رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 23 رجب 1425 هـ _ 8 سبتمبر 2004
العدد 1644

كنز وغيوم من التاريخ

                                                                   

                                                                         غلاف العدد

 

كتب المحرر الثقافي:

هذه ليست رواية تاريخ رغم تلميحاتها التاريخية، وليست سردا بالمعنى المألوف، بل هي صور فيها من الواقع شيء ومن الخيال أشياء·

تبدأ هذه الرواية، وعنوانها "كنز وغيوم في السماء" للروائي الشاب "عبدالعزيز محمد عبدالله"، في عصر قديم يخبئ فيه بحاران من الهند كنزا، ويرسمان خريطة تدل على موقعه، ثم يختفي المشهد، ليتلوه آخر يحدث في عصر لاحق وفي مكان مختلف· المكان هذه المرة "فارس" ثم تتوالى الصور والأمكنة، أرض الرافدين، مصر الفرعونية·· وهكذا·

في هذه المشاهد يشهد الكاتب على قصص معينة ذات مغزى في التاريخ، مثل قصة أهل الأخدود، وحروب فراعنة مصر·

الشائق أن هذه المشاهد تروى على شكل حوار متواصل، وكأن القارئ يقف أمام خشبة مسرح·

يتردد ذكر الكنز في كل مشهد وكأنه نغمة متواصلة الحضور، فالكل يبحث عن هذا الكنز القديم في الأرض ولا يصل إليه· المشاهد لا يتصل بعضها ببعض، ولكن المؤلف يكسر الإيهام ويكرر في أكثر من نهاية أن ما يجري هو خيال يتخيله كاتب نص·

فهو مرة يتوقف عن الكتابة، لأن طفله يبكي، ويسمع أبطال المشهد المسرحي بكاءه! ومرة يغط ابنه في نومه في اللحظة التي يظهر فيها فرعون على رأس جيشه·

تقنية جميلة ولكنها لم تُطور إلا في المشهد الأخير حيث يُفاجأ المؤلف بأن أبطال مشهده الأخير الذي يجري في فيلكا في الزمن الراهن، يقيمون دعوى أمام المحكمة عليه، لأنه تناول حياتهم الخاصة! وتحت وطأة هذه المفاجأة يذهب الراوي إلى المكتبة العامة فيكتشف أن ما ظنه مشاهد خيالية ليس في الحقيقة، إلا وقائع تاريخية حدثت فعلا·

هذه الرواية التي نشرتها دار قرطاس للنشر في الكويت، تتبع كما هو واضح الحوار أسلوبا للقول، أي أن على القارئ أن يعرف كل ما هو ضروري خلال حوار الشخصيات، وهذا يعني أن على الحوار أن يحمل عبء تجسيد الملامح الفكرية والاجتماعية، أو الحضارية بعامة لكل مشهد بشخصياته، وعلى هذا من المتوقع أن ينتبه من يتخذ هذا الأسلوب تقنية إلى أن كل عبارة في الحوار يجب أن تعكس سمات فكرية خاصة، بالعصر أو المجتمع أو الفرد الذي يطلقها فهي ليست مجرد كلام يقال ليؤدي معنى معيناً· السؤال هو هل نجح الكاتب في هذا؟

الانتقال بين عصر الحضارة الهندية فالفارسية، فاليمانية القديمة فالسومرية، فالفرعونية، فالإسلامية، كان يصل إلى القارئ عبر أسماء الأشخاص، وعبر إشارات إلى الأرض التي يقفون عليها، وباستثناء هذا، لا يعبر الحوار عن سمات خاصة يحملها الهندي أو السومري أو الفرعوني أو الروماني، فكلهم يتحدث مثلما يتحدث أي شخص بلا ملامح مع استثناء وحيد هو استخدام العامية الدارجة في مشهد فيلكا·

تقنية سرد رواية عبر حوار بين شخصيات ليست جديدة بالطبع، فهذه التقنية هي جوهر العمل المسرحي، ولكن انتقالها إلى الرواية انتقالا بارزا لم يحدث إلا حديثا، وبخاصة على يد كاتب من أمريكا اللاتينية يدعى الفارو ساموديو، يعتبر أب "الواقعية السحرية" في أدب أمريكا اللاتينية والمترجم في أوائل الثمانينات، وحاولت الفرنسية "مرغريت دورا" هذه التقنية من دون نجاح أن يذكر في روايتها "الحديقة"، كما جربها الأمريكي "ترومان كابوتي" في مرحلة نضجه قبل وفاته بوقت قصير·

الكاتب عبدالعزيز محمد عبدالله يتبع هذه الطريقة في كتابة التاريخ، بما يشبه تحويلا شعريا، فهو لا يخفي الوقائع ولا يزيف المآسي بقدر ما يخضعها إلى نوع من التصفية يبقي على جوهرها الخيالي أو الأسطوري بالأصح، ويظهر هذا واضحا في محاولة بناء المشاهد على أساس حوار بلغة غنية، وتجزئة البنية على مشاهد متقطعة، تماما مثلما تبدو في ذاكرة تحاول استعادة لمحات مضيئة من غيوم الماضي·

هي تجريب إذن، ولكل تجربة ضعفها، ولكنها تبقى في النهاية محاولة في الأسلوب جديدة في الوسط الأدبي في الكويت·

طباعة  

تَعَلَّمْ التَّحْسُونَهْ بْرُووسْ القِرْعَانْ
 
غزارة في الإنتاج·· رداءة في التسويق
اهتمام الكويتيين بالنخيل قديم ومتوارث

 
سلة البلدية
 
البلدية ترد على "سلة البلدية"
 
الأشغال ترد على "للوزيرالحميدي"