رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 29 شعبان 1425هـ - 13 أكتوبر 2004
العدد 1649

يفكرون بالسعي للمواطنة المتساوية بدلا من الاستقلال··
ربع الفلسطينيين يؤيدون حل الدولة الديمقراطية العلمانية الواحدة

                                          

 

بقلم: مايكل طرزيü

كانت سياسة إسرائيل التي يصعب الدفاع عنها في الشرق الأوسط أوضح ما تكون خلال الأسابيع القليلة الماضية التي قام بها الجيش الإسرائيلي بمداهمات متكررة في غزة وقتلت العشرات من الفلسطينيين خلال الهجمات الأكثر دموية التي نفذتها على مدى أكثر من عامين، حتى في وقت يكرر رئيس الوزراء الإسرائيلي أرييل شارون خططه للانسحاب من غزة·

فاستراتيجية إسرائيل تجاه الفلسطينيين تؤدي في النهاية الى هزيمة الذات، فهي تريد الأراضي ولا تريد الفلسطينيين الذين يعيشون على هذه الأراضي·

فالملايين من الفلسطينيين المسيحيين والمسلمين الذين يعيشون تحت الاحتلال ليس مرحبا بهم في الدولة اليهودية، لقد أصبح الكثير من الفلسطينيين مقتنعين الآن بأن التأييد الإسرائيلي لقيام دولة فلسطينية مرده ليس الأمل بالمصالحة، بل الرغبة بعزل غير اليهود وفي الوقت ذاته السيطرة على أكبر قدر ممكن من الأراضي والموارد·

لقد بدأ الفلسطينيون يثيرون التساؤلات بشكل متزايد حول الحل المقبول عموما للصراع الإسرائيلي - الفلسطيني، أي "دولتين تعيشان جنبا الى جنب بسلام وأمن" على حد تعبير الرئيس جورج بوش، وبدأوا يضطرون للتفكير في حل الدولة الواحدة·

 

محميات

 

الاستراتيجية من وراء رغبة إسرائيل في حل الدولتين واضحة في أذهان الفلسطينيين· إن أكثر من 400 ألف إسرائيلي يعيشون بصورة غير شرعية في أكثر من 150 مستعمرة يجثم الكثير منها فوق مصادر المياه الفلسطينية، ويبدي شارون استعداده لإخلاء مستوطني غزة ولكن مقابل توسيع مستوطنات الضفة الغربية، وتبني إسرائيل جدارا فاصلا ليس على أرضها بل داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة، ويزيد مسار الجدار مساحة الأراضي الزراعية التي ستصبح على الجانب الإسرائيلي من الجدار الى أقصى حد، كما يزيد عدد الفلسطينيين على الجانب الآخر من الجدار الى أقصى حد·

ومع ذلك، ففي الوقت الذي يحاول الإسرائيليون تفادي الخطر الديمغرافي، فإنهم يخلقون خطراً ديمقراطيا، فبعد سنوات من المفاوضات التي تزامنت مع تسارع بناء المستوطنات، والآن، بناء الجدار، أصبح الفلسطينيون يدركون أن إسرائيل تعرض عليهم "استقلالا" على محميات مجردة من المياه والأراضي الزراعية، ومعتمدة، اقتصاديا، على إسرائيل ولا تتمتع بحق الدفاع عن النفس·

ونتيجة لذلك، بدأ الكثير من الفلسطينيين يتفكرون في ما إذا كان يتعين عليهم استبدال النضال من أجل دولة مستقلة الى جانب إسرائيل بالنضال من أجل مواطنة متساوية، بمعنى آخر، دولة واحدة يعيش فيها جميع المواطنين من كل الأديان والأثينيات معا متساوين في الحقوق·

وتشير استطلاعات الرأي الأخيرة أن ربع الفلسطينيين يحبذون قيام دولة ديمقراطية علمانية واحدة في فلسطين·

 

فكرة راديكالية

 

والتأييد لحل الدولة الواحدة ليس فكرة راديكالية، إنه ببساطة، اعتراف بالحقيقة غير المريحة المتمثلة بأن إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة تعملان بالفعل كدولة واحدة، فهما تشتركان في طبقة "صخرية مائية واحدة وشبكة طرق سريعة واحدة وشبكة كهرباء واحدة وحدود دولية واحدة·

وبعض الخرائط الحكومية الإسرائيلية لا ترسم خطا فاصلا بين حدود ما قبل وما بعد عام 1967، والمستوطنون في الأراضي المحتلة "بما فيها القدس" ينتشرون حول المدن والبلدات الفلسطينية ويشكلون الآن خمس السكان تقريبا·

ولكن في دولة الأمر الواقع هذه، يحرم 3,5 مليون فلسطيني من المسلمين والمسيحيين، من الحقوق السياسية والدينية التي يتمتع بها اليهود، إذ يتعين على هؤلاء الفلسطينيين استخدام طرق غير تلك التي يستخدمها اليهود وسياراتهم تحمل لوحات تختلف عن لوحات السيارات العائدة لليهود، ولا يسمح لها بالسفر الى مناطق محددة داخل الأراضي الفلسطينية، ويحظر على الفلسطينيين قيادة سيارات تحمل لوحات إسرائيلية، وهؤلاء الفلسطينيون ليس من حقهم الحصول على الجنسية الإسرائيلية أو التصويت في الانتخابات الإسرائيلية·

وكان يطلق على تجميع كل هذه الحقوق والامتيازات ومنحها على أساس أثني أو ديني في جنوب أفريقيا مصطلح "تمييز أو فصل عنصري "ابارتايد"، أما في إسرائيل فيطلق عليها الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط!

ويرفض معظم الإسرائيليين فكرة منح الفلسطينيين حقوقا متساوية لأنهم يخشون من أن غالبية فلسطينية محتملة سوف تعامل الإسرائيليين بالطريقة التي يعاملون بها الفلسطينيين الآن·

إنهم يخشون من تدمير "الدولة اليهودية" التي لم ترسم حدودها أبدا، ولكن حل الدولة الواحدة لا يدمر الشخصية اليهودية للدولة ولا الإرث التاريخي والديني لليهود، بل سيقضي على الوضع الفوقي لليهود في هذه الدولة، ويؤكد حل الدولة الواحدة على الهوية الإسلامية والمسيحية للأراضي المقدسة، فضلا عن الهوية اليهودية·

 

معركة غير سهلة

 

وهذا أمر جميل بالنسبة للمؤمنين بالمساواة، فمن الناحية النظرية، الصهيونية هي حركة تحرر قومي لليهود، ولكن من الناحية العملية، كانت حركة تكريس لتفوق اليهود، والمطلوب هو إلحاق الهزيمة بفكرة هيمنة مجموعة أثنية أو دينية على غيرها قبل أن يمكننا التحدث بشكل جدي عن مرحلة سلام جديدة، فلا حق للمسلمين أو المسيحيين أو اليهود للتفرد بالسيطرة على هذه الأرض المقدسة·

والنضال من أجل أن يحقق الفلسطينيون المساواة "مع الإسرائيليين" ليس سهلا، ومن يمتلكون السلطة لا يشركون غيرهم فيها طواعية، ويتعين على الفلسطينيين كسب تعاطف العالم وحشد وتنظيم وتأييد المجتمع الدولي وأن يرفضوا التخلي عن حقوقهم·

لكن الصراع ضد سياسة الفصل العنصري في جنوب أفريقيا أثبتت أن بالإمكان الانتصار في هذه المعركة، ولكن السؤال هو كم من الوقت سوف يستغرق ذلك، والى متى سيظل الشعبان يعانيان، قبل أن تتحول نظرة الإسرائيليين اليهود الى المسلمين والمسيحيين من خطر ديمغرافي الى زملاء لهم في المواطنة؟

 

ü مستشار قانوني لمنظمة التحرير الفلسطينية

" عن انترناشيونال هيرالدتربيون "

 

----------------------------------------------------

الموضوعات المترجمة تعبر عن آراء  كتابها

إشراف: صالح أحمد النفيسي

saleh@taleea.com

طباعة  

السيستاني هو الرجل الأقوى سياسيا ودينيا في البلاد
تأجيل الانتخابات العراقية ليس نهاية العالم

 
لا يمكن لأمريكا أن تحظى بالأمن وهي مكروهة في العالم الإسلامي
مناهج الدراسة الأمريكية بحاجة الى تغيير أيضا