رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 16 محرم 1427هـ - 15 فبراير 2006
العدد 1715

المنتدى الاجتماعي العالمي:
نعم.. يمكن قيام عالم آخر

                                                    

 

أغناثيو  رامون:*

في هذا العام انعقد المنتدى الاجتماعي العالمي، وهو منتدى من أجل بديل آخر من الفكر والمفكرين من مختلف أنحاء العالم، مرتين في أماكن مختلفة وتواريخ مختلفة، ولكن كلا اللقاءين كان ذا أثر حاسم: في باماكو، عاصمة مالي، من 19-23 يناير، وفي كاراكاس عاصمة فنزويلا من 24-29 يناير، وقد تم عقد لقاء سياسي في 18 يناير قبل يوم واحد من اجتماع منتدى باماكو، والذكرى الخمسين لانعقاد مؤتمر باندونج الشهير، ووصف الاجتماع كيوم عالمي للبحث والتأمل، وكخلف لحركة القارات الثلاث السياسية، وركز على إعادة بناء نزعة الأممية الجامعة للشعوب·

وإعادة بناء جبهة مناوئة للإمبرياليين، وحضره ما يقارب 100 من المفكرين ومندوبي الحركات الاجتماعية في العالم الثالث وأماكن أخرى·

انطلقت فكرة تنظيم منتدى اجتماعي في كل سنة مباشرة في أعقاب انتصار العام 1998 على المقترح سيىء السمعة بوضع اتفاقية مشتركة بين الحكومات خاصة بالاستثمارات، وإنشاء المنظمة الفرنسية لفرض الضرائب على الصفقات المالية وإعانة المواطنين، وكذلك بعد نجاح تظاهرات "سياتل" ضد قمة منظمة التجارة العالمية، وبدا آنذاك أنه من الممكن إيقاف مسيرة العولمة الليبرالية في ميادينها·

وكان من الضروري "تكتيكيا" إنشاء منتدى مماثل، ولكنه مناقض سياسيا، في مواجهة المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس السويسرية الذي يعقد في أواخر شهر يناير من كل عام، والذي هو قمة تجتذب قادة سياسيين من الشمال والجنوب تواقين الى البرهنة على ولائهم، وجاهزين لبيع أصول بلدانهم الإنتاجية لقاء وعود بأعلى عائد للاستثمارات داخل بلدانهم، بغض النظر عن التكلفة الاجتماعية والبىئية الباهظة التي تدفعها شعوب هذه البلدان·

وجاء القرار بعقد منتدى اجتماعي، لا اقتصادي، في المواعيد نفسها لاحقا ليس في الشمال بل في الجنوب، وكان أول منتدى اجتماعي عالمي قد انعقد في العام 2001 في بورتو أليجرو البرازيلية حيث توصل الزعماء السياسيون المنتخبون الى فكرة وضع ميزانية للمنتدى، وكانت موضوعة المنتدى المستمدة من منشوراته هي: "يمكن أن يقوم عالم آخر" ونتج عن هذا التعبير مفهوم "الترموند يالزم" وهي حركة متعددة الواجهات تضم كل منظومة المناوئين للعولمة الليبرالية·

هذا المنتدى الاجتماعي العالمي مشروع سياسي رؤيوي وخلاق، وهدفه أن يجمع في مكان واحد، مع الروابط والتجمعات المدنية والنقابات العمالية، الناس الذين يمثلون تمثيلا حقيقيا كل مواطني العالم المعارضين للعولمة، ويضم المنتدى بشكل خاص ضحايا كوارث العولمة·

ومن حيث معاصرته أو حداثته، فإن الهدف السياسي الذي قام من أجله المنتدى هو هدف راديكالي، أي أنه يستهدف إحداث تغيرات جذرية· ومقابل منظمة الأمم المتحدة التي هي منتدى للدول والحكومات، أي هياكل السلطة، فإن المنتدى الاجتماعي العالمي يستهدف، ولأول مرة في التاريخ، إقامة تجمع جنيني ممثل للإنسانية كلها· وقد وضع نصب عينيه هدفا استراتيجيا محددا، ألا وهو مقاومة عملية العولمة الليبرالية التي تحطم  المجتمعات، وتخرب غالبية الاقتصادات الفقيرة، وتدمر بيئتنا، ولكن هذا الهدف أصبح ضبابيا مع مرور الزمن، ونسيه بعض الناس، واتضح هذا في بورتوأليجرو في العام 2005، حين أصبح واضحا أن الفكرة الأصلية فقدت زخمها، وشعر الكثيرون بأن على المنتدى أن يكون أكثر من مجرد مكان للمناقشات التي لا تؤدي إلى فعل، وأصبحت هناك حاجة الى برنامج حد أدنى لكي يمكن للكلمات أن تتحول الى أفعال، وسيقدم البرنامج معنى وهيكلا بدائل لعروض الليبرالية الجديدة، مجندا بذلك الأهداف المشتركة للمواطنين من الشمال والجنوب· فإذا أخفق المنتدى في هذا، فإنه سيكون معرضا لخطر فقدان مصداقيته السياسية، ويصبح مادة استعراضية للمجتمع المدني، يكون فيه، رغم أفضل النيات، الحكم الطيب هو البؤرة الرئيسية التي يتركز عليها الانتباه·

وقاد هذا الإدراك إلى العودة إلى الهجمات، واستفز نقاشا واسعا حول دور ومستقبل المنتديات الاجتماعية، العالمية والقارية والقومية والمحلية· وهذا النقاش الساخن حاسم في تقدير مستقبل حركة "الالترمونديالزم"، وقد تواصل في باماكو وكاراكاس، واكتسب صبغة عاطفية في العاصمة الفنزويلية، حيث أصبحت للمنتدى صلة مباشرة للمرة الأولى مع الإصلاحات التي قدمها الرئيس "هوغو تشافيز"·

إن الجو في أمريكا اللاتينية متأثر الآن بالنجاح الذي حققه مناوئو مقترح منطقة التجارة الحرة في الأمريكتين، في مارديل بلاتا الأرجنتينية، وأيضا بالنجاح الانتخابي للرئيس إيفوموراليس في بوليفيا في ديسمبر الماضي· وسيرى الحاضرون في منتدى كاراكاس بأنفسهم أن العولمة ليست أمرا حتميا، وأن من الممكن عكس الاتجاه إذا تمسكت بالإيمان بمبادىء العدالة والتضامن·

* لوموند دبلوماتيك - يناير 2006

طباعة  

المقال المرفوض في منتدى دافوس!
على المجتمع المدني الدولي مقاطعة الصهيونية العنصرية

 
وجهة نظر يسارية:
أسباب فشل اليسار واكتساح التيارات الدينية في العالم العربي بعد تجربة فوز حماس