كتب عبداللطيف الدعيج:
ليس القصد هنا التقليل من قدر الشيخ سالم كما قد يبدو من العنوان، فلسنا معنيين هنا في الانتصار لهذا الطرف أو ذاك في الصراع الدائر بين أقطاب وأفرد الأسرة الحاكمة، كما أننا بالضرورة نكن للشيخ سالم بالذات، وفي الواقع لكل شيوخنا ما يستحقونه من التقدير والاحترام، لكننا أولا وأخيرا معنيون بالانتصار للدستور ولإرادة الأمة وللنظام الديمقراطي ولكل ما تم تجاوزه أو تعليقه من قواعد النظام السياسي أو تقاليد وأعراف الحكم الكويتية من قبل الأسرة الحاكمة بكاملها وليس من قبل الشيخ سالم العلي فقط·
التمعن في تصريح الشيخ سالم العلي يؤكد أن الأسرة الحاكمة ستقرر شيئا ما في غضون الأيام القادمة، والشيء "الما" الذي ألمح إليه الشيخ سالم العلي وهو بالمناسبة ما أكد أكثر من مصدر في الأسرة الحاكمة صحته - وهو ما يعني أن الشيخ سالم العلي ليس وحده - هو مستقبل ولاية العهد، ليس هناك شيء جلل يستحق الاجتماع العام للأسرة الحاكمة وليس هناك ما طال انتظاره من قبل الشعب الكويتي، كما أعلن الشيخ سالم، غير ترتيب أوضاع بيت الحكم، أي وبكل دقة ووضوح، البت في أمر ولاية العهد أو حتى الإمارة كما أشارت الى ذلك خطأ أيضا بعض المصادر العربية والدولية·
البت في رئاسة الدولة أو ولاية العهد هو أمر من اختصاص سمو الأمير - في حالة ولاية العهد- أو اختصاص مجلس الوزراء في حالة كان الموضوع هو رئيس الدولة نفسه لكن في كلا الحالتين فإن الأمر يعود إعلانه الى مجلس الوزراء، في حالة ولاية العهد، ومحل تنفيذه في كلا الأحوال هو مجلس الأمة· مجلس الأمة وليس مجلس العائلة هو من يبت في صلاحيات الأمير أو ولي العهد إذا خلا أحد المنصبين بغير الظروف الطبيعية·
حسب المادة الثالثة من قانون توارث الإمارة فإنه "يشترط لممارسة الأمير لصلاحياته الدستورية ألا يفقد شرطا من الشروط الواجب توافرها في ولي العهد· فإن فقد أحد هذه الشروط أو فقد القدرة الصحية على ممارسة صلاحياته فعلى مجلس الوزراء"···- لاحظ هنا على مجلس الوزراء وليس مجلس العائلة أو أحد اجتماعاته "- بعد التثبت من ذلك- عرض الأمر على مجلس الأمة"، مجلس الوزراء هو المختص وليس العائلة الحاكمة في النظر في اختصاصات وأوضاع الإمارة ومجلس الأمة وليس الأسرة الحاكمة أو حتى مجلس الوزراء هو من يعود إليه القرار في نهاية الأمر، أما في حالة ولي العهد - وهو الذي يبدو أنه موضوع اجتماع الأسرة - فإن المادة الثامنة من قانون توارث الإمارة هي التي تحكم أمر عزله حيث تنص على أنه "إذا فقد ولي العهد أحد الشروط الواجب توافرها فيه، أو فقد القدرة الصحية على ممارسة صلاحياته أحال الأمير الأمر الى مجلس الوزراء وعلى المجلس في حالة التثبت من ذلك عرض الأمر على مجلس الأمة" أي بما أن الأمير هو رأس السلطة في البلد فإنه وحده، دون مشاركة من أي طرف إلا مجلس الوزراء، من يملك أن يحيل أمر ولاية العهد الى مجلس الوزراء - بعد التثبت - وهذا يعني أن لمجلس الوزراء سلطة موازية أو مقارنة للأمير، في هذا الموضوع بالذات، أو بالأحرى في هذا الموضوع فقط، فمجلس الوزراء في العادة، "يحيل" ولا يناقش الرغبات والأوامر الأميرية الى مجلس الأمة، يحيل مجلس الوزراء الأمر الى صاحب الأمر ·· أي الى مجلس الأمة·· مصدر السلطات جميعا كما في نظامنا الديمقراطي·
كل هذا يعني أن العائلة أو الأسرة الحاكمة لا تملك أمرا في شأن ترتيب الصلاحيات الدستورية للأمير أو لولي العهد، إن تعيين ولي العهد شأن خاص بالأمير، هكذا هي الحال في الدستور، ولكن الموافقة على التعيين تبقى حقا للأمة، هذا هو العمود الفقري للنظام السياسي في الكويت، الحكم أو التنفيذ للصباح في المادة الرابعة والسيادة المطلقة للأمة في المادة السادسة·
لهذا فإن عزل الأمير أو ولي العهد ليس شأنا خاصا بالأسرة، بل هو قضية وطنية تحكمها قوانين وتقاليد سياسية تعود في نهايتها الى الأمة مصدر السلطات جميعا· الشيخ سالم لم يصرح منفردا كما نجزم، ولا يمثل خطا جديدا أو فريدا داخل الأسرة، بل إن الأسرة الحاكمة ظلت منذ زمن وربما الى الآن تحكم منفردة وتقرر منفردة ولهذا السبب فإن الجميع بمن فيهم نحن - روضونا وصدقوا أنفسهم مع الأسف- طاف عليهم منذ أيام وربما منذ سنين أن أمر حسم الحكم أو ترتيب بيت الحكم هو شأن للأمة وليس من اختصاصات أو حتى قدرات العائلة الحاكمة، العائلة الحاكمة لا تملك عزل الأمير أو ولي العهد دون موافقة مجلس الوزراء، ومجلس الوزراء لا يملك هذه الحق بغير موافقة مجلس الأمة·· مصدر السلطات جميعا·· لذا مع كل التقدير والاحترام فإن تصريحات الشيخ سالم العلي مثل اجتماع الأسرة الموعود كلاهما مخالف للنظام وللدستور·· ولكن متى كانت الأسرة الحاكمة ملتزمة بالدستور··!!؟
