رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 13 صفر 1426هـ - 23 مارس 2005
العدد 1670

الألماني ويلهلم مار أسس أول حزب يقوم على معاداة اليهود عام 1879 (الحلقة الثانية)

                                                  

 

·         "معاداة السامية الجديدة" تجتاح العالم

·         الهجمات ضد اليهود في العالم زادت بنسبة 60% عام 2002 لا توجد أمة يهودية بالمعنى العصري للكلمة بل مجموعة ترتكز على التوراة

·         أكيفا إلدار: سياسات إسرائيل القمعية أصبحت تمثل إحراجا لكل اليهود في العالم

·         اتهام كل من يعارض إسرائيل بمعاداة السامية هو الوجه الآخر لفكرة المؤامرة اليهودية على العالم

·         التعاطف مع الفلسطينيين هو دافع المسلمين الذين اعتدوا على يهود في فرنسا وليس معاداة اليهود

·       المعادون للسامية في الحكومة البريطانية  هم وراء صدور وعد بلفور!

·         العرب كانوا سيعارضون قيام أي كيان أجنبي بين ظهرانيهم

 

بقلم: برايان كلوغ

كان رئيس وزراء ماليزيا السابق مهاتير محمد محقا حين تساءل عن السبب في تجريم معاداة السامية وغض النظر عن معاداة مجموعات أثنية ودينية أخرى في العالم كالهنود أو المسلمين أو الأرمن أو الأفارقة·

ولم تمض سوى أشهر عدة حتى جاء الجواب ومن الرئيس الأمريكي جورج بوش الذي وقف أمام تجمع انتخابي في فلوريدا حيث تعيش ثاني أكبر جالية يهودية في الولايات المتحدة بعد نيويورك، وقبل أسبوع واحد من انتخابات الرئاسة، ليعلن قراره الخاص بمكافحة معاداة السامية في العالم·

هذا الموقف للرئيس بوش لخص باختصار مواقف الساسة الغربيين بشكل عام، والأمريكيين بشكل خاص من هذا الموضوع واستغلاله لأسباب سياسية ولتحقيق مصالح ذاتية منه·

لقد ظلت أجهزة الدعاية الصهيونية وبمؤازرة آلة الإعلام الأمريكية الضخمة، وعلى مدى عقود طويلة تستخدم تهمة معاداة السامية وسيلة للابتزاز وسيفا مسلطا على رقبة كل من يجرؤ على انتقاد السياسات أو الممارسات الإسرائيلية ضد أبناء الشعب الفلسطيني·

فماذا يعني مصطلح "معاداة السامية"؟ ومن أين نشأ؟ ولماذا؟ وهل هناك كراهية لليهود لأنهم يهود اليوم؟ وهل هناك خطر من تنامي مشاعر معاداة اليهود اليوم وتحولها الى أعمال عنف ضد اليهود كما حدث في أوروبا في الأربعينات من القرن الماضي؟ وماذا يقول المثقفون على طرفي الصراع العربي - الإسرائيلي عن هذا المصطلح؟

لقد ارتأت "الطليعة" إلقاء الضوء وعلى مدى ثلاث حلقات، ابتداء من اليوم، على هذه المسألة من خلال ثلاثة كتّاب هم اليهودي مايكل نيومن والأمريكي بريان كلوغ  والفلسطيني إدوارد سعيد·

أسس الصحافي الألماني الاشتراكي والثائر السابق على السلطة، ويلهلم مار، في عام 1879 منظمة كانت جديدة من ناحيتين، فقد كانت أول حزب سياسي ذا برنامج مبني على معاداة اليهود، وقدمت للعالم كلمة جديدة هي "معاداة السامية"·

كان مار ملحدا، وكانت "رابطة معاداة السامية" تكره اليهود على أسس غير دينية كونهم "سلالة" غريبة، على الرغم من هذا، لم يكن تفسيره "للسامية" مختلفا بشكل أساسي عن المفهوم الشيطاني عن اليهود الذين عاشوا في أوروبا المسيحية لقرون، والذي يخلص الى "أن اليهود شعب يختلفون عن بقية الناس، فهم الأعداء، ويشكلون حيثما ذهبوا، دولة داخل الدولة، يتآمرون سرا ويعملون معا لتعزيز مصالحهم الجماعية الخاصة على حساب الأمم أو المجتمعات التي يعيشون فيها ويقتاتون عليها، إنهم جماعة من الماكرين والمتلاعبين، يمتلكون قوى غريبة تمكنهم من الحصول على مبتغاهم على الرغم من أعدادهم القليلة"، لقد أصبح مصطلح "معاداة السامية" يشير الى هذا النوع من الحديث أو التنوع في الأفكار التي يحتويها بسبب المحافظة على اللغة الطنانة نفسها المبالغ فيها سواء اعتبرت الهوية اليهودية هوية دينية أو عنصرية أو قومية أو عرقية، ويكون هذا الحديث أحيانا صريحا وفي أحيان أخرى ضمنيا في الهجوم على اليهود·

لكن الكثير من الكتب والمقالات المنشورة حديثا تؤكد ظهور "معاداة جديدة للسامية"، وهذا ما يركز عليه مورتايمر زكرمان في مقالته التي تصدرت الصفحة الرئيسية في صحيفة يو· إس· نيوز· آندر وورلد ريبورت 3 نوفمبر 2003 بعنوان: "على جدران التاريخ"·

وفي عدد ديسمبر من مجلة النيويورك تايمز مقالة نشرت بعنوان "عودة معاداة السامية" تحدثت عن "الكره الكامن" ضد اليهود وأوحت بأن كراهية اليهود أصبحت أمرا "صحيحا سياسيا" في أوروبا، وورد مثل هذا الزعم في ثلاثة كتب نشرت مؤخرا على الأقل هي "المرة الأخيرة" لابراهام فوكسمان و"المعاداة الجديدة للسامية" لفيليس تشيسلر و"قضية إسرائيل" للبروفسور في القانون في جامعة هارفارد آلان دير شووتز، وغيرهم، وكلهم يتفقون على وجهة نظر واحدة بدرجات مختلفة من التوكيد·

وكما تشير كلمات مثل "التهديد" و"الأزمة" في العناوين الفرعية لكتب فوكسمان وتشيسلر فإن "المعاداة الجديدة للسامية" يراها عموما الذين يصرحون بوجودها كخطر واضح وحقيقي، ويرى فوكسمان أن هناك "تحالفا مخيفا من التعاطف ضد اليهود يتشكل على مستوى عالمي"، أما تشيسلر فترى إن: "الحرب على اليهود تشن على أكثر من جبهة، عسكريا، سياسيا، اقتصاديا ومن خلال الحملات الدعائية وفي كل القارات"، كما تستشعر خطرا أوسع يهدد الحضارة الغربية ذاتها وتتساءل "من أو ماذا يستطيع أن يخفف من الجنون الذي حل بالعالم والذي يهدد بمحق اليهود والغرب؟"·

بالتأكيد، هنالك أسباب تدعو للقلق حيال جو العداوة لليهود بما في ذلك الهجمات الشريرة على الأشخاص، ففي أحد أيام السبت في نوفمبر الماضي، مثلا، تم تفجير كنيسين في إسطنبول خلال شعائر السبت في الوقت الذي لحق فيه دمار كبير بمدرسة أورثوذوكسية يهودية نتيجة حريق متعمد في إحدى ضواحي باريس، ويفيد بعض الباحثين بوجود ازدياد للهجمات ضد اليهود (أو الأشخاص الذين يعتقد بأنهم يهود) في العالم بأسره بنسبة %60 في عام 2002 مقارنة بالسنة السابقة، وفي الوقت نفسه، ثمة ما يريب في الخطاب العام· إذ ظهرت شعارات ورسوم معادية لليهود في التظاهرات المعارضة لغزو العراق، لقد عادت نظرية المؤامرة اليهودية الى الحياة مرة أخرى تماما كما في الخرافة التي تذهب الى أن اليهود تلقوا تحذيرا بتجنب الاقتراب من مركز التجارة العالمي في نيويورك في الحادي عشر من سبتمبر 2001، وصدرت مؤخرا تصريحات من عدد من الشخصيات العامة سواء من اليمين أو من اليسار بتعميمات سلبية تتعلق باليهود و"التأثير اليهودي" ويميل الكتاب الى تجميع كل هذه الحقائق معا، بالإضافة الى كم هائل من الأدلة التي يرون أنها تشير الى انفجار للتحيز ضد إسرائيل، ففي الإعلام، والأمم المتحدة، وفي الجامعات وغيرها من الأماكن ويخلصون الى وجود ظاهرة واحدة موحدة، "معاداة جديدة للسامية"، ومع ذلك، ففي حين أن الحقائق تبرر الشعور بالقلق الحقيقي، فإن فكرة تجمعهم لتشكيل نوع جديد من معاداة السامية تتسم بالاضطراب·

والأكثر أن هذا الإرباك مضافا إليه الميل المكآرثي لرؤية معادي السامية أسفل كل سرير، تساهم جدلا في مناخ العداء ضد اليهود والنتيجة هي أن تصبح الأمور أسوأ الى الشعب نفسه الذي يحاول هؤلاء المؤلفون الدفاع عنه·

والادعاء بأنني أنتقد ليس سببه أن هناك انبعاثا جديدا لمعاداة السامية "القديمة" بل وجود انبعاث لنوع جديد من معاداة السامية، وعليه فالقضية المؤيدة لهذا الادعاء ليست تراكمية فحسب: فهي لا تتكون ببساطة من تدعيم مثال بآخر، هناك مبدأ منظم وفكرة محورية تدور حولها القضية، فمن خلال تلك الفكرة يمكن اعتبار الكثير من الأمثلة الواردة في الأعمال الأدبية دليلا على معاداة السامية، ومن دون تلك الفكرة الرئيسة، فإن القضية التي صنعت بمساعدتهم لا تعود قائمة، وعليه فالسؤال هو ما الجديد في "المعاداة الجديدة للسامية"؟

 

حقيقة مرة

 

والجواب في كلمة واحدة هو معاداة الصهيونية يجادل إيجناسكي وكوزمين أن "تشويه سمعة إسرائيل" هو "السمة المحورية" لحالة الخوف من اليهود (مصطلحهم "للمعاداة الجديدة للسامية")، ويشرح كبير الحاخامات في بريطانيا ودول الكومنولث جوناثان ساكس في مساهمته في كتابهما قائلا: "إن الذي نشهده اليوم هو ثاني أعظم تغير لمعاداة السامية في الوقت الحالي، من معاداة السامية العنصرية الى معاداة الصهيونية الدينية (بافتراض أن جميع اليهود هم من الصهاينة)، "أحيانا تثبت وجهة النظر عن طريق مساواة دولة إسرائيل في المعاداة "الجديدة" للسامية، مع أفراد اليهود في النسخة "القديمة"، ويرسم الحاخام ساكس بنفسه ملامح هذه المقارنة في مقال له في صحيفة الغارديان بقوله: "في أوقات معينة وجهت معاداة السامية ضد اليهود كأفراد، واليوم توجه ضد اليهود كشعب ذي سيادة، وفي السياق نفسه، يجادل دير شووتز بأن إسرائيل قد تحولت الى "اليهودي بين الأمم"·

أما فوكسمان فيعرف الصهيونية على هذا النحو: "الصهيونية تعني ببساطة دعم وجود دولة يهودية وبالتحديد، دولة إسرائيل" في المعنى المحدود وعليه، فإن معاداة الصهيونية تعد النقيض بالبساطة نفسها: أي رفض فكرة الدولة اليهودية وبالتحديد إسرائيل، وقرار فوكسمان متصلب في هذا الموقف: "إن الحقيقة المرة التي لا يمكن إنكارها هي "إن ما يحلو للبعض تسميته معاداة للصهيونية إنما هو في الواقع، معاداة للسامية، دوما، في كل مكان وفي كل الأزمنة"·

ويضيف "وعليه فإن، معاداة الصهيونية ليست وجهة نظر سياسية مشروعة بل تعبير عن التعصب الأعمى والكراهية"·

ويصر فوكسمان على أنه لا يعارض انتقاد إسرائيل "في كل المنتديات العامة فأنا أحرص دوما على ذكر أن انتقاد دولة إسرائيل ليس بالضرورة معاداة للسامية"·

لكن عبارة "ليس بالضرورة" توحي بأنه قد يكون "من الممكن" وما يعنيه هذا فعلا هو أن الأمر "كذلك عادة"، وفي نظره، فإن معظم الهجمات الحالية على إسرائيل والصهيونية ليست متعلقة، في حقيقتها، بالسياسة وسلوك دولة قومية محددة، بل تتعلق باليهود· "هذه هي الحكمة المتعارف عليها في الأعمال الأدبية "المعاداة الجديدة للسامية"·

والقاعدة الرئيسة لهذا الرأي هي أن مثل هذه الهجمات تظلم إسرائيل وحدها فقط أو تضع معايير مزدوجة، وكما يقول دير شووتز في كتابه "ما دام الانتقاد عادلا ومبنيا على المقارنات والقرائن، فلا بد من تشجيعه، ولا يجب أن يحط من قدره، لكن عندما يتم انتقاد الدولة اليهودية فقط، على أخطاء أسوأ بكثير في أمم غيرها، فإن مثل هذا النقد يتعدى الحدود من العدل الى الظلم ومن القبول الى معاداة السامية، ويختلف مؤلف عن آخر في مكان رسم هذا الخط، لكن هناك ميل لاستخدامه بطريقة تحكم النقد الذي يتعدى التوبيخ اللطيف لسياسات الحكومة"·

وحين أقول إن "معاداة الصهيونية" تضيف كلمة "جديد" في عبارة "المعاداة الجديدة للسامية"، فلست أشير فقط الى المعنى الضيق لمعاداة الصهيونية، بل أستخدم المعنى الواسع لاحتواء أي موقف بعيد عن الحد الفاصل بين "العدل" و"الظلم"، والآن، إذا كان تجاوز الحد معاديا للسامية، وإذا كانت "معظم الهجمات على إسرائيل والصهيونية" تتجاوز الحد فإن هذا يؤدي بالنتيجة الى اعتبار أن الهجمات الحالية على إسرائيل والصهيونية معادية للسامية، وبالمثل فإن أي هجمات تستهدف أي أهداف يهودية تعتبر معاداة للسامية إذا كانت مستوحاة من موقف يتجاوز ذلك الحد، وبما أن كلا من إسرائيل والصهيونية هما مركز الكثير من الجدل الدائر حول العالم، فإن نتيجة مثل هذا المنطق إنتاج مفاجئ، لقفرة كمية في حجم معاداة السامية حول العالم، إن لم تكن "حربا حقيقية ضد اليهود"·

 

استنتاج باطن

 

ومن المفهوم، بالطبع، أن يحلو هذا المفهوم للكثير من اليهود، فهناك تاريخ طويل ووضيع "للصهيونية" استخدمت فيه تلك الكلمة كدلالة على "اليهود" كما في عمليات التطهير التي حصلت في بولندا الشيوعية عام 1968 والتي طرد فيها آلاف اليهود من بولندا، أو كما يستخدم اليمين المتطرف حاليا فيها اختصار عبارة حكومة الاحتلال الصهيوني للإشارة الى الحكومة الأمريكية، وإضافة الى ذلك، فقد ظهرت الحركة الصهيونية كرد فعل على اضطهاد اليهود، وبما أن معاداة الصهيونية هي معارضة للصهيونية وبما أن الصهيونية هي شكل من معارضة معاداة السامية فإن هذا يعني أن معاداة الصهيونية لا بد أن تكون معاداة للسامية أيضا·

ولكن الاستنتاج باطل، فالجدل بأن كراهية إسرائيل وكراهية اليهود هما الأمر نفسه وينطبق هذا أيضا على مساواة الدولة اليهودية بالشعب اليهودي، وفي الواقع، فإن إسرائيل أمر والشعب اليهودي أمر آخر، وبالتالي فمعاداة الصهيونية أمر ومعاداة السامية أمر آخر، إنهما أمران منفصلان، والقول بأنهما منفصلين لا يعني أن لا وجود أبدا لصلة بينهما، لكن كلا منهما متغيران مستقلان يمكن ربطهما بطرق متعددة·

ويوضح هذه النقطة تاريخ الحركة الصهيونية نفسه، ولنأخذ خلفية وعد بلفور في 2 نوفمبر 1917، والتي ألزمت من خلاله الحكومة البريطانية نفسها بإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين، لقد شكل ذلك انقلابا عظيما للحركة الصهيونية، لكن من الخطأ التفكير بأنه كان نتيجة للتعاطف المؤيد لليهود داخل المؤسسة البريطانية، بل على العكس، فإن الدعم البريطاني للصهيونية كان يشكل فيه المعادون للسامية داخل المؤسسات المدنية والخارجية رأس الحربة، فقد اعتقد هؤلاء أن اليهود كجماعة يتلاعبون بالأحداث العالمية من خلف الكواليس، وبالتالي، فقد بالغوا جدا بقوة وتأثير الحركة الصهيونية الصغيرة، وتبنى بلفور نفسه الرؤية ذاتها، والأكثر من ذلك أنه قام بعد سنين حين أصبح رئيسا للوزراء باقتراح قانون الأجانب (والذي بدأ العمل به عام 1905)، والذي استهدف بالتحديد الحد من دخول المهاجرين اليهود من أوروبا الشرقية وحذر البرلمان حينها ليظل "اليهود شعبا منقسما"·

حتى إعلان بلوفر أخرته المعارضة التي لم يقدها حزب معارض معاد للسامية بل يهود، فقد عارض بعض أبرز شخصيات المجتمع البريطاني من اليهود القضية الصهيونية، من بينهم كان أدوين منتاجو الذي كان عضوا في مجلس الوزراء، إذ رفض مونتاجو المنطق الأساسي للصهيونية أي: أن يشكل اليهود دولة مستقلة، وفي مذكرة رسمية في أغسطس عام 1917 كتب: "أود أن أسجل وجهة نظري رسميا بأن سياسة حكومة صاحب الجلالة معادية للسامية بالنتيجة وستشكل أرضية لتوحيد المعادين للسامية من كل بلاد العالم"، وتبنت اللجنة المشتركة التي ضمت مجلس النواب لليهود البريطانيين والجمعية الإنجليزية اليهودية والتي مثلت اليهود البريطانيين في السياسة الخارجية الموقف نفسه، ففي رسالة طويلة الى صحيفة لندن تايمز في 24 مايو 1917، قدمت اللجنة ما يعتبر فعليا مقالة نقدية للاتجاه السائد للفكر الصهيوني، وتعليقا على الزعم بأن "الاستيطان في فلسطين سيعترف به كونه يمتلك شخصية قومية بالمعنى السياسي كتبت اللجنة: "إن هذا جزء من النظرية الصهيونية الأوسع والتي تعتبر كل المجتمعات اليهودية في العالم جزءا من قومية واحدة لا وطن لها وغير قادرة على التأقلم الكامل للهوية الاجتماعية والسياسية بين الأمم التي يعيشون فيها وتجادل بأن وطنا ومركزا سياسيا متاحا دوما لهذه القومية المشتتة يشكل ضرورة"، وقد اعترضت اللجنة المشتركة بقوة وبشكل جدي ضد هذه النظرية·

إذن كان بعض المعادين للسامية يشجعون وعد بلفور في الوقت الذي عارضه فيه عدد مهم من اليهود، فهل يعني هذا أن الصهيونية نفسها معادية للسامية؟ لا بالطبع، لكن هذه الحادثة الواقعية تقطع الزعم المتداول بأن: معاداة الصهيونية هي بالضرورة معاداة للسامية·

فما سبب - وعلى أي أساس - يصر الكتاب أو غيرهم ممن لهم العقلية نفسها على مثل هذا الزعم؟ يجادل زكرمان أنه "كما حرمت معاداة السامية - تاريخيا - اليهود الأفراد حق العيش كأعضاء متساوين في المجتمع، تحرم معاداة الصهيونية التعبير الجماعي للشعب اليهودي (دولة إسرائيل) حق العيش على قدم المساواة كعضو في الدولية"، وهذا شكل مختلف للنقاش يعد المادة قوام الأعمال الأدبية "المعاداة الجديدة للسامية"، وتذهب الجدلية كالتالي: "طبقا لمبدأ حق تقرير المصير الممنوح لكل أمة، فإن للشعب اليهودي الحق في دولة لهم، تماما كغيرهم، وإنكار هذا الحق خصوصا إذا ما كان يعني حرمان اليهود وحدهم منه، هو معاداة للسامية"·

وهذا النقاش يفترض أن اليهود، أو الشعب اليهودي، يشكلون أمة في المعنى المتصل بالموضوع، وهو المعنى الذي ينطبق من خلاله حق تقرير المصير، وهذا الموضوع ليس بأقل سخونة اليوم، على الأقل ليس لليهود أنفسهم، مما كان عليه عام 1917 حين ناقشته اللجنة المشتركة· (ومازال التنفيد مستمرا ابتداء من الصهيونية السياسية في أواخر القرن التاسع عشر وحتى اليوم)، وبالتأكيد فإن الاتجاه السائد لفكر الصهيونية، اعتبرها حركة قومية، لكنها لم تكن كغيرها من الحركات القومية في جانب واحد منهم: لم تكن هناك أمة سبق وجودها، ليس في المعنى العصري للكلمة، حيث توجد فيه لغة ومنطقة مشتركة، وتقليديا، فإن فكرة الشعب اليهودي لم ترتكز على دولة بل على كتاب هو التوراة، والثقافة (أو الثقافات) التي تبلورت حول ذلك الكتاب·

وضمن هذا الكتاب، صحيح أن هناك رواية عن (شعب إسرائيل) في أرض هي أرض إسرائيل أو صهيون التي ينفون عنها ويعودون إليها في نهاية الأمر، لكن تقليديا، اعتبر ذلك كقصة مقدسة وليس كمسودة سياسية، والاتجاه السائد للصهيونية يتهيأ لعصرنة اليهودية عن طريق تسييسها وإضفاء الطابع القومي عليها وتحويل الشعب اليهودي الى الأمة اليهودية، في ما تحمله الكلمة من معنى في زمن القرن التاسع عشر، وكانت الفكرة في وضع إسرائيل، كيانا سياسيا في الوقت والمكان الراهنين، في قلب الهوية اليهودية، وكان هذا ابتعادا جذريا بالفكرة اليهودية "القديمة" عن اليهودي، إن مفهوم "المعاداة الجديدة للسامية"، كونه مبنيا على الاتجاه السائد للفكر الصهيوني، إنما هو الوجه الآخر للعملة، ومقابل هذه الفكرة الجديدة عن اليهودي، اليهودي القومي، ويدور جدل زكرمان وغيره في حلقة، لأن رفضك جدله لن يكون سوى معاداة للسامية إذا ما كنت قبلته قبل ذلك·

 

مكان تحت الشمس

 

ومع ذلك، فإن الصهيونية السياسية أوسع من اتجاهها الفكري السائد، في المقام الأول، هناك اتجاهات فكرية أخرى حفزت أعضاء الحركة، وثانيا: تم تحفيز أعضاء الحركة باعتبارات لا علاقة لها بالفكر، فالكثير من اليهود، وكذلك المتعاطفين معهم من غير اليهود، جذبوا الى الهدف الصهيوني بإنشاء دولة يهودية في فلسطين لأسباب كانت إنسانية أو عملية بحتة، وتم تعزيز هذا الدافع بالتبعات المأساوية للحرب العالمية الثانية: إبادة ثلث يهود العالم، والتدمير بالجملة للتجمعات اليهودية في معظم أنحاء أوروبا وأزمة الحشود من اللاجئين اليهود الذين لا مأوى لهم، في مثل هذه الظروف، رأى الكثيرون أن دولة إسرائيل هي حبل نجاة، لم ير هؤلاء الدولة من منظور عاطفي عرقي "كالتعبير الجماعي عن الشعب اليهودي" بل رواها ببساطة كمكان آمن لليهود وملجأ ومكانا لهم تحت الشمس·

وعلى هذا الأساس، يمكن بناء الجدلية التالية: "إن النقاش حول وجود إسرائيل عام 1917 أمر، لكنه أمر آخر أن نفعل هذا بعد عام 1948، عندما تم تأسيس الدولة، لقد بت التاريخ في المسألة، فإسرائيل لم تعد مجرد فكرة في رأس أحدهم، إنها موجودة وأصبحت إسرائيل لكثير من الملايين من اليهود، الوطن، وليس لديهم مكان آخر يذهبون إليه، ومعارضة وجود الدولة اليهودية في هذه المرحلة يعني الرغبة في حرمان اليهود من وطنهم وربما من حياتهم، ويعني أيضا حرمان ملايين من اليهود الآخرين، اليهود في العالم بأسره، من حاميتهم وواقيتهم، فمن سيهب للدفاع عن اليهود ومن سيوفر للمضطهدين من اليهود مكانا للجوء غير إسرائيل، الدولة اليهودية؟ لا يرغب سوى معاد للسامية في تدمير مثل هذه الدولة·

إن هذا الجدل، على الرغم من إمكانية فهمه، يطرح افتراضات تثير الأسئلة فبداية، ليس هناك أبيض وأسود فقط كبدائل: أما الإبقاء على الوضع الراهن أو الإبادة، هناك الكثير من التدابير الدستورية ما بين الأمرين، فمثلا يمكن لإسرائيل أن تحافظ على وجودها كدولة ذات سيادة لكن تتوقف عن تعريف نفسها، في قانونها الأساسي ومؤسسات الدولة، باليهودية تحديدا، أو هناك ما يسمى بحل الدولة الواحدة: وطن لقوميتين (الفلسطينيين واليهود)، وقد جدد هذا المأزق المأساوي في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني الاهتمام في هذا الاقتراح في أوساط عدد من المفكرين العرب واليهود، وعلى الرغم من افتقار هذه الرؤية لعدد كاف من المناصرين في كلا المجتمعين في الوقت الحالي، فمن الممكن للمواقف بأن تتغير، وعلى أي قياس، ففي حين اعتبر اليهود إسرائيل مكانا آمنا لليهود، فإن إسرائيل لا تكاد اليوم تشكل مكانا آمنا لهم ولا داعي لأن تكون معاديا للسامية لكي تتصور مستقبل إسرائيل أو لشعب إسرائيل اليهودي، لا يبنى على مبدأ الدولة اليهودية، أما بالنسبة الى اليهود حول العالم، فمن المختلف عليه ما إذا كانوا أكثر أمنا بسبب وجود إسرائيل أو أن إسرائيل تضعهم في خطر أكبر بسبب وجودها·

أتحول الآن الى الصهيونية في معناها الواسع: الانتقاد غير المتوازن والمبالغ فيه لإسرائيل، صحيح أن بعض النقاد يحكمون على إسرائيل بمعايير أقسى من تلك التي يستخدمونها في الحكم على دول أخرى، وأنهم يسيؤون عرض الحقائق بصورة تظهر فيها إسرائيل بالسوء، وأنهم يشوهون حتى سمعة الدولة اليهودية، وكل هذا ليس عدلا، لكن هل بالضرورة أن يكون ذلك معاداة للسامية؟ إن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني مرير، وقضاياه معقدة تتأجج فيه العواطف والمعاناة بشكل هائل في كلا المجتمعين، وفي مثل هذه الظروف، يكون الأنصار في كلا الجانبين مسؤولين قانونيا عن "تجاوز حالة العدل الى الظلم"، وبالإضافة الى ذلك، فكما يوجد أناس في الخارج يدعمون الفلسطينيين، فهناك أيضا من يتعاطفون مع إسرائيل، وعندما يتجاوز الطرف الأخير الحد، لا يعتبرون عنصريين أو مذعورين من الإسلام· وبالمنطق نفسه: عندما يتجاوز الطرف الأول الحد بالنيابة عن القضية الفلسطينية لا يجعل هذا منهم معادين للسامية، فالتجاوز يتم من الجانبين·

وتعزز هذه الجدلية تجربة فكرية بسيطة، تخيل لو أن إسرائيل كانت متشابهة في كل الجوانب الأساسية للدولة الموجودة اليوم بما في ذلك احتلالها للضفة الغربية وقطاع غزة، باستثناء هويتها الدينية، افترض أنها كانت كاثوليكية كالدول الصليبية التي أنشأها الأوروبيون في الشرق الأوسط في القرنين الثاني والثالث عشر، ولنسم هذه الدولة الخيالية بالدولة "المسيحية" بدلا من إسرائيل، فهل ستقبل الدولة المسيحية في أحضان المنطقة أكثر من إسرائيل؟ أشك في هذا، وهل سيكون العداء للدولة المسيحية مختلفا كميا أو أقل بكثير من العداء الموجه لإسرائيل، مجددا، لا أظن· لن تكون ثمة اختلافات حقيقية، فغالبا ما توصف إسرائيل بأنها "دولة الحملة الصليبية" في الدوائر العربية والإسلامية، وبطريقة ما، فإن ذلك يقول كل شيء عن الصراعين العربي - الإسرائيلي والفلسطيني - الإسرائيلي، إن الدول الصليبية، كالمسيحية الوهمية، كانت مسيحية في حين أن إسرائيل يهودية، لكن العداء الضمني تجاهها في المنطقة ليس عداء ضد الدولة اليهودية بل تجاهها كمتطفل أوروبي أو عميل أمريكي أو ككيان غير عربي وغير مسلم، فضلا عن كونها قوة احتلال غاشمة، يرى بعض الناس تصنيف إسرائيل هذا معاداة للإمبريالية أو معاداة للاستيطان، ويراه البعض مغالاة في الوطنية أو ذعرا من الصهيونية، لكنه بحد ذاته ليس معاداة للسامية·

 

فروق شاسعة

 

ولا يقصد بهذا أن معاداة السامية لا تدخل ضمن الخليط، لكنها أحد المكونات في موقف معقد وليس المحرك الذي يقود معاداة الصهيونية، وحين يتحدث تشسلر عن "الحرب ضد اليهود" وفوكسمان وغيرهما عن "انبعاث المعاداة العالمية للسامية" فإنهم يتركون انطباعا بأن الوحوش الشريرة قد نشطت مرة أخرى وأن عقد الثلاثينيات قد عاد للانتقام، يقول فوكسمان "أنا مقتنع بأننا نواجه حاليا تهديدا خطيرا لأمن وسلامة الشعب اليهودي كالذي واجهناه في الثلاثينات، إن لم يكن أخطر"، لكن هناك فروق شاسعة بين ذلك الوقت والآن تماما كما بين معاداة السامية في أوروبا وفي الشرق الأوسط·

ففي أوروبا، الموطن الأصلي لمعاداة السامية، التي تمثل سمة ثقافية متأصلة بقوة ومنذ زمن بعيد وتجد طريقها الى التعبير السياسي من وقت لآخر (كما حدث مع العصبة المعادية للسامية)، أما في العالمين العربي والإسلامي اليوم فإنها، تقريبا، العكس: فالصراع السياسي هو ما يأتي أولا وله جذور قوية، في حين تحل معاداة السامية في مرتبة ثانوية وتشكل أثرا جانبيا لطموحات وأحزان لا علاقة لها بتحامل مسبق ضد اليهود (على الرغم من أن مثل هذا التحامل قلما كان غائبا عن العالم الإسلامي قبل إنشاء إسرائيل)، يقول فوكسمان إن معاداة السامية "مفرطة في العالم الإسلامي" ويحذر من "انتشارها" في أوروبا نتيجة ازدهار الجالية المسلمة، لكن مما لا شك فيه أنها لن تنتشر ضمن المجتمعات المسلمة في أوروبا لولا الصراع الفلسطيني الإسرائيلي خصوصا الأزمة الحالية التي بدأت في العام 2000 بانهيار اتفاق أوسلو واندلاع الانتفاضة الثانية·

وفي السيناريو الذي يرسم معالمه تشيسلر وفوكسمان وغيرهما، لا يتم التفريق بين الشباب المسلمين المهاجرين الذين نفذوا غالبية الهجمات ضد اليهود في فرنسا عام 2002 وشخص مثل رئيس الوزراء الماليزي السابق مهاتير محمد، لقد كان خطاب مهاتير محمد أمام قمة المؤتمر الإسلامي في العاشر من أكتوبر الماضي مثالا على الخطاب الكلاسيكي لمعاداة السامية، بتركيبته الفريدة من العداء والإعجاب، فهو يصف اليهود بأنهم "العدو" ثم يحذر من "أننا نواجه أناسا يفكرون"، وأكمل باعترافه بفضل اليهود "باختراع" حقوق الإنسان والديمقراطية من بين الأشياء التي اخترعوها، ومن خلالها، يستطرد قائلا، "اكتسبوا الآن السيطرة على معظم الدول القوية، وأصبح هذا المجتمع الصغير، قوة عالمية"·

كان مهاتير كويلهلم مار، يقرأ من كتب معاداة السامية نفسها، لكن الدليل يشير الى أن مقترفي الهجمات ضد اليهود في فرنسا إنما كان دافعهم الغضب السياسي وليس التعصب الأعمى، وطبقا لوزارة الخارجية الإسرائيلية ذاتها، فإن معظم الحوادث كانت تظاهرة ضد الظلم في المناطق المحتلة·

وبالرغم من ذلك، قد يعترض البعض، "فالشباب المسلمون المهاجرون الذين نفذوا تلك الهجمات معادون للسامية، فيهود فرنسا ليسوا هم من يحتلون المناطق المحتلة، إنها دولة إسرائيل"، إذا كان الدافع وراء تلك الهجمات سياسيا بحتا، لِم لَمْ يهاجم المتظاهرون السفارة الإسرائيلية؟ لم يهاجمون الأفراد اليهود والمؤسسات اليهودية؟ وهذه حالة واضحة لتجميع كل اليهود معا وتحميلهم المسؤولية كجماعة، وهذا ما يجعل تلك الحوادث معادية للسامية"·

هناك خطأ في فهم الاعتراض على أي حال، والخطأ في الفهم يصيب قلب الموقف المعقد الذي يجد فيه اليهود أنفسهم اليوم، فإسرائيل لا تعتبر نفسها دولة صدف أن تكون يهودية (كدولة الخزر في القرون الوسطى)، بل ترى نفسها (وبعبارة رئيس وزرائها شارون) "التجمع اليهودي"، الدولة ذات السيادة لسائر الشعب اليهودي، ووصف شارون في أحد خطاباته دولة إسرائيل "بالمركز الروحي والقومي لكل يهود العالم" وأضاف "إن الهجرة اليهودية هي الهدف المركزي لدولة إسرائيل" من الصعب القول الى أي حد يتحرك اليهود حول العالم نحو هذه الرؤية، فالكثير منهم لا يشعرون بأي صلة محددة تجاه الدولة أو أنهم يعارضون أفعالها بقوة، ومن ناحية أخرى، في ربيع عام 2002، وفي أوج الاجتياح الإسرائيلي للضفة الغربية، تجمع اليهود بأعداد كبيرة ومدن كثيرة لإظهار تضامنهم، كيهود، مع إسرائيل، والكثير من قادة المجتمع الإسرائيلي، المتدينين والعلمانيين، يدعمون علنا هذا التحديد للهوية مع الدولة، وكل هذا قد يعطي المتفرج غير المطلع الانطباع بأن اليهود، كما كان الحال، يجمعون أنفسهم معا، وأن إسرائيل تمثل بالفعل "التجمع اليهودي"·

 

جريمة حرب

 

وهذا ليس تبريرا، ولا للحظة واحدة، لحادثة واحدة يكون فيها اليهود مستهدفين كونهم يهودا، فمثل تلك الهجمات بغيضة، لكن هذا يوفر محيطا يمكن فهمها من خلاله دون الحاجة الى الشعور "بحرب عالمية ضد اليهود"، فليس هناك مثل هذه الحرب، وفي الواقع، إنها لا تزيد عن كونها اختلاقا من محض الخيال تماما كصورتها المقابلة: المؤامرة اليهودية على العالم، لدى اليهود أسباب جيدة للقلق حيال العداء المتنامي تجاههم، لكن في الوقت الذي يتضمن فيه هذا إحياء معاداة السامية القوية، فإنه أقرب الى الحقيقة أن نقول بأن معاداة الصهيونية اليوم تتخذ شكل معاداة السامية وليس العكس، وكما لاحظ الكاتب في صحيفة هآرتس اكيفا إلدار مؤخرا فإنه أسهل بكثير أن ندعي بأن العالم بأسره يقف ضدنا من الاعتراف بتحول دولة إسرائيل التي أنشئت كملجأ ومصدر للفخر لليهود الى مركز حقيقي للخطر ومصدر إحراجات مخزية لليهود الذين اختاروا العيش خارج حدودها"·

وفي الدفاع عن تأكيدها بوجود "حرب عالمية ضد اليهود" استخدمت تشيسلر السلاح الأقوى قائلة "في رأيي، إن كل من ينكر أن الأمر على هذا النحو أو يلوم اليهود على إثارة الهجمات يعد معاديا للسامية"، وبما أني أنفي وجود مثل هذه الحرب، فإن هذا يجعلني معاديا للسامية، لكن بما أن نقاشها يفرغ الكلمة من كل معنى، فأنا لا أعتبر هذا ضررا بالنسبة لي، يذكر المؤرخ بيتر بلزر في مساهمته لكتاب معاداة جديدة للسامية، منتقدا الطريقة التي تنقل فيها الصحافة الليبرالية ممارسات جيش الدفاع الإسرائيلي في المناطق المحتلة، ويبرز نقطة مهمة حول إساءة استخدام الكلمات، ويقول "يفقد المفهوم قيمته في كل مرة يعتبر فيها قتل المدنيين جريمة حرب، وعندما تعتبر كل عملية طرد سكان القرى إبادة جماعية، لا يعود بإمكاننا تعريف الإبادة، وعندما يكون الشيء في كل مكان، لا نجده في أي مكان وأيضا عندما تكون معاداة السامية في كل مكان، لا نجدها في أي مكان، وعندما يصبح كل معاد للصهيونية، معاديا للسامية، لا يعود بمقدورنا معرفة الحقيقة، فمفهوم معاداة السامية يفقد أهميته·

المصدر: The Nation

 

----------------------------------------------------

الموضوعات المترجمة تعبر عن آراء  كتابها

إشراف: صالح أحمد النفيسي

saleh@taleea.com

طباعة