رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 18 جمادى الأخرى 1425هـ - 4 أغسطس 2004
العدد 1639

أمريكا مسؤولة عن تحقيق الإصلاحات وحل القضية الفلسطينية في وقت واحد

                                                                               

 

·         لا بد من وجود "طرف ثالث" لمراقبة تنفيذ أي اتفاق بين إسرائيل والفلسطينيين

·         العالم كله له مصلحة في انتصار المعتدلين على المتطرفين في العالمين العربي والإسلامي

 

بقلم: إدوارد جيرجيانü

الرئيس جورج بوش يرغب في أن تنتصر الولايات المتحدة في الصراع بين قوى التطرف والاعتدال، ولتحقيق هذا الهدف يجب على السياسات الأمريكية أن تعكس معرفة بالقوى الفاعلة على الأرض في الشرق الأوسط، ولسوء الحظ فإن التأييد للسياسات الأمريكية في المنطقة قد هبط الى مستويات متدنية جدا، ومع ذلك يظل هناك احترام وحتى إعجاب، ببعض القيم الأمريكية كالحرية والمساواة في الفرص والإنجازات العلمية والاقتصادية·

والمشكلات الرئيسية التي تعاني منها المنطقة هي الصراع العربي - الإسرائيلي والعراق والحاجة للإصلاحات السياسية والاقتصادية، وسواء أعجبنا ذلك أم لم يعجبنا، فإن العرب ومعظم المسلمين يرون أن الولايات المتحدة منحازة لإسرائيل وبأنها قوة احتلال، وليست قوة تحرير في العراق وبأنها متواطئة مع الكثير من الأنظمة السلطوية في الدول العربية والإسلامية·

هذه التحديات الثلاثة مترابطة على الرغم من أن لكل منها سياقه التاريخي والثقافي، وينبغي التعاطي معها معا، ومن دون تأخير، وبالتالي فإن من الخطأ الافتراض - كما يفعل البعض - بأن حلا نهائيا للمسألة الفلسطينية على سبيل المثال يمكن أن ينتظر الى ما بعد الإصلاح الديمقراطي في العالم العربي، أو أن التقدم على طريق الإصلاح في العالم العربي يجب أن ينتظر الى ما بعد حل الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني، وبالإضافة الى ذلك ففي حين أن هذه القضايا الثلاث ليست السبب وراء الإرهاب في الأصل، إلا أن المتطرفين الإسلاميين يحاولون استغلالها بشكل كامل·

 

صراع أيديولوجي

 

ويجب على الولايات المتحدة أن تأخذ زمام المبادرة في قيادة الجهود الدبلوماسية متعددة الأطراف لمعالجة هذه التحديات الرئيسية الثلاث على المستويات السياسية والثقافية والاقتصادية والاجتماعية، فالعالم الإسلامي يمر بصراع أيديولوجي بين المتطرفين والمعتدلين وللمجتمع الدولي مصلحة كبيرة في تغلب المعتدلين في هذا الصراع·

وينبغي لأية استراتيجية شاملة لمواجهة هذه التحديات أن تشمل ما يلي: أولا، التحرك تحت مظلة اللجنة الرباعية للسلام في الشرق الأوسط والتي تضم الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وروسيا والأمم المتحدة، بالتعاون مع السلطات الفلسطينية للبناء على خطة شارون للانسحاب من غزة، فالمسألة الرئيسية هي كيفية التحرك من خطة انسحاب أحادية الجانب الى انخراط متعدد الأطراف يشمل الإسرائيليين والفلسطينيين والمجتمع الدولي، وربما تنطوي خطة شارون - إذا أحسن التعامل معها - على فرص يمكن أن تقود الى عودة الإسرائيليين والفلسطينيين الى المفاوضات المباشرة وتحقيق رؤية بوش القائمة على حل لدولتين في فلسطين، والقضايا الأساسية التي بحاجة للمعالجة هي إعادة التأهيل الاقتصادي والتنمية والأمن ووجود ومراقبة لتنفيذ الاتفاقات، من قبل طرف ثالث، ووجود "طرف ثالث" على الأرض هو أمر ضروري لتحقيق تقدم، وهنا ينبغي للولايات المتحدة أيضا أن تتقدم الصفوف·

ثانيا، في العراق يجب ألا نسعى الى الكمال، لقد نجحنا في إسقاط نظام صدام، ويجب ألا نعطي المتطرفين من إسلاميين وعلمانيين، الفرصة لملء الفراغ، لقد ارتكبنا أخطاء فادحة في إدارتنا لعراق ما بعد صدام وأضعنا وقتا ثمينا، لقد لحق ضرر كبير بصورة الولايات المتحدة جراء فضيحة سجن أبو غريب·

وفي ظل الحقائق على الأرض، فإن إدارة بوش أصابت في تحجيم طموحات المحافظين الجدد فيما يتعلق بالديمقراطية في العراق من خلال تشجيع عملية انتقال سياسي بإقامة حكومة منتخبة تمثل مختلف أطياف الشعب العراقي، ولكن من دون استعادة الأمن العام وخلق فرص العمل وتحقيق تقدم اقتصادي، فإن تحقيق الأهداف السياسية سيظل محفوفا بالمخاطر·

 

مهمة عاجلة

 

ثالثا، أحسنت إدارة بوش صنعا حين حددت الإصلاح السياسي والاقتصادي في الشرق الأوسط كهدف رئيسي لسياستها، ومع ذلك يجب أن تكون الدول المعنية متقبلة للإصلاح، فالإصلاحات لا يمكن فرضها من الخارج، والقيم التي تقف الولايات المتحدة للدفاع عنها تشكل عنصرا أساسيا في الصراع الفكري الدائر حول غياب المؤسسات الديمقراطية والقضاء المستقل وحكم القانون، إن غياب مثل هذه الإصلاحات يؤثر بشكل مباشر على أمن الولايات المتحدة الداخلي والخارجي، كما رأينا في سلسلة الهجمات الإرهابية حول العالم منذ هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001 وحتى الآن، وربما كانت الولايات المتحدة بمؤازة حلفائها - وخصوصا الأوروبيين - بحاجة الى جعل ذلك هدفا رئيسيا لسياستها، وعليها أن تضعه في الأجندة الثنائية مع دول الشرق الأوسط مع الرسالة الواضحة بأن العلاقة مع الولايات المتحدة سوف تتأثر ليس فقط بالروابط السياسية والعسكرية والتجارية فقط، بل أيضا في تحركها باتجاه الإصلاح·

والمهمة عاجلة ويجب على الولايات المتحدة أن تبادر لقيادة فاعلة من أجل بناء إجماع دولي حول هذه القضايا، وللعالم مصلحة حيوية في نتائج مثل هذا التحرك، أن تنسيق السياسات والدبلوماسية العامة والأمريكيتين وفقا لهذه الخطوط، من شأنه تمكين الإدارة من خلق إحساس متجدد بوجود توجه استراتيجي في السياسات الأمريكية تجاه العالمين العربي والإسلامي·

 

ü مدير معهد بيكر للسياسة العامة في جامعة رايس رئيس المجموعة الأمريكية الاستشارية حول الدبلوماسية العامة في العالمين العربي والإسلامي·

 

" عن فايننشال تايمز "

----------------------------------------------------

الموضوعات المترجمة تعبر عن آراء  كتابها

إشراف: صالح أحمد النفيسي

saleh@taleea.com

طباعة  

العراق ما بين بريطانيا 1917 وأمريكا 2003
هل يمكن للتاريخ أن يعيد نفسه بهذه الدقة؟!