رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الاربعاء 19 ذوالقعده 1426 هـ . 21 ديسمبر 2005
العدد 1708

حلقة نقاشية·· وتوصيات
حداد: ثمانية·· تبدأ بها أزمة الشعر

اختتمت ندوة "الشعر العربي الحديث" بحلقة نقاشية شارك فيها الشعراء أحمد عبدالمعطي حجازي وقاسم حداد ود· سعد البازعي وفاروق شوشة·

حجازي: الشعر أصبح شعرا فحسب

 

                                                              

 

ومما جاء في مشاركة حجازي تحت عنوان "لماذا نحتاج الى الشعر" قوله: السؤال مهم والدليل على هذا أنه يطرح بقوة منذ سنوات كثيرة، وبصور مختلفة، فالشعر الآن لم يعد يتصدر المشهد الثقافي في معظم بلاد العالم كما كان في القرنين الماضيين وفي العصور الماضية بشكل عام، لقد كنا نرى في كل بلاد العالم شعراء كبارا يعلبون الأدوار الأولى في حياة بلادهم الثقافية وحتى الحياة السياسية والاجتماعية·

وأضاف "لقد مات الشعر إذن، لأننا نحتاج الآن كما يرى هؤلاء النقاد الى معرفة موضوعية نفهم بها قوانين الطبيعة والمجتمع والنفس لنسيطر عليها ونعالج مشكلاتنا، وهذا ما لا يستطيع الشعر أن يقدمه لنا، لأنه غير معني بالحقيقة الموضوعية ولا حتى بتصوير الواقع أو تحقيق التواصل مع الناس· فمن الطبيعي أن يتراجع الشعر وأن يتخلى عنه الناس ويفقده الشعور بالحاجة إليه·

هل يكون هذا الرأي تسجيلا لحقيقة موضوعية لا تملك إلا أن نسلم بها، أم يكون تعبيرا عن موقف سلبي لا يختلف عن المواقف السلبية التي عبرت عنها بعض التيارات الفلسفية والدينية التي عبرت عنها بعض التيارات الفلسفية والدينية تضلل الإنسان وتثير فيه نوازعه الشريرة على نحو ما نجد في جمهورية أفلاطون؟

من المؤكد أن الشعر لم يعد يحتل المكان الذي كان يحتله من قبل، فقد زاحمته فنون أخرى جديدة لغوية وغير لغوية، لكن هذه الفنون لم تحل محل الشعر وإنما شاركته همومه وجمهوره ووظيفته، لم يعد الشعر وعظا أو تعليما أو تاريخا لأن هناك فنونا أخرى تؤدي هذه الوظائف، من هنا انحسر الشعر عن مجالاتها لينفرد بمجاله الخاص، الشعر أصبح شعرا فحسب، إلا أن الشعر لم يعد محصوراً في القصيدة، وإنما تجاوزها الى القصة والرواية وانتقل من فنون اللغة الى بقية الفنون·

 

حداد: لماذا ينبغي أن تكون أزمة؟!

 

                                                              

 

الشاعر البحريني قاسم حداد تساءل في بداية مشاركته "لماذا ينبغي أن تكون ثمة أزمة في الشعر العربي؟" رافضا تعبير "أزمة" الذي يرى أن سؤال الندوة هو الذي اقترحه، دون أن يكون له واقع موضوعي، ويرى أنه يعود لموقف محافظ مسبق أو لغياب نقد رصين أو هو ترويج وتكريس من صحافة ثقافية متواضعة الأدوات، مثلما تم التعامل مع مصطلح "الحداثة"·

ويفترض حداد تجاوز ظواهر عابرة مثل "استسهال الكتابة تحت طائلة الخروج من الوزن الى النثر وغياب حكم القيمة النقدية وخفة ميزان النشر وسيادة نقص المواهب وإشكاليات العلاقة بالقارئ" في محاولته التعرف على "الأزمة" ليقول:

1 - فعندما لم يعد الشعر هو "الكلام الموزون المقفى"، "حسب العرب القدماء" سوف تبطل إمكانية التعامل مع الكتابة الجديدة بأي أدوات وآليات نقدية تحاول ترميم صدمة ذلك الخروج الفادح عن تلك الحدود، سوف تبدأ الأزمة من تلك اللحظة·

2 - وعندما تأخذ الذات الشعرية مكانها الطبيعي والمشروع من تجربة النص بدل الموضوعية "حسب العرب المحدثين"، سيتعذر قبول شروط الواقع بوصفها حكم قيمة شعرية على واقعية الكتابة، ناقضة الإرث الكثيف من تقييد الفن بالحياة سوف تبدأ الأزمة من تلك اللحظة·

3 - وعندما يتحول مفهوم الصورة الشعرية من كونها "تجسيدا للمجرد" حسب النقد الشعري القديم، الى تجريد لا متناهي المخيلة، بوصفه حقلا مفتوحا لحريات الخلق الفني، ليصبح فن ابتكار الصور قيمة شعرية حرة تأخذ مكان الحدود القديمة لشرط الشعر، سوف تبدأ الأزمة من تلك اللحظة·

4 - وعندما يعاد النظر في منطقية الدلالة وتبادل الأدوار البالغ النشاط بين الدال والمدلول، لن يسعفنا التفسير لشرح ما يحدث من تسارع المبادرات الشخصية التي يحققها الشاعر في قصيدته، فيما يعتمد فن النقائض في علاقته الكونية بأشياء العالم، مقترحا اللعب خارج النص، سوف تبدأ الأزمة من تلك اللحظة·

5 - عندما يقترح جيل التحديث الشعري في الخمسينيات والستينيات إلحادا غير معلن بالتقليد الموروث، ثم تأتي أجيال التجديد اللاحقة وتجهر بإلحادها الفني بالإرثين القديم والحديث معا ودفعة واحدة، معلنة في أكثر تجاربها موهبة ورصانة، حقها الكوني في البحث الحر عن لغتها وأشكال تعبيرها،متفادية شرط المستقرات والثوابت الفنية والثقافية كما لو أنها أيديولوجية دينية ومتعاليات مقدسة، سوف تبدأ الأزمة من تلك اللحظة·

6 - وعندما يتفاقم الإخفاق النقدي الحديث وهو يكرر استعانته بشتى مدارس النقد الغربي "من الشكلانية الروسية، والنقد الجديد، والبنيوية والتفكيكية··" محاولا مجاراة تسارع الابتكار في شعرية الكتابة العربية الجديدة، لأنه على الأرجح، كان يفعل كل ذلك دون أن يدرك أهمية طرح أسئلته على النصوص الشعرية العربية، قبل الاستعانة بجاهزية الأجوبة الغربية، مما سيجعل ذلك النقد يقف في هامش النص، عند هذا ستكون الأزمة في المكان الآخر من المشهد الشعري، وهو الطرح النقدي الذي يتحرك ناظرا الى التجربة الشعرية من خارجها، سوف تبدأ الأزمة من تلك اللحظة·

7 - وعندما تظل مناهج الدرس "في كل مراحل التعليم" مخلصة لمفاهيم النقد الشعري القديم، متحصنة ضد كل المحاولات الفردية التي تقترح الصنيع الشعري الجديد على بنية الأجيال الجديدة، سيتحول ذلك، بآلية بالغة الفداحة الى تراكم هائل من قراء "إذا قرؤوا" يعتبرون الشعر "غير الموزون واللامقفى" هو بمثابة الخطيئة التي يتوجب تفاديها، سوف تبدأ الأزمة من تلك اللحظة·

8 - وعندما تتفاقم الأصولية الثقافية في المجتمع العربي، لتسفر عن سلوك إقصاء عنيف لكل أشكال التعددية، ستكون فكرة المغايرة والاختلاف في أساليب الكتابة والتعبير الفني أحد أهم العناصر الصادمة لبنية القبول، وتستدعي قانونا يكرس الارتهان الاجتماعي لفكرة النموذج الواحد، وأن كل تعدد هو خروج صادم يغذي الكلام عن أزمة في الشعر وليس في المجتمع، سوف تبدأ الأزمة من تلك اللحظة·

 

التوصــــــــيات

 

في ختام الحلقة النقاشية اتفق الحضور على التوصيات التالية:

أولا: إصدار سلسلة شعرية شهرية للشباب لمن هم دون سن الثلاثين·

ثانيا: إصدار مجلة فصلية مختصة بقضايا الشعر العربي الحديث، وموقع إلكتروني مواز لها·

ثالثا: استحداث كرسي للشعر العربي الحديث في الجامعات العربية، واستدعاء شعراء عرب للتدريس فيه·

رابعا: تنظيم مهرجانات شعرية مشتركة لشعراء عرب وأجانب لمزيد من الاتصال والانكشاف على عوالم الشعر المتنوعة في العالم وتجاربه·

خامسا: ترجمة الشعر العربي الى اللغات العالمية والشعر العالمي الى اللغة العربية·

سادسا: العمل على تنظيم ندوات دورية منتظمة للشعر في دولة الكويت·

سابعا: رصد جائزة للشعر سنوية، تقدم لما يمكن أن يسمى "ديوان الشعر العربي"·

 

اعتراض بيضون ·· في محله

 

اعتراض الشاعر اللبناني عباس بيضون على تضمين البيان الختامي للندوة شكرا مبالغا لرئيس الوزراء ووزير الإعلام وأمين المجلس·· كان موفقا وفي محله·

فلم تعتد المؤسسات الثقافية - وخصوصا في الكويت - على إدخال السياسة أو رموزها في الشأن الثقافي، أو استغلال المناسبات للتقرب من كبار المسؤولين!

 

في ديوانية القلاليف

 

                                                              

 

اللبنانية ليلى شماع تعمل حاليا على ترجمة "ورشة الأمل" لقاسم حداد الى اللغة الألمانية، انتهزت حضورها خلال مهرجان "القرين" لزيارة ديوانية "القلاليف" لترى عن قرب تفاصيل وأدوات صناعة السفن الواردة في سيرة قاسم·

طباعة  

بعد نصف قرن على ولادة قصيدة النثر
 
وتد
 
سؤال
 
المرصد الثقافي