رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 9 رجب 1425هـ - 25 أغسطس 2004
العدد 1642

ماذا لو هدم الفلسطينيون منزلا فوق رأس مواطن إسرائيلي معاق؟
إسرائيل الدولة الوحيدة العنصرية في العالم

             

 

·         سكوت الإسرائيليين عن فظائع قواتهم يعني أنهم يعتقدون أنه لا توجد ضحية غيرهم!

 

بقلم جدعون ليفي:

ماذا كان سيحدث لو أن إرهابيا فلسطينيا فجر قنبلة عند مدخل إحدى البنايات السكنية في إسرائيل وتسبب في مقتل عجوز على كرسي متحرك تبين فيما بعد أنه دفن حيا تحت أنقاض المبنى؟ لا بد أن صدمة عميقة ستصيب المجتمع الإسرائيلي وسوف يتحدث الجميع عن قسوة القتلة، وربما تكون الصدمة أكبر لو كشف النقاب عن أن زوجة الرجل القتيل حاولت ثني الإرهابيين عن تفجير المنزل بإبلاغهم أن هناك أناسا داخله ولكن من دون جدوى· من المؤكد أن تخرج علينا صحف التابلويد بعناوين مثيرة مثل "دفن حيا على كرسيه المتحرك"، وسوف تصف الإرهابيين بأنهم "حيوانات"·

لقد حدث في مدينة خان يونس الشهر الماضي أن قامت إحدى جرافات جيش الدفاع الإسرائيلي بهدم منزل إبراهيم خلف الله، الرجل المقعد الذي يبلغ الخامسة والسبعين من عمره والأب لسبعة أبناء ودفنته حيا تحت أنقاض المنزل، وتقول زوجته إنها حاولت وقف سائق الجرافة بالصراخ لكنه لم يعبأ بها· وقد وصف الجيش الإسرائيلي الحادث بأنه "خطأ ما كان ينبغي أن يقع"· وقد مر الحادث في إسرائيل من دون أن يلفت نظر أحد، بل إن صحيفة "يديعوت أحرونوت" الأوسع انتشارا في إسرائيل لم تنشر الخبر أصلا· وأن حادثة المرأة اليهودية التي تعرضت للاعتداء في فرنسا ثم تبين أنه حادث مفبرك، حظيت باهتمام أكبر في إسرائيل· لقد ساد الاعتقاد في إسرائيل بأن الحادث في فرنسا كان موجها للشعب الإسرائيلي، ولكن حين تقوم جرافة إسرائيلية بهدم منزل على رأس صاحبه المعاق، فهذا أمر عادي لا يستدعي الاهتمام، تماما كما حدث للمرأة الفلسطينية "نهى مقادمة" في مخيم البريج التي كانت حاملا في شهرها التاسع، فهدم الجيش الإسرائيلي البيت فوق رأسها وأمام مرأى من زوجها وأطفالها قبل أشهر عدة·

 

جناة وضحايا

 

وماذا كان سيحدث لو أن فلسطينيا أطلق النار وقتل محاضرا جامعيا إسرائيليا وابنه أمام زوجته وابنه الصغير؟ هذا ما حدث الشهر الماضي أيضا في حالة الدكتور سالم خالد في مدينة نابلس الذي نادى على الجنود من نافذة المنزل بأنه رجل مسالم وأنه لا يستطيع مغادرة المنزل بسبب انغلاق الباب، لقد أطلق الجنود النار عليه وأردوه قتيلا، وقتلوا نجله ابن السادسة عشرة أمام أمه وشقيقه ابن الحادية عشرة، وليس من الصعب أن نتخيل كيف ستكون ردة فعلنا لو كان الضحايا من الإسرائيليين·

ولكن حين نكون نحن الجناة والفلسطينيون هم الضحايا، نفضل أن ندير وجوهنا الى الاتجاه الآخر بحيث لا نريد أن نعرف أو نهتم أو نشعر بالصدمة· فالضحايا الفلسطينيون - وأعدادهم كما يعرف الجميع، هي أكبر بكثير من الضحايا الإسرائيليين - لا يحظون بالتقارير الصحافية، حتى لو كانت الأحداث في غاية الوحشية، كما سبقت الإشارة، هذا ليس اختبارا ثقافيا، بل محاولة لإظهار المعلومات التي يجري التستر عليها والمعايير الأخلاقية المزدوجة والنفاق· إن حالة اللامبالاة في المجتمع الإسرائيلي تجاه الحوادث الأخيرة تثبت مرة أخرى، أن الإسرائيليين يعتقدون أنهم وحدهم الضحايا وأن لا أحد غيرهم سينظر إليه كضحية·

ولو كان وزير أوروبي قد أعلن "لا أريد هؤلاء اليهود من ذوي الأنوف الطويلة "أي اليهود" بأن يقدم لي الخدمة في المطعم"، لرفعت كل أوروبا صوتها احتجاجا وسيكون ذلك التصريح الأخير الذي يدلي به كوزير·

لقد حدث قبل ثلاث سنوات أن صرح وزير الشؤون الاجتماعية والعمل السابق شلومو بنيزري من حركة "شاس" قائلا: "لا أستطيع أن أفهم لماذا يأتي رجل عربي لخدمتي في المطعم"، ولم يحدث شيء، فنحن مسموح لنا أن نكون عنصريين وماذا لو أن حكومة أوروبية أعلنت أن اليهود غير مسموح لهم بدخول المدارس المسيحية؟ من المؤكد أن يرفع يهود العالم أصواتهم احتجاجا، ولكن حين تعلن وزارة التعليم عندنا أنها لن تسمح للعرب بدخول المدارس اليهودية في حيفا، فإن قرارا كهذا لا يعتبر عنصريا، ولا يمكن عدم تصنيفه على أنه عنصري إلا في إسرائيل، فإرث رئيسة وزراء إسرائيل في نهاية الستينات ومطلع السبعينات غولدمائير، قالت إنه بعد ما فعله النازيون بنا، يمكننا أن نفعل كل ما نريد، بدأ ينبعث من جديد·

ماذا كان سيحدث لو أن دولة ما سنت تشريعا يمنع مواطني دولة ما من الحصول على جنسيتها، بصرف النظر عن الظروف حتى لو كان الأمر يتعلق بعائلات ولديها أطفال؟

فلا يوجد دولة هذه الأيام تسن مثل هذه التشريعات، سوى إسرائيل· فلا يمكن للفلسطيني المتزوج من إسرائيلية التمتع بحقوق المواطنة، ولو كانت شرطة الهجرة الأمريكية تعامل المهاجرين الإسرائيليين غير الشرعيين كالحيوانات في منتصف الليالي كما تفعل الشرطة الإسرائيلية مع الفلسطينيين هنا، فهل سيصبح لدينا تفهم أفضل للمظالم التي تلحق بمواطنين فلسطينيين يأتون الى هنا من أجل البحث عن فرصة عمل؟

وماذا سنقول لو أن مهاجرين إسرائيليين فصلوا عن أطفالهم وأبعدوا عن البلاد بصرف النظر عن الظروف الإنسانية؟ وكيف سنصنف دولة تقوم باستجواب زائريها حول وجهات نظرهم السياسية حال وصولهم الى المطار وتمنعهم من الدخول إلا بعد الإفصاح عن وجهات نظرهم؟ وماذا كنا سنفعل لو أن المعادين للسامية في فرنسا قاموا بتسميم مياه الشرب في أحد الأحياء اليهودية؟ لقد قام المستوطنون أخيرا بتسميم بئر لمياه الشرب في إحدى قرى جنوب مدينة الخليل وما زالت الشرطة تحقق في الواقعة·

ولم نقل شيئا بعد، عن دولة تقوم بسجن شعب دولة أخرى، أو نظام يمنع حصول جزء من أفراد هذا الشعب على العلاج الطبي بناء على الهوية، وحول الطرق المفتوحة أمام مواطنيها فقط ويحظر على أبناء شعب آخر استعمالها، وحول مطار يغلق أمام مواطني الشعب الآخر· كل ذلك يحدث في إسرائيل ويسحب من تحتنا الأرضية الأخلاقية التي تجعلنا نشكو من العنصرية ومعاداة السامية في الخارج، حتى عندما تحدث بالفعل·

 

" عن صحيفة هآرتس الإسرائيلية "

 

----------------------------------------------------

الموضوعات المترجمة تعبر عن آراء  كتابها

إشراف: صالح أحمد النفيسي

saleh@taleea.com

 

طباعة  

أين أخطأ الأمريكيون في العراق وأين أصابوا؟
 
كان الأولى ببريطانيا أن تنصح أمريكا بدلا من الانقياد وراءها
الحرب على العراق عززت نزعات التطرف في العالم الإسلامي

 
كروثامر: يبدو أننا غزونا الدولة الخطأ!
قصف جوي للمواقع النووية بدل الغزو الأمريكي لإيران