··· حينما يُكتب التاريخ بالعلاقات الشخصانية
د· نادر القنّة
أن تقرأ تاريخك الثقافي، أو إرثك الفني والفكري، أو منجزك الأدبي مشوها مغلوطا بفعل فاعل، أو بقلم غير مؤهل، وغير ناضج فتلك - بربي - تراجيديا حقيقية بكل المقاييس··· وأن يُدّرس ذلك التاريخ المغلوط والمشوه، وينقل لأبنائنا في المدارس، بوصفه جزءا من المناهج المعتمدة بوزارة التربية نلقنه إياهم جرعة جرعة ليثبت في خلايا تكوينهم الثقافي والتربوي وتحصيلهم العلمي والمعرفي فتلك - وحق الله - مصيبة في حقل البيداغوجيا، والسياسات التعليمية·· والأهم من ذلك أن يكون هذا التاريخ حديثا، ومعاصرا، وقريبا منا، ونحن جزء أساسي من تكوينه وتشكيلته، ونقوم بتشويهه، وتزوير أجزاء من معالمه، فذلك شيء عجاب، لا يقبله عقل، أو يقر به منطق·
وهنا يبرز السؤال: إذ كيف نسمح لمن ليس لهم دور أو حضور فاعل في حركة التاريخ الثقافي والفني والفكري في مجتمعهم، بل ليسوا ممن ساهموا في صناعة هذا التاريخ أو إثرائه، ولم يقدموا منجزات لها قيمتها بأن يصيروا بالقوة الجبرية، أو بحكم العلاقات الشخصانية نجوما متوجين ومتوهجين في سماء هذه الحركة؟ وكيف نسمح لهم بالتسلل الى سطور الكتب التعليمية والمناهج الدراسية ليكونوا جزءا من مادته البيداغوجية، وهم في الأصل أبعد ما يكونون عن ذلك، في الوقت الذي عمد فيه صنّاع هذه المناهج على إقصاء أصحاب الحق التاريخي عن مكانتهم ودورهم التاريخي في صناعة الثقافة والفن··؟
إن استلاب الآخرين لحقوقهم الأدبية والثقافية والتاريخية، والمعنوية بفعل فاعل لهو جريمة في الجسم الثقافي والتعليمي والتربوي، بل يعد تضليلا وتزييفا لا يستقيم مع مناهج وأهداف التعليم والتربية والمصداقية التاريخية، ومن يرتكب مثل هذه المخالفات، والتجاوزات علينا محاسبته، ومساءلته، حتى لا نسمح بتكرار مثل هذه الأخطاء· وحتى لا نبدو أمام حركة الأجيال بأننا كتبنا تاريخنا الثقافي والفني بقوة دافعية العلاقات الشخصانية· وهذه المساءلة كفيلة بإعادة الحقوق الى أصحابها التاريخيين، وكفيلة بتصحيح كل التشوهات المتعمدة··
fonon@taleea.com