رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الاربعاء 19 ذوالقعده 1426 هـ . 21 ديسمبر 2005
العدد 1708

ديمقراطية فلسطين بين فكي كماشة:
الآلة العسكرية الإسرائيلية والضغوط المالية الغربية

غزة - الطليعة - خاص:

الديمقراطية الفلسطينية الحقيقية ليست هي ما تطالب به إسرائيل ولا القوى الغربية (أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية)· هذا هو الانطباع الأول الذي يخرج به المراقب المحايد لسيل التصريحات والتهديدات التي وصلت إلى حد التهديد بقطع المعونات المالية عن السلطة الفلسطينية إذا سمحت لحركة المقاومة الإسلامية "حماس" بالمشاركة في الانتخابات· فهذه المشاركة مشروطة حسب تعبير مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي خافير سولانا بتخلي حماس عن "العنف"· أي عن المقاومة المسلحة للاحتلال الإسرائيلي، وهو الشرط نفسه الذي تضعه الحكومة الأمريكية·

الواضح إذاً أن هناك قراءة غربية بدأت في ضوء نتائج الانتخابات البلدية التي انحسرت فيها مساحات نفوذ حركة فتح "حزب السلطة الفلسطينية" واتسعت مساحات نفوذ حماس وبعض القوى الفلسطينية الأخرى مثل قائمة المبادرة الوطنية والجبهة الشعبية، بما حملت من إشارات قوية إلى ما ستكون عليه الحال في انتخابات المجلس التشريعي المقررة في يناير المقبل· ويبدو أن تفهم هذا الصعود لحركة حماس فلسطينيا ليس مما يشغل بال الحكومة الأمريكية ولا الاتحاد الأوروبي، بقدر ما يشغل هذين الطرفين الأساسيين في ما سمي اللجنة الرباعية "بإضافة روسيا وفرنسا" إيقاف المقاومة الفلسطينية للاحتلال الإسرائيلي بأي ثمن، أو نزع أي سلاح فلسطيني مقاوم بتعبير أوضح·

في الجانب الفلسطيني، وهو أمر مطمئن إلى حد ما، إجماع على رفض التدخل الأجنبي في العملية الانتخابية الفلسطينية، فرغم خسارة السلطة الفلسطينية وحزبها لمساحات النفوذ في المجالس البلدية، وبخاصة في المدن الرئيسية مثل نابلس وجنين والبيرة، وقوة احتمال أن تمتد هذه الخسارة إلى مقاعد المجلس التشريعي، أعلن أكثر من طرف فيها رفضه للتصريحات والضغوط الغربية، ورأى فيها تدخلا مرفوضا في شأن فلسطيني·

يمكن تغيير الأمر في وصول الأطراف الفلسطينية، بما فيها السلطة الفلسطينية، إلى قناعة مفادها أن الوعد بمفاوضات حل موقت أو نهائي لم تعد واردة في مشروع حكومة شارون، وبخاصة بعد أن ركز برنامجه الشخصي في حزبه الجديد "كاديما"· ولن يكون ثمن أي صراع فلسطيني داخلي سوى جلب الدمار إلى الساحة الفلسطينية مجانا وبلا ثمن·

هذه القناعة بدأت تتعزز مع انفراد حكومة شارون بالمضي في مخطط الاستيلاء على ما يقارب %60 من أراضي الضفة الغربية، وحصر المناطق التي يسكنها الفلسطينيون في "جيتوات" محرومة من الأرض الزراعية ومن طرق المواصلات، بالإضافة إلى مواصلة "تهويد" القدس تحت أنظار وسمع ما تسمى "الشرعية الدولية"·

وبناء على هذه القناعة، لا تستطيع السلطة الفلسطينية مطالبة القوى الفلسطينية المقاومة بالتوقف عن مواجهة شارون وحكومته بما تمتلك من قوى· وقد أظهرت نتائج الانتخابات البلدية، كما أظهرت الاستعدادات لانتخابات المجلس التشريعي، تفككا في أوساط حزب السلطة "فتح" الذي خرج بقائمتين تمت الموافقة على تقديمها للناخب الفلسطيني على أمل العودة إلى مساحة النفوذ من نافذة خلق "معارضة" داخلية، تماما مثلما فعلت أحزاب مثل الحزب الوطني الحاكم في مصر· ولكن خروج حزب السلطة الوطنية من أبواب المجالس البلدية، وخروجه المرتقب من أبواب المجلس التشريعي لم يكن سببه كما قيل الانقسامات التي تقصف بهياكله، بقدر ما كان انكشافه أمام بصيرة الشارع الفلسطيني الذي يمتلك قائمة طويلة بممارسات المتنفذين فيه، وبخاصة فسادهم المالي المعلن في تقارير المجلس التشريعي ذاته، وفشله في الإمساك بالعصا من المنتصف، أي الوفاء بتعهداته أمام سلطات الاحتلال من جهة، وتحقيق الأمن للشعب الفلسطيني، أو الاتفاق مع القوى الفلسطينية على برنامج وطني ينظم المقاومة الفلسطينية·

هذه القراءة الفلسطينية الخاصة، التي من المؤكد أنها ستنعكس على انتخابات المجلس التشريعي، هي التي تتعرض للضغط من جانبين، جانب الاحتلال الإسرائيلي الذي يواصل عمليات القتل والاغتيال والاعتقال في الأراضي المحتلة، وجانب الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي· الجانب الإسرائيلي يدفع بطائراته ودباباته والجانب الثاني يدفع بضغوطه الحالية·

في مثل هذا الوضع يتنامى وعي فلسطيني بضرورة المضي في العملية الديمقراطية حتى نهاياتها، والوصول إلى حد أدنى من التلاحم الداخلي، ربما يبدأ ظهوره مع ظهور نتائج انتخابات المجلس التشريعي·

طباعة  

المواقف الغربية من سورية وإيران تتسم بالنفاق بالرغم من صحتها!
سورية اليوم·· رئيس ضعيف واقتصاد متدهور وأجهزة أمن متصارعة

 
الخطر سيطال الجميع إذا فشلت أمريكا في العراق
 
ربما يكون الخطأ القاتل الذي أطاحه··
صدام كان يحاول إخفاء حقيقة عدم امتلاكه أسلحة الدمار الشامل