رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 9 محرم 1427هـ - 8 فبراير 2006
العدد 1714

المرصد الثقافي

أين غياث الدمشقي؟!

 

في النصف الثاني من أربعينات عمره، يعمل غياث الذي يبدو أصغر بعشر سنين، دليلا سياحيا، يرافق السياح في دمشق القديمة، ويرشدهم الى المواقع الأثرية أو الثقافية التي يقصدونها· يجلس عادة في مكان غير بعيد عن الجامع الأموي، يتحدث الإنجليزية وقليلا من اليونانية، ويشرب ما تيسر ليلا، البيرة والويسكي إذا أمكن· لا يدخر مالا ولا يمتلك بيتا، رجل يحق للحياة أن تفتخر به، ببساطته ونقاء روحه، هو علامة لدمشق، إذا صحت دمشق على نفسها يوما واسترجعت كرامتها·

ينبثق أمامي كل مرة أمر جانب الجدار الجنوبي للجامع الأموي قاصدا مقهى النوفرة أو مكانا في الشام القديمة، في شي عم بيصير؟ يسأل بإلحاح· وأجيب: ما في شي! أو أقول إن هناك اعتصاما أو سيحاكم فلان يوم كذا في محكمة أمن الدولة· غياث دائما هناك أمام المحكمة، يقف متضامنا مع أهل المعتقل ومشاركا العدد القليل من الناشطين الواقفين هناك·

اليوم غياث سجين عند الأمن السياسي بدمشق، يقال إنه شتم الرئيس· وغير معروف بعد إن كان سيمثل أمام محكمة أمن الدولة، وقاضيها الجدير بشهرة تاريخية أعرض مما يحوز حاليا·

الرجل "الطبلوج" ذو الوجه الأحمر والضحكة الخجولة، يشعر أنه مقصر دوما: ماذا فعلنا نحن؟ أنتم ضحيتم!

لكن يا غياث، نحن أيضا لم نفعل شيئا· أنت أيضا لم تفعل كي يعتقلوك· لا يعتقل الناس في هذه البلاد المنكوبة لأنهم فعلوا شيئا، ولا لأنهم امتنعوا عن فعل شيء، ولكن لأن هناك من لا يشعرون بالأمن إن لم يصنعوا الخوف ويوزعونه علينا· لا نعتقل لشيء يخصنا، نعتقل كي يبقى الاعتقال بخير·

لا تتحمل دمشق المهانة وجودك حرا· إما أن تنكسر أنت وإما تتحرر هي!

ياسين الحاج صالح - "ملحق النهار الثقافي"

طباعة  

تزامناً مع إصدار مختارات "كتاب في جريدة"
الثقافة اليمنية تحتفي بالمقالح سفيرها إلى العالمية

 
صدرت بمعرض الكتاب الدولي
ينزلون من الرحبة

 
"البيان" في عامها الأربعين.. قراءات في القص المحلي
 
وتد
 
عزاء
 
شهادة
 
خبر ثقافي