رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 9 محرم 1427هـ - 8 فبراير 2006
العدد 1714

وتد

يد الغريق الممدودة الى الفراغ

 

نشمي مهنا

مأساة، نرمي وزرها على البحر المالح، كي نخفي جريمتنا وكذبنا وفوضانا· يعيدها، ألف جثة طافية أمام أعيننا على شواطئنا، فنعيد جريمتنا وكذبنا وفوضانا·

نتبادل التهم مع الماء، في مده وجزره·

عبّارة "السلام - 98" المصرية حديد ثقيل حمل أرواحا بسيطة، لا تملك حولا ولا قوة، الى نهاياتها· حديد بثقل أطماع ملاّكه، بحجم عناد الربان وطاقمه، بصلادة أكاذيب الرسميين الواقفين على اليابسة الآمنة هناك، المقابلة لصدى الاستغاثات·

مثل أي كارثة مرّت، يراهنون على بساطة الفقراء، وعلى تلف الذاكرة المنشغلة بيومياتها· يراهنون على الأيام السبعة ودورانها، وتكفلها بالمحو والنسيان·

على بُعد ساعتين من المرفأ، حريق يلتهم العبّارة، لا تخمده النداءات ولا الاستغاثات ولا الدعوات· لا إصرار الربان على إتمام مهمته الوظيفية ولا مهنية مساعديه· لا أطواق ولا قوارب النجاة الناقصة دوما، منذ "التيتانيك" الأولى التي لم تفِ قسمتها الأجساد النحيلة·

ساعات طويلة مرّت، ويد الغريق ممدودة الى الفراغ· ساعات طويلة جدا مكّنت البحر من غمر الأنفاس الأخيرة، بعدما تيقن أن لا أحد ينجد ويسارع ويطالب·· إلا بالجثة·

لماذا الكوارث تتقصدنا؟! لماذا الكوارث تختارنا بين خلق الله؟!

لأننا نصنعها، ونخلقها على الوجه الأكمل للخراب أكثر مما نؤدي وظائفنا اليومية· حتى تلك التي تجيء بها الطبيعة الغاضبة، نحن نهيئ لها الدمار ونساعدها على مضاعفة الألم·

الكارثة نحن وفوضانا وأعمالنا الناقصة وإهمالنا وأكاذيبنا·

يقول الرسمي: العبّارة غرقت بسبب توابع زلزال طفيف حدث في شرم الشيخ قبل يوم واحد من الغرق!

ويقول صوت العالم (الحاضر) المتحضر: عرضنا عليهم·· لكنهم رفضوا المساعدة!

فمن للبسطاء من أنفسهم، مَن لهم من الكبار ملاّك الحديد والخشب والأراضي والناطحات والشوارع والكراسي والهواء؟!

من لهم من الحرائق ومن البحر وطوفانه ومن الزلازل·· ومن الأكاذيب التي تشبهها؟!

nashmi22@hotmail.com

طباعة  

تزامناً مع إصدار مختارات "كتاب في جريدة"
الثقافة اليمنية تحتفي بالمقالح سفيرها إلى العالمية

 
صدرت بمعرض الكتاب الدولي
ينزلون من الرحبة

 
"البيان" في عامها الأربعين.. قراءات في القص المحلي
 
عزاء
 
شهادة
 
خبر ثقافي
 
المرصد الثقافي