رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 5 جمادى الأول 1425هـ - 23 يونيو 2004
العدد 1633

وتــد

رسوم متحركة

 

نشمي مهنا

(1)

كانا عاشقين·· وافترقا

صوت تصاعد في غرفتها ذات مساء: رؤيا أحلام منسية؟ كابوس؟ أم فتح في الغيب؟ ويواصل: تركا طفلتهما "السكّرة" الجميلة، عذبة اللثغة، هناك على الجسر، يرفرف فوق جدائلها شريطان أحمران، وحيدة، تبكي، يتّماها قبل أن يكملا رسم اللوحة على جدار أبيض، فارغ، واسع، كقدرهما الأبيض، الفارغ، الواسع·

 

(2)

 

بعد انتصاف الليل، وهدوئه، توصد باب غرفتها، بعد أن تتأكد أن لا فتحات في الباب والنافذة والجدار قد تسرب أحلامها للخارج، هذه الفتاة حذرة كالعصافير·

ثم تشرع في لعبتها الليلية: تدعو كل شخوص لوحاتها الخمس الى الترجل، ومغادرة الإطار، للعب معها، واختلاق أحاديث الود والعتب والشجار· فرسان من قرون وسطى بلباس المعركة، برماحهم وسيوفهم وجراحاتهم يملؤون أرض الغرفة، صبايا ذوات وجوه ملائكية يغادرن النبع ويجئنها بجرارهن الفخارية·

شاب ببدلة رمادية يغادر بورتريه الحيرة ليجلس على طرف سريرها· وأربعة خيول جامحة تصهل في الركن· ورود صفراء تتناثر من حولها قفزت من إحدى اللوحات·

لوحاتها الخمس، الآن، إطارات خشبية تحيط بالفراغ، تحب هذه اللعبة، لذا هي تقتني التشكيل الواقعي·

لذا·· تتسلل الى غرفتها بانتصاف الليل·

لذا·· عرفت بين أهلها أنها "طفلة تعشق الرسوم المتحركة"!

(3)

للراحلة أمل جرّاح حكمة نادرة استلتها من عذاباتها حينما كانت تصارع الوحش:

قالت جدتي: (يوما ما ستتعلمين أن

الحياة ثمينة

فلا تنامي كثيرا

فمن أين لي الآن أن أنام؟

النوم طفل الموت

النوم طفل الموت

في أملها ويأسها، ومسراتها ومراراتها، وأحلامها وكوابيسها، كانت أمل تخلق أرواحا في الكلمات، لا يحسن كتابتها من لم يقابل ذاك الوحش وجها لوجه، أو من ظن أنه في مأمن عنه، أو من لم يفكر به (وتقول):

أنا لصّة ذكية

أسرق الحياة من موتي

أختبئ منه وراء عمود الكهرباء

وراء سليمان في مقهى المدينة

أو تحت الطاولة··

···

مَنْ يخدع من؟

··· ثلاثين سنة

يلاحقني من مدينة الى مدينة

أركض بعيدا وأتخفى وراء أسماء عديدة

أحمل جنسيات مختلفة··

···

الملعون

مصرّ أن يشهد نهايتي

أمل جراح، لم تواصل الركض، لكنها كتبت الموت بصوره المرعبة·

 

nashmi@taleea.com

طباعة  

فنون تشكيلية كويتية في قاعة "الهناجر" في دار الأوبرا بالقاهرة
 
قصة قصيرة
 
وجه الرماد!!
 
نــص
 
المرصد الثقافي