رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 4 جمادى الأخرى 1425هـ - 21 يوليو 2004
العدد 1637

العرب يكررون في دارفور خطأ الصمت عن حلبجة

                                           

 

·         جامعة الدول العربية تحدثت عن انتهاكات لحقوق الإنسان في الإقليم ثم تراجعت

·         الإعلام العربي الخاضع لسلطة الأنظمة السلطوية لم يكترث بمأساة سكان دارفور

 

بقلم: كمال لبيديü

زيارة وزير الخارجية الأمريكي كولين باول الأسبوع الماضي الى السودان وتنديده بعمليات التطهير العرقي بدعم من حكومة الخرطوم في مناطق دارفور الغربية وتحذيره من وقوع مجازر على نمط ما حدث في رواندا يوضح شيئا واحدا هو أن دورة الرعب والتدمير المستمرة في السودان تثير القلق في الدول الغربية أكثر من العالم العربي·

ويزيد عدد ضحايا هذه الكارثة الأفريقية الجديدة والمستمرة منذ أكثر من عام لكنها لم تلق الكثير من الاهتمام الدولي سوى في الآونة الأخيرة، على يد مئات الآلاف من المدنيين المسلمين·

وعلى الرغم من كونهم مسلمين إلا أنهم ينحدرون من أصول أثنية مختلفة عن العرب الذين يقومون باضطهادهم أو غالبية جيرانهم في السودان وشمال أفريقيا والشرق الأوسط·

لقد أوردت المنظمات الدولية لحقوق الإنسان وعلى مدى أشهر عدة التقارير عن القمع وعمليات قتل المدنيين حتى في المساجد وعمليات اغتصاب النساء من كل الأعمار وأمام الأقارب، وإحراق عشرات القرى بأكملها وتدمير مصادر المياه في منطقة تعاني من الجفاف والفقر، ومع ذلك، فإن أصواتا عربية قليلة معظمها من منظمات حقوق الإنسان، حذرت من هذه الجرائم التي تقع على نطاق واسع على يد الحكومة العسكرية في الخرطوم وميليشات الجنجويد التي تلقى الدعم والتسليح من هذه الحكومة، ولسوء الحظ، إن هذه الأصوات ليس لها سوى تأثير بسيط في منطقة يخضع فيها الإعلام لقبضة أنظمة سلطوية، ويعاني معظم الناس من الجهل والظلم والتمييز والفقر والإجحاف·

 

تطهير عرقي

 

وهذه ليست المرة الأولى التي يلتزم فيها الإعلام الخاضع لسلطة الدولة وحتى المدافعون عن المجتمع المدني، الصمت في وقت تجري فيه أعمال القتل والتدمير والانتهاكات لحقوق الإنسان في دول عربية "شقيقة"، فالسودان عضو في نادي الدول العربية السلطوية المسمى جامعة الدول العربية، لقد دفعت الجرائم التي وقعت تحت سمع وبصر الرئيس عمر حسن البشير الذي أطاح الحكومة السودانية المنتخبة بشكل ديمقراطي عام 89 بدعم من راديكاليين إسلاميين والذي عرض ملجأ لزعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن في أوائل التسعينات، دفعت بجامعة الدول العربية عديمة القوة، وفي ظل الضغوط الدولية، الى إرسال لجنة لتقصي الحقائق الى دارفور في شهر مايو الماضي، وكانت النتيجة بياناً صحافياً غير مسبوق، وربما الأول من نوعه منذ إنشاء الجامعة عام 1945، يعترف بوقوع "انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان" في إحدى الدول الأعضاء فيها، ومن المحزن أن الجامعة رضخت بعد وقت قصير، لضغوط الحكومة السودانية وتخلت عن البيان·

ولكن مجرد التلميح باللوم من قبل دولة عربية أخرى كان كافيا لإثارة حفيظة الحكومة السودانية، وفي نهاية شهر مايو الماضي، استشاط وزير الخارجية السوداني مصطفى عثمان إسماعيل، غضبا في أثناء مؤتمر صحافي عقده على هامش مؤتمر القمة العربي الذي عقد في تونس الذي قاطعه الرئيس عمر البشير ربما للاحتجاج على تدخل بعض المسؤولين العرب في شؤون السودان، وقال إسماعيل إن السودان كان يأمل أن تأتي "المزاعم التي لا أساس لها من الصحة" من منظمات أجنبية، وليس من جامعة الدول العربية·

وتذكرنا ردة الفعل العربية على محنة مئات الآلاف من سكان دارفور الذين انتزعت منهم ممتلكاتهم أو شردوا أو تعرضوا لسوء المعاملة بالصمت المذهل لكل من الإعلام والمجتمع المدني في العالم العربي على مجازر الجيش العراقي بقيادة الدكتاتور السابق صدام حسين ضد الأكراد باستخدام الغازات السامة قبل 15 عاما، فمثل هذه الحملات الإجرامية للتطهير العرقي في العراق في نهاية القرن الماضي وفي السودان اليوم كانت ستثير موجة احتجاجات رسمية وشعبية في العواصم العربية لو أن الضحايا كانوا عربا والجلادين من غير العرب·

وسيظل لدى غالبية المواطنين العرب ميلاً لإغماض أعينهم عن الجرائم ضد الإنسانية والانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان ضد جيرانهم من غير العرب أو الأقليات في المنطقة العربية طالما ظلوا يعيشون في دول بوليسية تمنع حرية الانتماء والتجمع والتعبير·

ولعل العالم العربي بحاجة ماسة للتثقف في مجال حقوق الإنسان من أجل محاربة الظلم والتمييز والنزعات القبلية، ولكن سيكون لذلك أثر كبير في الدول البوليسية، حيث لا تزال المدارس والجامعات، تدار من قبل أزلام الأنظمة السلطوية، وحيث يتم إسكات المثقفين ذوي الفكر المستقل بواسطة أجهزة الأمن أو الإسلاميين الراديكاليين·

 

ü صحافي تونسي مقيم في القاهرة والمنسق السابق لمنظمة العفو الدولية لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، والرئيس السابق لفرع المنظمة في تونس·

 

" عن وول ستريت جورنال "

 

----------------------------------------------------

الموضوعات المترجمة تعبر عن آراء  كتابها

إشراف: صالح أحمد النفيسي

saleh@taleea.com

طباعة  

نيغروبونتي ولد في لندن لأب يوناني ونشأ في انكلترا وسويسرا ونيويورك ويتقن 5 لغات
رجل العراق القوي·· من هو وما سلطاته؟

 
لإجبارها على الالتزام بالشرعية الدولية
لا بديل عن فرض العقوبات ضد إسرائيل