا حسرة تبغي منا، تسألنا عن إشراقة اللحظة اللاسواها نهديك··

- أنت ذكاء متقد يُنتزع من فخري!

هل أنسى··؟

أقبلك· أتكور الى جانبك حتى تغفو· أحتضن كفك مراقبة أنفاسك· يغلبني إعيائي فلا أقاوم، تعانق جفني·

أرى حماما يرفرف ببريق بياضه حولك···

فجرا·· يوقظني بردك!"

 ___________________________________________

 

للتفاح طعم آخر

 

ميس العثمان

حضوره كان مثيرا··

ساعدان مكشوفان مزروعان بالرجولة/وأثر لرائحة سجائر طازجة تعبق بمحيطه تصلني مع أنفاسه، شعيرات عابثة تطل من فتحة قميصه الأزرق بأكمامه المطوية بترتيب صار يميزه·

هكذا كان··

كنت إلى جواره نلتحم بآلامنا التي نكابر كي لا نتذكرها، عيناه صافيتان ببريق يضاعف الأمنيات المشتهاة·· ليس سوى مساحات شاسعة من الحيرة واثنتي عشرة ساعة متاحة للجنون·

تصاعد الحزن بعد أن اقتربت منه لدرجة لا تغتفر·

كنت ملتصقة به في زمن كان لنا، بل ما كان متاحا/ مقتطعا لغيرنا·

أدور بنفس فلكه، أتسلل لمساحاته الخاصة - وفي لحظات يكون فيها صامتا لدرجة مثيرة تنبئ بجنون قادم - كنت أنسل منه!··

في ذلك النهار المتخم بالمطر والبرد، انشطرت الى اثنتين·

كانت إحداهما "جسدي" بالقميص الأحمر بياقته المفتوحة وإيشاربي الناري ونزقي!

و"روحي" تقف بعيدا، ببياض ثوبها··

الجسد: يؤلمني العتاب بعينيه، أحتاج لشيء من دفئه أنا الأخرى!

الروح: قليل من الانتظار، تمنعي··

الجسد: ثلاثون مضت، ماذا بعد؟

الروح: لا تزالين رهينة التجارب والأخطاء·

زفرت، أبعدت الأصوات المتناطحة بداخلي، لأنهي جدالا أفقدني القدرة على الاستمتاع و"هو" هناك يضحك/يدندن بصفائه الخاص·· من بين خيوط قلقي المنسوجة بصمت كان يتأملني، يتفرس بملامحي بوله معجون بالرغبة، وأنكمش على نفسي بابتسامة أشعرها بلهاء·

عيناي على معصمي··

الجسد: خمس ساعات ويغادرني·

الروح: يحب فيك "بياضك"··

الجسد: وأحب رجلوته/ صوته/ شاعريته/ ألقه·· وحبه لي

الروح: أنتما زوج حمام ترتفعان للسماء··

والسماء جرت سحبا مثقلة بالوحشة والظلام··

والزمن تقطع مثل حلم يطول··

مع الآخرين كان يتكلم، اقترب بجنونه، قرص ذراعي المكتنز بنقمة، كتمت ألمي·· ووجه جدتي مبتسما اندس في سواد إغماضتي··

(ضرب الحبيب···)

ظل يتفحص وجهي بارتباكه كان يحب أن يزرع تفاحتين، قابلته بابتسامة شاحبة/ مترددة قرأها من حوطونا بحضورهم الطيب·

كنت أنفصل عن عالمي، عن ظلي ونوري و"بياضي"، أقلب حزن ذاكرتي··

----

هو: حينما أقابلك هل سأزرع تفاحتين؟

أنا: أشتاق أن تفعلها، لكن··

هو: لكن؟

ولا أجد ردا يشبعه، فأحلق بعيدا جدا·

-----

الجسد: ساعة واحدة تبقت، لمَ تعكرين نكهة الحلم الذي نسجناه سويا؟

الروح: ستشعرين بجسدك فارغا/ خفيفا/ ولن تحلقي من جديد!

----

الريح ببرودتها داعبتنا··

ضمنا ليل الشارع المبلل بالمطر، يدي بيده كانتا بالتحام خفي تسكنان دفء جيبه،

أجسادنا تحتك بلذة مسروقة، كنت عصفورة مشبعة بنوره··

وعيناه تبحثان عن مكان لزرع التفاحتين!

صمت بعد أن همست لي "الأخرى":

"لا تليني، يحب بياضك"!

الجسد: دقيقتان فقط

غادرني مودعا بعدما قرأ رفضي/ تمنعي اللبق··

ووحدها بقيت رائحة السجائر الطازجة ملتصقة بكفي الأيسر!

طباعة  

في ختام الموسم الثقافي للرابطة
المغربي يغادر العتبات إلى "الأرصفة" والحداد يترك البذر للريح والجوير لا يرى سواه فيها

 
وتــد
 
خبر ثقافي