رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 5 جمادى الأول 1425هـ - 23 يونيو 2004
العدد 1633

قصة قصيرة

رفرفة الوجــع

 

بقلم: هبة بوخمسين

(غفلة أخادعني بدعوى الابتسام، استحالة الوثوق بنبضي فكيف بدنيا تهوي بفجائعها على الرأس! تناسيت سحق هوتها ذات فرحة - ثكلتها سريعا·

بالرب الباثق نور عينيك يا عيني·· كيف ألملمني!)

 

***

 

 - صعبٌ أن أفهم··

كل ليلة تتقيأ أحشاءك، تبتسم معتصرا عينيك الألم، تبقى منحنياً·· تنتظرني· أمسح دموعي· أقوم جامعة قوتي التي أصدق أني أملكها، أرفع ضآلتك، أُميل رأسك على كتفي، وألف ذراعك المحاذي لي حول رقبتي، أبتسم شاحذة أملا يأتيني بخيلا·· أنثره في دربك·

في سريك··

تشيح بوجهك عني· أتكور إلى جانبك، أحتضن كفك، إليك يصل همس كلماتي التي أيأسني تكرارها·· لكني ما أتعب أفيض بها عليك·

أحس ركلك اللحاف كما لو تهوي بقدمك قويا فوق قلبي المرفوف حول ألمك!

- موجوع أعلم يا صغيري·· ليت ضعف ما بك ينهشني وأنت تسلم!

أعرف غضبك، أرى براكيناً تثور في عينيك - أحس هروب وهج وجنتيك - لا تملك شيئا من غموض غدك·· لا نملك مثلك! ليس سوى اللحظة نهديك··

وفي الظلام يضيع مني باقي الكلام··

لا يأتيني سوى صمتك يطوق رقبتي، يخنقني بكاء أبتلعه ليمضي الليل سالماً!

- لا ألومك· كاتمة غضبا أشرس مما لديك!

تغفو، أتسلل إلى حيث تظللني دهشة أبيك، عاجز هو عن الفرح، فكيف يهديه إليه؟!

كل ليلة··

ألعن بطناً رمت للحياة روحا لا تنتظر منها سوى الرحيل، صغيرا كنت، مذ ربوت في دمي، غذيتك آمالاً لا تنتهي، أرصّ لك الوعود كتلاً تحيل فرحك الطفولي صدمات تصدع الأرض، تشق الجبال·· فواجع تهدك ولا تنتهي! وبدل أن أرقبك تنمو، كنت أجمع أوراقك المتساقطة لأنفي إليها دموعي!

ألا تُعرف حدودا للألم؟!

كل ليلة·· تتقيأ كبدك··

وتخبرني أن صداعا أهلكك··

تخبرني عن طنين يصم أذنيك، وتأتيني مستغربا زغللة عينيك، كل ليلة أضمك، أحتضن وجهك وتبقى بفزع باحثاً عن عطري بين يدي·· وفي فمك لا تحس مذاق الأطعمة، لا أشعر طعمها ربما أكثر منك·· أبتلع الحسرة، ألم مدبب يقطع أمعائي·

- خبيث سطوه عليك··

كل ليلة·· قاسية  تمر التجربة·

ما حظيتَ بمتع في الحياة، ليس كأقرانك تصحو أو تنام·· ولا تلهو، عمرٌ نزفته بين أروقة المشافي، ولا أصدقاء سوى الأطباء··

أحس الضياع يُمحيني، يلقي بي في غياهب اليأس والاستسلام·· أضعف فأكاد التخلي عن نور أملك··

- أيُعقل··؟

ببراءتك تنتشلني··

تضمني وأباك وإخوتك·· تشيع في أوطاننا الطمأنينة، تبتسم رغم أنينك الفائض من عينيك، لا حسرة تبغي منا·· تسألنا عن إشراقة اللحظة اللا سواها نهديك··

- أنت ذكاءٌ متقدٌّ يُنتزع من فخري!

هل أنسى··؟

أقبلك· أتكور إلى جانبك حتى تغفو· أحتضن كفك مراقبة أنفاسك· يغلبني إعيائي فلا أقاوم تعانق جفني أرى حماما يرفرف ببريق بياضه حولك··

فجرا·· يوقظني بردك!

طباعة  

فنون تشكيلية كويتية في قاعة "الهناجر" في دار الأوبرا بالقاهرة
 
وتــد
 
وجه الرماد!!
 
نــص
 
المرصد الثقافي