رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 16 محرم 1427هـ - 15 فبراير 2006
العدد 1715

في رابطة الأدباء "حكاية تترى·· ونبراس للسرد"
الشعراء يؤبنون الأمير الراحل بقصائد "حوامل العرفان"

كتب المحرر الثقافي:

أبّن اثنا عشر شاعرا الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد بقصائد ملؤها الحزن والأسى في أمسية أقامتها رابطة الأدباء الأسبوع الماضي، حضرها السياسي المخضرم الأستاذ جاسم القطامي والشيخ علي جابر الأحمد وجمهور من محبي الشعر·

في بداية حفل التأبين ألقى الشيخ علي جابر الأحمد كلمة شكر فيها الرابطة والقائمين عليها والشعراء المشاركين لإحيائهم هذه الأمسية، وقال إن الأمير الراحل كان راعيا لكل الأنشطة الثقافية في البلد، وللشعر خاصة وكان يكتب الشعر الذي تغنى به عدد من فناني الكويت·

كما ألقى أمين رابطة الأدباء عبدالله خلف كلمة جاء فيها:

كان جابر الأحمد، رحمه الله، جابرا لعثرات الكرام، متسامحا ينأى بنفسه وشعبه عن الزوابع السياسية، أصلح ذات البين، سار على ما جبلت عليه البلاد في مسارات الخير والعطاء، في الداخل والخارج، عالج الأمور بروية واقتدار، وجنّب البلاد العواصف السياسية، وزوابع الأحداث، وكانت الكويت في عهده الميمون وفق ما دأبت عليه البلاد في مسيرة الخير مع رموزها السياسية السابقة الذين جعلوا من الكويت أرضا للسلام، تغيث المحتاج وتعين ذوي الحاجات··

وفي الأزمات، كان مثال الرجل الصلب الشجاع في ففي 27 من سبتمبر عام 1990، خاطب سموه ممثلي الشعوب والأمم، من على منبر الأمم المتحدة بكلمة بليغة مؤثرة، آثر فيها جراح الإنسانية وهموم الشعوب ورفض الظلم، وعندما جاء على ذكر الوطن المغتصب وشعبه الذي جثم عليه طغاة الاحتلال، تهدج صوته ودمعت عيناه، فناشد ضمير الإنسانية لرفض الظلم وإشاعة السلام··

فوقف ممثلو الشعوب والأمم مصدقين لكلمته، معبرين عن تأييدهم، ومؤازرتهم له بتصفيق عاصف لم تشهد قاعة مجلس الأمن مثيلا له من قبل··

وعزاؤنا الكبير أننا إذا (غاب منا سيد قام سيد··) كما تنطبق مقولة (خير خلف لخير سلف··)·

صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد من تلك الشجرة الطيبة التي قادت البلاد بحكمة وروية·· فنالت إعجاب الشعوب والأمم··

 

سيد الأمراء

 

الكاتبة والقاصة فاطمة يوسف العلي كانت أول المشاركين في حفل التأبين، وقالت: "كان فجر الأحد الخامس عشر من فاتح سنتنا هذه، غير مبشر بأغاريد، بل كان خنجرا يحمل في نصله ضربة يسددها الى أكبادنا، فقد كان فجرا نعت فيه الكويت أباها، وشقت فيه جيوبها ولطمت خدودها، وعفرت وجهها بالتراب وكادت أن تموت حزنا، ثم ألقت العلي قصيدة بعنوان "من قال إنك قد رحلت أميرنا؟!" جاء فيها:

من قال إنك قد رحلت أميرنا؟!

من قال إنك يا أمير تركتنا؟!

إني رأيتك في الصباح مهدهدا

لوجوه كل العابرين ببيتنا

ورأيت فيك الزاد للأوطان·· ما

بخلت يداك بفضلها أعطيتنا

وشاركت الشاعرة فاطمة العبدالله بثلاث قصائد في ذكر الراحل، تطرقت فيها إلى عدالة حكمه وما تحقق في عهده:

خرجت جموع الشعب تنعى جابرا

صُدمت بأبناء البيان الفاجع

ذرفت دموع الحب فيض عيونها

وبكته أبياتي بقلبي الدامع

وبكته أمٌّ كم رعى أيتامها

شلال خير من سخاء نابع

حكم البلاد أمير حب عادل

ساد الأمان بحكم هذا الرائع

والفرح يسكن أرضنا في عهده

والنور من وجه الضياء الساطع

وفي "سيد الأمراء" عبرت فاطمة العبدالله عن عاطفة فياضة للأمير الراحل بقولها:

غادرت أرضا قد عشقت ترابها

وفدتك أفئدة تحب وتعشق

هامت بحب أميرها وتآلفت

لكم القلوب بنبضها إذ تخفق

يا سيد الأمراء يشهد حكمكم

بالخير للشعب الكريم ويصدق

 

على حوامل العرفان

 

الشاعر وليد القلاف صور بقصيدته "واجابر" ألم الفراق بمعان جديدة حيث الأكتاف الحاملة للنعش يحملن العرفان للأمير الراحل:

يا من بيوم رحيلك ارتحل السنا

عن عين شعب من رحيلك عاني

وأطال ليلتنا الأسى حتى غدت

من طولها زمنا من الأزمان

تبكيك من قبل العيون قلوبنا

بدم يسيل على الجوانح قاني

وتضحك المهج التي انفجرت أسى

مما ترى من حرقة وتعاني

حملوك من فوق الرقاب وما دروا

أن الرقاب حوامل العرفان

في "بحر الكويت" عنوان قصيدة حصة الرفاعي بدت الغصة الحزينة تصعّب على الشاعرة كتابة رثاء الراحل، كما وصفت ذلك:

يأبى الأسى أن يستحيل قوافيا

ويشيح حرفي عن رثائك باكيا

ما كنت أحسب أن أقول قصيدة

في غير عودك سالما متعافيا

 

بمن العزاء؟!

 

الشاعر الشاب ماجد الخالدي اختار قصيدة تفعيلة حكائية ليروي:

يا سيداتي، سادتي

هل تسمعون حكايتي؟

هل تسمعون حكاية سوداء

من تلك الحكايات الأليمة؟

فالشيخ رغم الحب راحل

والحزن يهبط في الكويت

الحزن يغمد في الصدور سيوفه

ويجول في الطرقات

يصبغ كل جدران المنازل

الحزن قاتل

وفي غنائية حزينة ألقت نورة المليفي قصيدتها "آه يا وطن":

هل جابر ذاق الأجل

هل بات وهنا للكفن

أم أنه حلم فقط

نرمي به خلف الوسن

كما ألقى محمد الحريري قصيدة أجاد فيها الحبك والصياغة والبلاغة والصور:

يا راحلا عنا، برمس عزائنا

حي ومثوى لحدك الجناتُ

ولقد عرفتك كالوسام تكلّلت

لقدوم نعشك بالقلوب فلاةُ

شرفٌ لقبر ضم طهرُ ترابه

قلبا تطيب بعطره الفلوات

"بمن العزا وأنا المعزّى" سيدي

بمصيبة ضاقت بها الحسراتُ

آل القوافي للمصاب توشحوا

جلباب شعر قايسته مئات

 

الشمس تختنق

 

وبمثل هذه المشاعر الحزينة وهذا الوفاء شارك عبدالله العنزي بقصيدة "نبكي فراقك"، ومما جاء فيها:

الحزن يطغى والفؤاد ممزق

والقلب ينعى والمصاب مؤرق

مالي أرى الدنيا يسود سوادها؟

للعيون دموعها تترقرق؟

وبجزالة يكتب سامي القريني قصيدته في رثاء الأمير الراحل متضمنة أكثر من صورة:

ضاقت بما اتسعت من حولك الطرق

وكادت الأرض بالباكين تختنق

كأنما الشمس من زلزال رهبتها

بحزنها لا بحزن الشعب تحترق

يبكي عليك الضحى والعصر والفسف

يبكي عليك الدم المثكول والحدق

تبكي عليك المعاني في تدفقها

والشعر والحبر والأقلام والورق

 

حكاية تروى

 

الشاعر فهيد البصيري شارك بقصيدة معبرة أجاد فيها كتابة الحزن وصوّر فيها المعاني المناسبة للحدث مختصرا أجواء الرثاء ببلاغة:

لمن تُرك الأرامل واليتامى

إذا ما سادة الإحسان غابوا

ومن للدمع في شبح الليالي

يكفكفها إذا كبر المصاب

حكيم في معالجة الدواهي

إذا ما عز في الظلما الصواب

رجا القحطاني رسم في قصيدته ملامح أب غائب، ومشاعر أبناء الشعب:

الموت حق يدرك الإنسان والدنيا تدور

لكن ألفنا وجه جابر ذلك الوجه المنير

ونمت مداركنا على مرآه، يجلس أو يسير

وتشربت أعماقنا حبا لوالدنا القدير

رسم الوجوم على الوجوه ملامح الخطب الكبير

الزميل الشاعر مدحت علام شارك بقصيدة رثاء مميزة لم تر في الموت نهاية لسيرة عطرة مليئة بالإنجاز:

إنا سنحترف الفجيعة بعدما

سدل الزمان ستاره من بعده

وأراقت المقل المدامع·· إنها

تبكي·· وقد فُجع الجميع بفقده

فلقد أحب الشعب طيب خصاله

وأطاعه الحلم الجميل بورده

أبشره·· فإنك يا أمير حكاية

في كل وجدان يشفّ بحمده

وبأن سيرتك الكريمة رحلة

تترى·· ونبراس نتوق لسرده

 

  

     

     

طباعة  

وتد
 
قصة
 
إصدار
 
المرصد الثقافي