رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 2 رجب 1425هـ - 18 اغسطس 2004
العدد 1641

إذا لم تنجح واشنطن في بناء الدولة ستتحول العراق الى مركز للإرهاب الدولي
لا يمكن لأمريكا هزيمة الإرهاب طالما ظلت منحازة لإسرائيل

                                        

 

·     الصراع في العراق وأفغانستان سياسي واقتصادي وأيديولوجي وليس عسكريا فقط

·      إذا ضعفت الرياض أمام الإرهاب فسوف يأتي الدور على كل دول الخليج

 

بقلم: أنطوني كوردسمان

(مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن)

لقد حان الوقت أن نلقي نظرة متروية وفاحصة على ما إذا خسرنا الحرب على الإرهاب، فليس هناك أي دليل حتى الآن علي انخفاض مستوى النشاط الإرهابي، أو أن أي تحرك من أية دولة قد أسفر عن هبوط في أعداد الإرهابيين·

فحتى هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001، كان ما بين 70-100 ألف شاب قد تدربوا في معسكرات تدريب للإسلاميين منذ الغزو السوفييتي لأفغانستان في الثمانينات من القرن الماضي، وكان لتنظيم القاعدة أنصاره أو شكل من أشكال الصلة بحركات تمتد على أكثر من ستين دولة، ومن المؤكد أن بعض زعماء "القاعدة" أو مقاتليها التقليديين قد قتلوا أو اعتقلوا منذ الحادي عشر من سبتمبر  2001، ومع ذلك، فإنه لا يوجد ما يشير الى أن التطرف الإسلامي أو الإرهاب قد تم القضاء عليه في دولة واحدة من دول العالم، بل على العكس، ظهر زعماء ومقاتلون متطرفون جدد·

لقد قدر المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية أخيرا، عدد عناصر تنظيم القاعدة بـ 18 ألف شخص قوي والذين انضم الكثيرون منهم نتيجة للصراع في العراق وأفغانستان، وإذا كان للحرب على الإرهاب أي أثر، فهو أنها عززته في الكثير من المناطق، ففي شهر يونيو الماضي، نفذ تنظيم القاعدة بعض أنجح هجماته بعد الحادي عشر من سبتمبر 2001، في المملكة العربية السعودية، وتمكن من ضرب أهداف سهلة في الصناعة النفطية السعودية مرتين خلال شهر واحد، وأدت الهجمات الى مقتل أمريكيين، وأجانب، وسعوديين، ومع ذلك، فلم يكن الهدف هو صناعة النفط السعودية، فلم تفقد المملكة برميلا واحدا من طاقته التصديرية، بل الهدف هو رغبة الأجانب في البقاء فيها، وإسهامهم في النشاط الاقتصادي، وقدرة المملكة على جذب الاستثمارات التي تحتاجها من أجل الإصلاح، ويكمن نجاح هجوم القاعدة، في جزء منه، في ردة الفعل الأمريكية، فقد كانت ردة فعل واشنطن الأولية هي الإصابة بالذعر، بدلا من الوقوف بحزم بوجه تلك الهجمات، فقد حثت السلطات الأمريكية مواطنيها على مغادرة المملكة مرتين خلال شهر واحد، ولم تطالب واشنطن بأية جهود سعودية جديدة على صعيد الأمن، ولم تعرض تقديم المساعدة في مجال مكافحة الإرهاب، أو القيام بإجراءات جديدة لمساعدة الشركات أو الموظفين الأمريكيين في المملكة، وفي وقت شهد فيه العالم ارتفاعا قياسيا في أسعار النفط وأزمة في إمدادات النفط العالمية، بدا أن إدارة بوش ليس لديها أية خطط محددة لخوض الحرب على الإرهاب في بلد يعتبر إنتاجها وصادراتها النفطية ذات أهمية حيوية للاقتصاد الأمريكي والعالمي·

الحرب المنسية

فالمشكلة ليست في المملكة العربية السعودية وحسب، ففي كل دولة من دول جنوب الخليج خلايا من الإسلاميين المتشددين، وإذا ضعفت المملكة أمام الإرهاب، فسوف يأتيها الدور، ومع ذلك، لم تعلن إدارة بوش عن أية خطط للتعامل مع هذا الخطر الذي يهدد منطقة تحتوي على 60 في المئة من احتياطي النفط العالمي المعلن، إنه لأمر جميل أن تتحدث عن الحرب العالمية على الإرهاب، ولكن من أجل أن تنتصر عليه، لا بد أن تخوض هذه الحرب·

ففي هذه الأثناء أصبحت أفغانستان "حربا منسية" وليست حربا انتصرت فيها الولايات المتحدة، فمنذ سقوط نظام حكم طالبان فشلت واشنطن في تأمين الأمن، وتنفيذ وعود بناء الدولة التي ربما تحقق النصر، لقد أدى تشتت عناصر "القاعدة" وطالبان الى زعزعة الاستقرار في غربي باكستان، وأدى النزاع الناشئ عن ذلك، الى تعزيز قوة الإسلاميين في باكستان وخلق تهديدا إقليميا جديدا، وبدلا من تقديم الدعم والمساعدات المالية الضرورية لمحاربة الإرهاب، كانت استراتيجية الولايات المتحدة تتمثل في محاولة إلقاء العبء على عاتق الناتو·

وفي هذا الوقت، تتصاعد أعمال العنف في العراق، وترتبط أشد الهجمات بمجموعات لها صلات بتنظيم القاعدة، وليس هناك أي دليل على أن العراق كان مركزا للإرهاب، أو أنه كانت له صلة بتنظيم القاعدة قبل الغزو الأمريكي، وفشلت الولايات المتحدة، مرة أخرى في توفير الأمن للبلاد بعد النصر العسكري الذي حققته، وانتظرت حتى بدأت عمليات التمرد لكي تبدأ أولى خطوات إعادة البناء، والنتيجة كانت أن الولايات المتحدة أضاعت أكثر من عام قبل نقل السلطة للعراقيين، ووضع خطط فاعلة لقوات الأمن العراقية، وأنفقت 410 ملايين دولار فقط من أصل 18 مليار دولار هو حجم المساعدات الأمريكية للعراق خلال عام 2004 والهادفة الى كسب قلوب وعقول العراقيين·

مركز دولي للإرهاب

وربما كان للصراع في العراق وأفغانستان بعده العسكري، ولكن الصراع في الدرجة الأولى هو سياسي وأيديولوجي واقتصادي، ولا يمكن للولايات المتحدة كسبه بالقوة وحدها، بل يمكنها كسبه فقط من خلال تقوية الحلفاء المحليين والإصلاحيين، وبعدم محاولة فرض قيمها السياسية، أو همومها الأمنية عليهم، وربما كانت واشنطن بحاجة الى تولي مهمتي الأمن وبناء الدولة في أفغانستان، وإضافة مساعدات كبيرة الى مهمتها في باكستان، إنها بحاجة لأن تفهم أنه ما لم يتحول انخراطها في العراق الى جهد متصل لمساعدة العراقيين في إعادة بناء بلادهم وفقا لما يرونه هم، وبسنوات من المساعدة العسكرية والاقتصادية، فإن النتيجة النهائية ستكون أن يتحول العراق الى مركز للإرهاب الدولي·

وطالما ظل الغضب الشعبي في العالم الإسلامي، على الولايات المتحدة تصوغه التصورات بأن الولايات المتحدة تنحاز الى إسرائيل بشكل يعوق تقدم عملية السلام العربي - الإسرائيلي، فلا يمكن أن تنتصر في الحرب على الإرهاب·

وأخيرا، لا يمكن تحقيق النصر في الحرب على الإرهاب طالما اعتقد العرب أن دعوة الولايات المتحدة للإصلاح في العالم العربي ليست سوى ستارا لخلق أنظمة تكون ألعوبة بيدها "أي بيد الولايات المتحدة"، ويجب إلغاء أية مبادرات أحادية الجانب كمشروع الشرق الأوسط الكبير والاستعاضة عنه بإصلاحات تنسجم مع خطة الإصلاح التي تبنتها مجموعة الثمانية في مؤتمرها في شهر يونيو الماضي·

أما الدعوات الأمريكية العمومية الفارغة للتغيير على مستوى المنطقة، فهي آخر شيء نحتاجه في ظل أجواء يسودها انعدام الثقة العميق على المستوى الإقليمي، فمثل هذه الدعوات لا تساعد سوى قضية الإرهاب، ويتعين على واشنطن بدلا من ذلك أن تعمل بشكل وثيق مع شركائها في مجموعة الثمانية، والحكومات العربية الصديقة، والإصلاحيين العرب المحليين من أجل خلق مبادرات إصلاحية تتلاءم مع احتياجات كل بلد، مبادرات تعزز الثقة بأن الولايات المتحدة تنشد الإصلاح لصالح الدول العربية وليس خدمة لمصالحها السياسية، ويجب أن نعترف أيضا، أنه لا يمكن للولايات المتحدة أن تنجح دون تقديم المساعدات التي تحتاجها كل دولة لتلبية احتياجاتها السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية·

 

" عن الفايننشال تايمز "

 

----------------------------------------------------

الموضوعات المترجمة تعبر عن آراء  كتابها

إشراف: صالح أحمد النفيسي

saleh@taleea.com

طباعة  

استكمال بنائه سيؤدي الى ضم 15% من أراضي الضفة الغربية
مصير الجدار الإسرائيلي لن يختلف عن سور الصين أو حائط برلين