اختارت سلسلة "إبداعات عالمية" - التي تصدر عن المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب - إصدار مجموعة قصص من أدب أمريكا اللاتينية المكتوب بالأسبانية·· وجاءت هذه المختارات انتقائية عن مجموعة هائلة من منتجات قارة شاسعة، المهم بالنسبة لمن وضع هذه المختارات قيد الترجمة "صالح علماني" إنها محاولة لتقديم نماذج وتيارات مختلفة، تكاد تغطي قرنا كاملا·
جاء في تقديم هذه المجموعة:
كانت أمريكا الأسبانية، على امتداد نحو أربعة قرون - مثل كل المستعمرات الأخرى - مجرد مورد للمواد الأولية، ومستورد ومستهلك للمنتجات المصنعة، ومن ضمن تلك المنتجات المستوردة، كانت تستهلك أدبا يكتب على بعد آلاف الأميال عن واقعها، بعيدا كل البعد عن مشاكلها وهمومها اليومية، ونجد أن أبرز الروائيين والقصاصين بهذه اللغة في النصف الثاني من القرن العشرين هم من أمريكا اللاتينية· ومع ذلك فإن أصالة القصة الأمريكية اللاتينية كانت قد استقرت ونضجت إبداعيا منذ النصف الأول من القرن العشرين·
ومسيرة التجديد الحقيقية في القصة القصيرة تبدأ مع قصص هوراسيوكيروغا، أحد أبرز ملهمي الروح التجديدية في الإنتاج الأدبي "الإسبانو أمريكي"، فقد كان كيروغا أول من حاول وضع نظرية للقصة القصيرة الأمريكية الأسبانية، فحدد بدقة أطر هذا الجنس الأدبي وعناصره الأسلوبية، وكان يرى أن "الإلهام"، هذا البعد الغامض في الإبداع، هو عنصر ضروري لا غنى عنه فعلا، ولكنه كان يدرك في الوقت نفسه أن الافتقار إلى الملكة التقنية يمكن أن يفسد أرقى رؤية إبداعية، وقد اهتم كيروغا، بصورة خاصة، برسم الحدود الجوهرية الفاصلة بين القصة القصيرة والرواية، على الرغم ما بينهما من تداخل في الظاهر·
وتضيف المقدمة معلومات عن التطور ات اللاحقة التي ألمت بهذا الأدب القصصي عبر القرن العشرين وصولا إلى الزمن الحاضر الذي احتل فيه أدب أمريكا اللاتينية مكانة عالية متميزة بأسماء شهيرة مثل ماركيز واستورباس وخوان رولفو وفويش، كدليل على أنه وصل مرحلة النضج بعد رحلة استمرت طوال قرن أو نحوه توسطته مرحلة الازدهار الكبير ما بين العامين 1948 و 1962م وسيتابع الجيل الذي أطلق حركة الازدهار نشاطه ومنحاه التجريبي في مزج المتخيل بالواقعي لما أصبح يطلق عليه أدب الواقعية، الغرائبية، أو السحرية انطلاقا من الرائد المكسيكي خوان رولفو في العام 1953·