رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 23 رجب 1425 هـ _ 8 سبتمبر 2004
العدد 1644

مشعل ورفجانه يبون أرض
                                                                    

 

 

بقلم: إقبال الأحمد

تفاعلا مع ما تقوم به صفحة فئات خاصة من عرض لهموم هذه الفئة، فقد نشرت الكاتبة إقبال الأحمد مقالا بصحيفة "القبس" يوم السبت 28/8/2004 الموافق 12 من رجب - السنة 33 العدد 11214 تحت عنوان "مشعل ورفجانه يبون أرض" ونحن ننشرها بالتفاصيل:

 

أكذب لو قلت لكن أنني كنت من القوة بحيث قاومت دموعي وأنا أشاهد وأستمع إلى شهقات الأم التي شقت صدرها وهي تتلقف ابنها ذا البسمة الساحرة والعينيين الضيقتين وتحتضه بكل ما أوتيت من قوة عندما رفع من الماء إثر فوزه بإحدى مسابقات السباحة لفئات مرضى الداون·· "التخلف العقلي"، فيما يركض الأب وراءهما يتابعهما بعدسة كاميرته التي سجل بها كل لحظات انتصارات ابنه مشعل منذ ولادته·

مشعل من الأبناء المحظوظين الذي رزقوا بآباء وأمهات واعين مدركين أن الإنسان يستحق أن تتاح له جميع فرص العيش بغض النظر عن قدراته العقلية أو الجسدية، مما أتاح له أن يشعر بلذة حياته وانتصاراته التي جناها بفضل إيمان وقوة وإصرار وعدم يأس والديه اللذين كانا السبب الأول والأخير فيما وصل إليه من مكانة في المجتمع الذي نعيشه، وكان آخرها فوزه بإحدى مسابقات السباحة العالمية على غيره من المصابين بالمرض نفسه من جميع أنحاء العالم·· فما كان من الأب إلا أن قدمه وبجهوده الذاتية إلى المجتمع الكويتي بكل الطرق والوسائل المتاحة، زار كبار المسؤولين واتفق مع بعض الجمعيات وهيئات النفع العام على تبني موضوع تقديم نجاح ابنه، وعرض هذه الانتصارات بشكل لم يفعله حتى آباء الأسوياء الذين وصلوا إلى أعلى درجات النجاح·

كتب في الصحف وحاول ونجح في تخصيص صفحة في إحدى الصحف لعرض نجاحات مرضى الداون وقدراتهم، في توعية متواضعة للمجتمع حول إمكانات هذه الفئة و··· و··· و··

لم أعرض هذه الحالة حبا في استعراض شخصيات معينة ولكنني تحسرت وأنا أستعرض إحدى الصحف التي كانت تتحدث عن موضوع حول المعاقين مع بعض الصور لهم وقد غشيت وجوههم وكأنهم مجرمون بمعنى أن من ينظر إلى الصورة يعتقد أنها لمتهمين أو مجرمين وليس لأفراد لا يعيبهم شيء أبدا ولا يختلفون عن غيرهم بشيء أبدا، باستثناء إعاقة جسدية لا يمكن بأي حال من الأحوال تصنيفها كمسبب لحجبهم عن المجتمع·

هذه الفئة تحتاج منا جميعا، أولياء الأمور والجهات المسؤولة وجميع أفراد المجتمع، إلى بذل كل ما هو ممكن في سبيل إثبات حقيقة واضحة، وهي أنهم لا يقلون قيد أنملة عنا جميعا نحن الأصحاء، بل قد يزيدون علينا إصرارا في حال توافرت لهم الظروف المشجعة والداعمة مثل مشعل، وقد يموتون في مكانهم إذا ما نبذوا في المجتمع الذي يعيشون فيه، وإذا ما ووروا عن الأنظار، وإذا ما اعتبروا عيبا وعارا يجب مداراته، كما يحصل مع كثير من الأسر، للأسف، وإذا ما أوصدت الأبواب عليهم، وإذا ما غبشت وجهوههم كما حصل في تلك الصحيفة·

هذا النوع من البشر يحتاج توفير المكان اللازم الذي يلتقي فيه ليمارس جميع نشاطاته·· أعرف أن هناك ناديا للمعاقين جسديا يهتم بهم ويصقل إبداعهم ويقدمهم للعالم من خلاله، إلا أن الشيء ذاته معدوم عند ذوي التخلف العقلي بجميع درجاته·· فهم لا يملكون سوى استعداد ذويهم وأهلهم للقيام بذلك·· وهذا لا يحصل في الكويت إلا ألفا في المائة، كما حصل مع مشعل الذي تولى والده دور الدولة في الاهتمام بابنه، بمعنى أن هذه الفئة المظلومة تحتاج إلى يد الدولة وعونها في تخصيص أرض ومكان وناد يتبنى كل من هم على شاكلة مشعل ليتقدموا إلى العالم باسم الكويت فيحققوا الانتصارات باسم الكويت ويرفعوا علم الكويت الذي اشتقنا إليه في المحافل الدولية بعد أن خيب الأصحاء من الرياضيين آمالنا!

لنعطِ هذه الفئة حقا·· نعم أقول حقها في الحياة، ولتتولَ الدولة ذلك·· وأبسط ما تقدمه لهم اليوم هو الأرض لإقامة ناد يحتضن المعاقين عقليا بعد أن احتضنت المعاقين جسديا ونجحت في ذلك·· ويعطيك الف عافية يا والد مشعل وبارك الله بخطواتك، وأطال الله نَفَسك إلى أن تنجح في تحقيق آمال مشعل وزملائه ممن يعانون ما يعانيه·

طباعة  

لماذا هذه الصفحة؟
 
زهيرية
 
مجرد سؤال
 
شخصيات من بلدي(2)
عبير الصفران: العمل التطوعي يعطي ثقة بالنفس وحب الآخرين والإحساس بالمسؤولية

 
في بيتنا معاق
مواجهة مع المجتمع(الحلقة الثانية)