
· أحمد: لو كنا "حرامية" لتنقلنا بكل مكان وتجولنا في الشوارع
· المطيري: الحياة زمان كانت حلوة وبسيطة والاحترام كان يسود الجميع
· المنشآت القديمة تحمل عبق الماضي.. وتراث الأجداد والآباء ميراث الأجيال
· زبائن السوق بين "حرامية" ومتكبرين وغامضين ومتعففين
· زبائن سوق المقاصيص وزراء سابقون ومثقفون وفنانون وصحافيون
· محمود: الناس زمان عندهم حياء وإخلاص والآن الطمع ساد الجميع
· الذريق: أجالس الكبار لأستفيد منهم ومن خبراتهم الكبيرة
كتب محمد المسيري:
من يزور أسواق الديرة يشعر بالتراث والأصالة، ومنها سوق المقاصيص الذي يتميز بعرض عدد كبير من السلع المختلفة المستعمل منها والجديد·
"الطليعة" تجولت داخل سوق المقاصيص والتقت عدد من قدامى البائعين وعـــدد من رواد السوق وكان هذا التحقيق:
التقينا التاجر محمود أحمد المتقاعد ولديه محل ساعات ومسابيح وخواتم وأقلام أصلية ومقلدة وماركات أخرى من الساعات اليابانية ومسابح الكهرمان والعاج يعرضها للبيع حيث قال إنه من رواد السوق منذ 25 سنة مشيرا الى أن من رواد هذا الـــسوق شباباً وكباراً في السن وصغاراً من الجنسين يبيعون لنا ويشترون منا·
وأضاف أن أكثر المشترين من موظفي وزارة الداخلية (شرطة الدوريات) ممن يعشقون الماركات المشهورة القيّمة منها القديم والحديث من الساعات، لكن كبار السن يركزون في الشراء على الأشياء القديمة (الأثرية) وأكثر المشترين من المواطنين·
البيع والشراء
وذكر أن عملية البيع والشراء تتم بتحرير أوراق رسمية بسند بيع مدون فيه الاسم والرقم المدني للبائع وجنسيته وبيان ومواصفات السلعة المباعة ويوقع المشتري على ذلك·
المقاصيص سوق "الحرامية"
وذكر في حديثه أن بعض الناس يقولون عنه ورفاقه من التجار بأنهم "حرامية" وإن سوق المقاصيص سوق الحرامية كله سرقات، لكننا لسنا هكذا، ولكن نصف القادمين إلينا بمقتنيات للبيع "حرامية" وبعضهم من أصحاب الإشاعة بأننا "حرامية"، مع العلم أننا أناس نتمتع بسمعة طيبة وفي كل مكان في العالم هناك الصالح والطالح ولو كنا "حرامية" لوجدتنا متنقلين نتجول بكل مكان ونتجول بالشوارع نشتري ونبيع لهذا وذاك، لكننا ثابتون في مكان واحد مكشـوف ومعروف وهذه ضمن مميزات هذا الــسوق القائم في قلب العاصمة·
سوق المقاصيص
أكد أن تسمية سوق المقاصيص بهذا الاسم تعود لمعنى التسمية نفسه وهو قديم قدم الكويت من كلمات الأجداد والآباء ومسمياتهم "للفرجان" والأسواق والدراويز والدوارات والبوابات والأسوار والأحياء وما شابه ذلك من مسميات كما أن سوق المقاصيص يعني احتياج كل من لديه سلعة ويريد بيعها لسد حاجته لذلك تجد في أكثر الأحيان المحتاج يبيع ممتلكاته بنصـــف قيمتها أو أقل لأنه يحتاج إلى سيولة·
بائع نزيه
وأوضح قائلاً: في بعض الأحيان نشاهد أن هناك بعضهم "مكسوف" من عرض ما يريد بيعه بالسوق أمام الناس خشية أن يراه أحد معارفه أو "الربع" والأقارب وتجده جالسا بسيارته وينادي على المشتري وإننا نلاحظ ذلك ونذهب إليه ونحترم ظروفه وحياءه·
بائع غامض
وبين أن بعض البائعين لا يوافق أن نطلع على بطاقته المدنية ويرفض تدوين أي بيانات عنه أو حتى معرفة اسمه ونلاحظ أنه "مستحي" أو متعفف خجول ويريد سرعة إنهاء عملية البيع بأي شكل مادام السعر مخفضاً ويرى لا داعي للتمسك بكتابة بيانات أو أي تفاصيل·
بائع جريء وحرامي
وأضاف أن هناك أشياء تحصل في عملية البيع والشراء في غاية الدهشة والتعجب وتصرفات تثير الغرابة عندما يأتي بعض البائعين ومعــه أشياء يعرضها للبيع ونكتشف أنه حرامي، والسلع التي يبيعها مسروقة ومع ذلك يعطيك بطاقته المدنية ويوقع على فاتورة البيع، وقد حصلت كثيرا معنا واكتشفت الشرطة أشياء مسروقة ويسألون عن بيانات البائع ونعطيهم أسماء وبيانات الأشخاص الذين باعوا لنا هذه الأشياء المسروقة·
زبائننا وزراء وفنانات وصحافيات
وأكد أن كثيرا من الشخصيات من كل الأوساط من المشاهير يشترون مقتنيات منها الأثري القديم والحديث وبعضهم وزراء سابقون ومثقفون وفنانات وصحافيات ولا نريد ذكر أسماء، وهناك أيضا يأتينا من الجنسين من هواة جمع التحف والمقتنيات الأثرية والمميزة·
ويشير محمد شامان محمد الحربي من رواد السوق منذ 14 سنة أنه يجد متعة عندما يشاهد أسواق الكويت القديمة ويمتع نظره في رؤية مقتنيات متنوعة وأناس من كل حدب وصوب، ومن المعروضات التي تروق لميوله وتحوز رغباته الأقلام والماركات العالمية المشهورة مثل كارتير وريبون وشيفر باركر والمسابيح مثل الكهرب ويشتري التحف القديمة المميزة كزينة في البيت·
45 سنة في الكويت
اعترف حمد بن محمد بن راشد عماني الجنسية ويقيم في الكويت منذ 45 سنة ومن رواد السوق لكنه لا يشتري كل مرة ويأتي الى السوق كل أسبوع وأسبوعين ويشتري الشيء النادر من الأشياء القديمة مثل المسجل أو الراديو من الطراز القديم وأيضا التلفزيون·
صاحب دكان
وأفاد التاجر علي ياسين العليوي أنه يمارس عمله منذ بداية السبعينات ويشتمل دكانه على مجموعة من المسابح والأقلام والساعات عن تاريخ المسابح والساعات والأقلام وقال إن هناك بعض الناس لديهم هوايات جمع مثل هذه المقتنيات خاصة مسابح الكهرب، وكانت المسبحة الواحدة تباع بسعر قد يصل إلى 2000 أو 3000 دينار أما الآن قلة الإقبال أثرت على السعر·
وأشار الى أن الخواتم تتكون من أحجار كريمة منها العقيق والزباير وحجر الزفير تصنعه بورما وسيلان والزمرد والألماس تصنعه بلجيكا وأما الساعات بعضها صناعة سويسرية وأخرى فرنسية ويابانية وماركات الساعات كثيرة وتجد دولاً كثيرة تصنع الساعات ذات الماركات العادية لكن الأقلام مثل الكارتير والباش والريبون صناعة فرنسية وهناك أقلام عادية من كل البلاد·
ويقول محمد عبدالرزاق محمود الذي كان يعمل بوزارة الصحة أسواق الكويت القديمة وسط الديرة مثل سوق الجت وسوق الدفاع وسوق دعيج وسوق الحريم بمنطقة الرهلة عند حديقة البلدية وسوق السلاح وسوق المشتغلات وسوق واجف وسوق الجمعة الذي انتقل وكان كل سوق يختص ببيع غرض معين وكانت كل هذه الأسواق وسط الديرة تعرض جميع متطلبات الناس أما الآن تجد محلات الأسواق تبيع أشياء ومحلات أخرى تبيع أكثر من شيء إن لم يكن كل شيء وسلعا انتقلت الى أسواق ومناطق وأماكن أخرى تباع بها وهناك أسواق أخرى كثيرة متعددة الأغراض·
الناس قديما والآن
قال بملامح الأصالة إن الناس زمان كانوا مخلصين ونيتهم صافية وطيبين وأكثرهم في رحاب الله أما الناس الآن فقد تغيرت أخلاقهم وتجد الكراهية منتشرة بينهم ويتبادلون الحقد والحسد والطمع والاستغلال والانتهازية وهذه الصفات السىئة أحد أسباب طمث وغياب الحب والتعاون والضعف الإيماني جعل هناك تفرقة فندُر الخير وكأنه في تغيب بسبب حب النفس، وعبر بأسف: رغم كل ذلك لا تستطيع أن تبتعد كثيرا عن الناس ولا تقترب حتى ولو قليلا وحسب ظروفك وظروف حياتك تستطيع على ضوء ذلك أن تأقلم نفسك مع هذا أو ذاك عكس زمان·
وأكد خير الله المطيري متقاعد كان يعمل بالجمارك أن الحياة في السابق كانت بسيطة وحلوة، أكثر الناس كنت تجدهم يعملون ويتعاملون في بساطة وحب واحترام يسود الجميع ويحترم الصغير الكبير عكس الآن حديث السن يتصرف وكأنه هو الأكبر سناً ورغم جهله في كثير من أمور الحياة يتصرف وكأنه عارف وهذا هو غرور العصر لذلك تجد الناس في مثل أعمارنا من الجيل القديم يشعرون باستياء من تصرفات بعض الشباب·
وأوضح بحزن شديد اندثار المباني القديمة وبعض المصنوعات والحرف والمهن أما بدول الخليج تجد المحافظة على التراث وإثرائه خاصة المباني التراثية ومن أسباب ذلك الحياة العصرية التي طمثت القديم·
فترة الشباب
ذكر أن هوايته القديمة وهو في مرحلة الشباب هي ممارسة لعبة كرة القدم وكرة السلة وكانت كل الفرق الرياضية بمن في ذلك الهواة واللاعبون يتدربون ويلعبون في الملاعب الرياضية·
وأضاف أنك تجد الرياضة أيضا الآن اندثرت وليست مثل زمان كان كل أعضاء الفريق شخصاً واحداً بل تجد الفرق وكأنها لاعب واحد وقلب واحد يشعرون برغبة وشوق واهتمام لأن الكل كان يلعب بروح الفريق الواحد لكن الآن غابت هذه الروح، ويعود ذلك لأسباب كثيرة أهمها "الواسطة" التي حطمت الرياضة وكل شيء رغم أنني بعيد عن الرياضة منذ عشرين سنة لكنني أسمع من أصدقائي ومن ناس كثيرين كلاما ذكرت جزءا منه، رغم انتشار "الواسطة" بكل الدول إلا أنها في الكويت بشكل فظيع·
شباب يجالسون الكبار
قال الشاب عبدالعزيز سعود الذريق مراقب بوزارة الأشغال حول أسباب جلوسه وبعض رفاقه من الربع مع كبار السن في عمر الجد والأب: إن الجلوس معهم يشعرك بالتراث القديم وهم يتحدثون عن أمور الحياة بفكر التجربة وثقافة العليم ويأخذنا معهم الحديث في نواح عدة: السياسية والاجتماعية، والعلمية والاقتصادية، وأخبار البورصة وسوالف عن مواضيع تهم البلد ويطرحون نصائح وتجارب من الواقع وعن الماضي وأكد أن الناس الكبار تستطيع أن تستفيد منهم الكثير من ذكريات الماضي والحاضر ومدى صبرهم وتحملهم وإصرارهم، كيف كانوا يقطعون آلاف الأميال في عرض البحر شهوراً وأسابيع للصيد والتجارة والسفر الى بلاد بعيدة مع الأهوال ومواجهة المجهول وأيضا نتعلم كيف نصبر ونتحمل ونتغلب على أي صعوبات تصادفنا أو تواجهنا·
كما أن المقارنة بين الأجيال تختلف من جيل إلى آخر وبين أبناء الجيل الواحد لأن مستجدات الحياة العصرية أفادت في شيء وهــدمت أشياء والناس أفكار وطباع وتجد أحيانا الكبير صغير والصغير كبيرا وليست مسألة سن·


