رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 18 شوال 1425هـ - 1 ديسمبر 2004
العدد 1655

عباقرة.. خلف قضبان التوحد

                                                                      

 

إن الوصول الى النفط الدفين لا يتحقق إلا بالبحث والحفر والتنقيب وعمليات شاقة لا يعلمها إلا علماء البحث ومهندسو البترول، فلا يصل إليه أي مهندس إلا بالمرور بهذه المراحل ليزيل الشوائب ويقوم بتكريره، لكي يظهر لنا بالصور المتعددة التي نراها في حياتنا اليومية ولا نستطيع الاستغناء عنها، لذا فمن باب أولى أن تحاول إزالة العوائق التي قد تعترض طريق ابنك / ابنتك من ذوي الاحتياجات الخاصة فقد يكون هذا المعاق عبقريا، لأن القدر لا يمكن أن يأخذ منك كل شيء دون أن يعطيك في مقابله أشياء أخرى كثيرة·

فالعالم أنيشتاين الذي اكتشف النظرية النسبية أو اسحاق نيوتن الذي سقطت التفاحة بالمصادفة فوق رأسه، اكتشف قانون الجاذبية كان أيضا من ذوي العبقريات الخاصة، والذي يستند العلماء إلى أنه كان مصابا بالأسبيدجر، الذي يؤدي الى اضطراب أو قصور في المهارات الاجتماعية والاتصال واستغراق المصاب به في اهتماماته بصورة مفرطة!!!

حالات ضعف التواصل المعروفة باسم التوحد وهي حالات أصبح العالم كله يلتفت إليها ويوليها أهمية خاصة فمع الأسف الشديد معظم الأهالي بل كثير من المعلمين لا يدركون أن سبب التعثر قد يكون بسبب خارج عن إرادته أو نتيجة لخلل في وظائف المخ ولذلك يسارعون بتأنيب الطفل وعقابه واتهامه بالكسل والعناد وهذا ما يسبب التراجع والتأخر في الحالة وأنا هنا أنادي وأقول لا تعاقبوا الطفل على شيء هو ليس مسؤولا عنه ولا عن جريمة لم يرتكبها فهذا يؤدي الى الإحباط وسلوكيات أخرى غير مقبولة لعدم وجود التفهم والرعاية ليثبتوا أنفسهم·

والمشكلة الكبرى في مجتمعاتنا العربية أننا ما زلنا نعتبر أن إجادة (المهارات الأكاديمية) مثل القراءة والكتابة هي المقياس الوحيد لتقييم تفوق أطفال التوحد وهذه المسألة ثبت أنها غير حقيقية وغير صحيحة فهناك أساليب واختبارات كثيرة للحكم على الطفل أو نبوغه فأطفال التوحد قد يكونون نابغين في الأعمال اليدوية والحرفية أو في الفنون والموسيقى أو الرياضة أو العمليات الحسابية بمعنى أنهم قد يكونون عباقرة بينما نحبس عبقريتهم الفذة في إطار حالتهم الخاصة بسبب تسرعنا وجهلنا في التقييم الخاص لمعايير التفوق، وعدم مراعاة الفروق الفردية بين الحالات·

ولعل هذا الأمر يعد من أصعب الأمور وأكثرها تعقيدا حيث يقل عدد الأشخاص المهيئين بطريقة علمية لتشخيص التوحد في مجتمعاتنا العربية، مما يؤدي الى وجود خطأ في التشخيص، أو الى تجاهل التوحد في المراحل المبكرة من حياة الطفل مما يؤدي الى صعوبة التدخل في أوقات لاحقة، حيث لا يمكن تشخيص الحالة دون وجود ملاحظة دقيقة لسلوك الطفل، ولمهارات التواصل لديه، ومقارنة ذلك بالمستويات المعتادة من النمو والتطور، ولكن مما يزيد من صعوبة التشخيص أن كثيرا من السلوك التوحدي يوجد كذلك في اضطرابات أخرى ولذلك فإن الظروف المثالية هي أنه يجب أن يتم تقييم حالة الطفل من قبل فريق كامل من تخصصات مختلفة، حيث يمكن أن يشتمل هذا الفريق على: طبيب أعصاب، طبيب نفسي، طبيب أطفال متخصص في النمو، اختصاصي نفسي، اختصاصي علاج لغة وتخاطب، اختصاصي علاج مهني، اختصاصي تعليمي وتربوي، الأم والأب·

كما يمكن أن يشمل الفريق المختصين الآخرين ممن لديهم معرفة جيدة بالتوحد ومن هذا المنطلق يكون التدبير الأهم بعد ذلك معالجة حالات التوحد من خلال إدخالهم في برنامج فردي لكل حالة على حدة (برنامج الخطة الفردية) وملاحظة البرنامج التعليمي للحالة بشكل فردي (One To One) لمعالجة الضعف السلوكي والتواصلي، وهذا يتطلب بيئة على درجة عالية من التنظيم والالتحاق المبكر بالبرنامج المكثف وعلاقة جيدة بين الأسرة والمدرسة ويتضمن ذلك أيضا علاجا للنطق وعلاجا جسديا ومهنيا مع ملاحظة أي سلوك جديد يطرأ على الحالة ومتابعته وصقل موهبته في بيئة محمية تسودها الثقة بالنفس والتعزيز الإيجابي لكي يخرج من قضبان التوحد ويدمج في بيئة طبيعية الكل يشارك فيها·

طباعة  

لماذا هذه الصفحة؟
 
زهيرية
 
رسالة من اختصاصية اجتماعية بمنظمة اليونيسكو تدعو إلى الاهتمام بالمعاقين
 
إرشادات أسر ذوي الاحتياجات الخاصة(1)
 
تنظيم ندوة للوقاية من الإعاقة بالرياض
 
أبناؤنا من ذوي الاحتياجات الخاصة
 
مجرد سؤال