رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 4 جمادى الأخرى 1425هـ - 21 يوليو 2004
العدد 1637

لإجبارها على الالتزام بالشرعية الدولية
لا بديل عن فرض العقوبات ضد إسرائيل

                                                                   

 

·         حكومة شارون آخر من يتحدث عن حماية المواطنين الإسرائيليين

·         قرار محكمة لاهاي عام 71 كان بداية انهيار نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا

 

بقلم: جيرالد كوفمان

عضو مجلس العموم البريطاني عن حزب العمال

الانفجار الذي وقع في تل أبيب الأسبوع الماضي يسلط الضوء على الحاجة الماسة لتحقيق تسوية سلمية، كما يؤكد أيضا عدم جدوى الجدار الذي تبنيه إسرائيل في الأراضي الفلسطينية، وهو الجدار الذي نددت به محكمة العدل الدولية، بل إن محكمة العدل العليا الإسرائيلية عارضت مسار الجدار، فما العمل المطلوب لوضع حد لرقصة الموت هذه؟

حين طالبت محكمة العدل الدولية في لاهاي بإزالة الجدار، ردت الحكومة الإسرائيلية بأن عليها "واجباً أخلاقياً" لحماية مواطنيها، وبعيدا عن حقيقة أن هذه الحكومة - الأكثر يمينية وولعا بالحروب في تاريخ إسرائيل الممتد لستة وخمسين عاما - فإنه لا يمكنها ادعاء الاضطلاع بواجب أخلاقي إذا واجهناها بالحقيقة، فحماية المواطنين الإسرائيليين هو الواجب الذي فشلت فيه هذه الحكومة أكثر من أي واجب آخر·

فمنذ انطلاق الانتفاضة الثانية في سبتمبر 2000 بسبب الزيارة الاستفزازية التي قام بها ارئيل شارون "الذي كان زعيما للمعارضة آنذاك" للمسجد الأقصى في القدس، قتل أكثر من ألف إسرائيلي، وهو رقم يفوق بكثير في أي فترة مماثلة منذ تأسيس الدولة العبرية، وفي الفترة ذاتها، قتل ثلاثة أضعاف هذا الرقم من الفلسطينيين·

 

جيوب معزولة

 

وفي معرض تبريرها لبناء الجدار، تشير الحكومة الإسرائيلية الى ما تقول إنه نجاحها في تقليص الإرهاب من خلال عزل سكان غزة، ولكن هذا النجاح انكشف أخيرا من خلال الصواريخ التي بدأت تنطلق من غزة لتقتل مواطنا إسرائيليا وتجرح آخرين في مدينة "سيدروت" الإسرائيلية داخل الخط الأخضر وليس في إحدى مستوطنات غزة، بل إن أحد هذه الصواريخ سقط على مقربة من شارون الذي كان يقوم بزيارة مؤازرة الى سكان المدينة·

فالجدار لم يوقف الإرهاب بالرغم من إنفاق مليار دولار في وقت وصلت فيه البطالة الى معدلات قياسية وضرب فيه الفقر أعدادا كبيرة من أبناء الطبقة الوسطى، وتتراجع فيه عوائد السياحة الى أدنى مستوياتها ويعاني فيها الاقتصاد من حالة تدهور مستمرة، وحين قمت بجولة في المناطق التي يبنى فيها الجدار قبل أشهر عدة، زرت مدينة قلقيلية التي يخنقها الجدار من كل الجهات، لكنني دخلتها بسيارة تابعة للأمم المتحدة، وفي اليوم التالي، قتل عدد من الجنود الإسرائيليين إثر تعرض حاجز عسكري على مقربة من المدينة لهجوم بالقنابل·

وعلى الرغم من أن المحكمة العليا في إسرائيل لم تشكك في شرعية الجدار، إلا أنها قالت إنه يسبب "مصاعب غير مبررة" لأكثر من 35 ألف فلسطيني أصبحوا محشورين في جيوب معزولة وحال الجدار بينهم وبين مزارعهم ومدارسهم وعياداتهم الطبية وجامعاتهم·

وإذا استكمل بناء الجدار، فإن المعاناة ستطال مئات الآلاف الآخرين من الفلسطينيين، وسوف يلحق الدمار بالسياحة والزراعة في مدينة مثل بيت لحم·

فما العمل بعد ذلك؟ لا جدوى من نقل الموضوع الى مجلس الأمن لأن إدارة بوش الساعية للحصول على أصوات اليهود والمدفوعة من قبل الأصوليين المسيحيين في ولاية تكساس لتأييد أرئيل شارون، سوف تستخدم حق النقض "الفيتو" ضد أي قرار يندد بالحكومة الإسرائيلية·

إن فرض العقوبات الاقتصادية وحظر بيع الأسلحة ضد إسرائيل هو السبيل الوحيد للخروج من المأزق، فمثل هذه السياسة هي التي أسقطت نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا الذي نددت به محكمة العدل العليا بطريقة مماثلة عام 1971 بسبب الاحتلال غير المشروع لجنوب غرب أفريقيا (التي أصبحت دولة ناميبيا الديمقراطية الحرة الآن)، لقد كانت العقوبات التي فرضها جورج بوش "الأب" الأكثر عقلانية وتمسكا بالمبادئ من ابنه، هي التي أجبرت رئيس الوزراء الإسرائيلي اليميني إسحاق شامير على حضور مؤتمر مدريد للسلام عام 1991، حين أوقف منح إسرائيل ضمانات قروض بقيمة 10 مليارات دولار من أجل توطين المهاجرين الروس في إسرائيل·

 

مهمة صعبة

 

إن فرض العقوبات وحظر الأسلحة على إسرائيل اليوم ليس بالأمر السهل، ولهذا السبب، فإن هناك حاجة لإطلاق هذه الحملة بأسرع وقت، فقد أشار تقرير حديث للجنة التنمية الدولية التابعة لمجلس العموم البرطاني الى قوة التأثير المتاحة لأوروبا من خلال جعل الاتفاقات التجارية بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل مشروطة بالتزام الأخير بالقانون الدولي وقرارات مجلس الأمن التي تتجاهلها إسرائيلي جميعا·

فقد ورد في تقرير "الحرب على الفقر" إن السياسة التجارية للاتحاد الأوروبي يمكن أن توفر آلية رئيسية لممارسة الضغط على إسرائيل· إن فرض حظر اقتصادي كامل سيكون منسجما مع البند الثاني اتفاقية الشراكة الأوروبية - الإسرائيلية التي تنص على أن من الممكن فرض قيود تجارية وفقا لضعف سجل دولة ما في مجال حقوق الإنسان، وكما يتضح بما لا يدع مجالا للشك، من قرار المحكمة العليا الإسرائيلية، ناهيك عن قرار محكمة العدل الدولية، فإن سجل حكومة شارون لحقوق الإنسان يثير الرعب·

وفي حين أن الولايات المتحدة هي المورد الرئيسي للسلاح لإسرائيل، إلا أن هناك دولا أوروبية مثل ألمانيا متورطة أيضا، ولا بد من ممارسة الضغط في هذا المجال، فهناك قبول واضح بشكل متزايد للحاجة الى حل عادل للفلسطينيين، عكسه رد رئيس الوزراء طوني بلير في مجلس العموم ردا على سؤال وجهته له أخيرا، فقد قال بلير إن الدولة الفلسطينية القابلة للحياة يجب أن تقوم على حدود عام 1967، وهذه الحدود هي التي يستهدف الجدار الإسرائيلي الذي يسير في عمق الأراضي الفلسطينية كي يضم المستوطنات اليهودية المقامة في الضفة الغربية بصورة غير شرعية تدميرها·

إن كون هذه المهمة صعبة لا يعني عدم محاولة القيام بها، فلا جدوى من محاولة تغيير السياسة الإسرائيلية من خلال مخاطبة الطبيعة الطيبة للحكومة الإسرائيلية، لأن مثل هذه الطبيعة ليست موجودة أصلا، وربما يساعد القيام بحملة قوية في تغيير سياسات حكومة شارون وتحقيق تسوية سلمية تضع حدا لمحنة الفلسطينيين والإسرائيليين على حد سواء·

 

" عن الغارديان "

 

----------------------------------------------------

الموضوعات المترجمة تعبر عن آراء  كتابها

إشراف: صالح أحمد النفيسي

saleh@taleea.com

طباعة  

نيغروبونتي ولد في لندن لأب يوناني ونشأ في انكلترا وسويسرا ونيويورك ويتقن 5 لغات
رجل العراق القوي·· من هو وما سلطاته؟

 
العرب يكررون في دارفور خطأ الصمت عن حلبجة