رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 28 جمادى الآخر 1426هـ - 3 أغسطس 2005
العدد 1689

طالبان ثانية تتكون في بنغلادش!

                   

 

تشارلز تانوك *

هل تتجه بنغلادش نحو الثقب الأسود الذي التهم أفغانستان تحتد ظل طالبان؟ المخاوف تتعاظم في وقت يبدو فيه أن مسؤولين وقوى أصولية تعمل بمأمن من أية محاسبة، وفي ظل دعم واضح من قوات الشرطة المحلية والحزب الوطني الحاكم والسلطات المحلية·

ظلت بنغلادش على مدى سنوات عدة تمثل استثناء في العالم الإسلامي من خلال اتباع نهج سلمي علماني وديمقراطي·

وكان التعايش السلمي سائدا بين غالبية السكان تحت تعاليم التصوف الإسلامي، واتباع  الديانات الأخرى، وتمتلك بنغلادش سجلا جيدا في مجال التعليم وحقوق المرأة، وقد ظل الأصوليون لا يحظون بالمساندة حتى وقت قريب، بسبب دعم ميليشيات مثل "البدر" و"رازاكار" للجرائم التي تعرض لها المدنيون إبان الحرب الأهلية عام 1971·

ومع حلول العام 2000  بدأ كل هذا بالتغير، حين أجرت رئيسة الوزراء خالدة ضياء، زوجة الرجل القوي الجنرال ضياء الذي اغتيل في وقت سابق، تعديلا دستوريا، استبدلت فيه "الحكم لله" بالنظام العلماني وقد شجع هذا التعديل، حزب "جماعة الإسلام" الشريك الرئيسي في التحالف مع الحزب الوطني الحاكم، والذي يرتبط بصلات مع الميليشيات وعلاقات وثيقة مع باكستان، على  الدعوة الى فرض الشريعة الإسلامية·

 

وهابية

 

ويبدو أن الحزب الوطني البنغالي يعتبر المتطرفين الدينيين أداة لتحطيم قوة حزب "رابطة عوامي" المعارض والمدعوم الى حدّ كبير من العلمانيين والطبقات الوسطى وبالمثل فإن تنامي عدد المدارس الدينية، التي تمولها المملكة العربية السعودية ودول خليجية أخرى بحيث وصل عددها الى 64 ألف مدرسة وتعمل تحت مجموعة "ديوباندي إسلام" DEOBANDI  ISLAM التي تستلهم حركة طالبان، كان جزءا من محاولة واضحة لتغيير ثقافة بنغلادش القائمة على التسامح الديني·

لقد أصبح الخطر الذي ينطوي عليه هذا النهج حقيقيا، إذ يزعم مسؤولون في الاستخبارات الهندية أن أحد زعماء التحالف الحاكم في بنغلادش، المفتي فضل الحق أميني، يحتفظ بصلات مع مجموعة "حركة الجهاد الإسلامي" الأصولية المحظورة "حجي" التي يشاع أنها ترتبط بتنظيم القاعدة، وفي العام 1999، حاول أعضاء في هذه الحركة اغتيال الشاعر المعتدل شامشور رحمن بفأس، وقد تم اعتقال 44 عضوا من الجماعة، واعترف اثنان منهم أنهما قدما من باكستان وجنوب إفريقيا، مرسلين من قبل أسامة بن لادن لتوزيع الأموال على المدارس الدينية·

ويزيد العمال البنغلادشيون في دول الخليج الذين يعودون الى بلادهم متشبعين بالأفكار السلفية والوهابية، النار اشتعالا وفي إطار الصراع على النفوذ في البلاد، حاول الزعيم الأصولي المتطرف بانغلا بهاي في عام 2004 القيام بثورة إسلامية في عدة مقاطعات في شمال غربي البلاد محاذية للهند واستمرت حركة التمرد لبعض الوقت مدعومة من قوات الشرطة المحلية وأكثر من عشرة آلاف من الأنصار، الى أن تدخل الجيش لقمعها·

 

هوية مشتركة

 

وقد وثقّت إحدى المنظمات غير الحكومية المناهضة للتعذيب أكثر من خمسمائة حالة تعذيب وترويع قام بها راديكاليون إسلاميون ممن ارتكبوا جرائم قتل أيضا ضد أنصار الحزب الشيوعي من أمثال عبدالقيوم بادشاه، وفي الواقع، استهدف هؤلاء المتطرفون أيضا، هندوسا ومسيحيين وبوذيين، وهاجم متطرفون أصوليون أخيرا أماكن العبادة الصوفية وعددا من الفعاليات الثقافية البنغالية التي توحّد كل الأديان في هوية مشتركة واحدة·

وعلى سبيل المثال، قامت عصابات يزيد عددها على ألف شخص في شهر رمضان 2004 بتدمير أحد مساجد الطائفة الأحمدية، على اعتبار أنها طائفة كافرة·

وقد خطرت الحكومة كل مطبوعات هذه الطائفة الى أن ألغت المحكمة العليا البنغلادشية هذا الحكم· وقد غادرت البلاد إعداد كبيرة من الطائفة الأحمدية والهندوس ورجال القبائل في تلال شيتاغونغ، خوفا على سلامتهم،

ويتجلى العنف في مظاهر أخرى، فقد نجت الشيخة حسنية زعيمة حزب "رابطة عوامي"، وابنة مؤسس بنغلادش من هجوم بالقنابل اليدوية استهدفها في الصيف الماضي وأودى بحياة أكثر من عشرين شخصا وإصابة مئة بجروح - ولم يتم إلقاء القبض على الجناة - وأصيب السفير البريطاني في بنغلادش بجروح في انفجار مماثل في شهر  مايو الماضي·

 

وقف التدهور

 

ويعود الفضل الى السلطات البنغلادشية التي - بالرغم من الضغوط التي تتعرض لها من الدول المانحة للمساعدات - في إدراك أن البلاد تنزلق الى مصاف الدول الفاشلة، وتبذل جهودا أكبر لاعتقال الأصوليين القتلة، على الرغم من أن بعضهم يمثلون جزءا من التحالف الحاكم - وقد حظرت أيضا نشاط مجموعتين إسلاميتين، ولكن الاعتقالات الجزئىة لن تكون كافية لوقف التدهور إذا سمح لثقافة عدم التسامح أن تتجذر في المجتمع·

ومن الإشارات المشجعة في ظل هذا الوضع أن النمو الاقتصادي السنوي ظل ثابتا عند حدود %5 على مدى السنوات القليلة الماضية - ولكن يخشى الكثير من المواطنين على مصادر رزقهم الآن بسبب تدفق الصادرات الصينية بلا حدود، فالتدهور الاقتصادي في بنغلادش لن يؤدي إلاَّ إلى تفاقم التوترات الطائفية والعرقية في البلاد وتوفير تربة خصبة لنمو التطرف الديني ومع ذلك،  تؤدي النزاعات السياسية ومقاطعة المعارضة الى عرقلة الإصلاحات المطلوبة·

إن العالم لا يتحمل أفغانستان أخرى في بنغلادش، حيث يُعتقد أن كثيرا من أعضاء "حركة الجهاد الإسلامي" وفروا مأوى للعديد من مقاتلي حركة طالبان بعد سقوط كابول، والضغوط الهندية على بنغلادش لن تكون كافية لحمل الحكومة البنغالية على الالتزام بالطرح المتسامح للإسلام الذي انتهجته البلاد طوال العقود الثلاثة الأولى من الاستقلال·

ويتعين على كل القوى في القارة الآسيوية، بما فيها الصين واليابان، أن تلعب دورا في وقف انزلاق بنغلادش الى الأصولية والفوضى، ويجب على بقية العالم أن يدعم هذه الجهود قبل فوات الآوان·

 

* نائب رئيس لجنة حقوق الإنسان الفرعية في البرلمان الأوروبي

" عن: ديلي ستار 21/7/2005 "

 

* * *

 

فتش عن الفتاوى الانتحارية

عن صحيفة "الوطن" السعودية أن دراسة حديثة مدعومة من قبل الحكومة السعودية خرجت بنتيجة مفادها أن غالبية الذين فجروا أنفسهم في العراق، إنما ذهبوا استجابة للفتاوى والنداءات والأشرطة، أما من عاد منهم، فقد عاد متطرفا!

شملت الدراسة 300 سعودي اعتقلوا خلال محاولتهم التسلل الى العراق، بالإضافة الى قضايا 36 شخصا فجروا أنفسهم في الهجمات هناك، وتوضح الدراسة التي أجراها نواف عبيد أن معظم المقاتلين الأجانب في العراق لم يكونوا إرهابيين قبل الحرب، لكنهم تطرفوا سببها·

طباعة  

العالم العربي يستقبل إشارات متناقضة..
واشنطن تعلن تأييدها للإصلاحيين وتتعامل مع الأنظمة الدكتاتورية

 
كوابيس الانسحاب من غزة!
هل يرقص الفلسطينيون فرحا ويشرب نتانياهو من البحر؟