رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 16 محرم 1427هـ - 15 فبراير 2006
العدد 1715

وقف تمويل مشاريعنا في العراق خطأ إستراتيجي قد يُخسرنا الحرب

                                                     

 

·         مساعداتنا للعراق ليست خيرية بل جزء أساسي في الحرب على الإرهاب

·         خلق فرص عمل للشباب  العراقي يبعدهم عن التمرد

·         50% من العراقيين لا يرون أثرا  للجهود الأمريكية على البنية التحتية

 

بقلم: مايكل أوهانلن*

تفيد أحدث تقاريرالأنباء أن إدارة بوش لن تطلب من الكونغرس المزيد من المساعدات الخارجية للعراق في ميزانيتها المقبلة· وإذا كان ذلك صحيحا، فسوف يكون خطأ استراتيجيا كبيرا· فالبنية التحتية للعراق لا تزال في منتصف الطريق ومعظم المواطنين يعانون من البطالة، وقطع المساعدات سيكون مفاجئا على نحو خاص من رئيس بنى سياسته في العراق على الالتزام الراسخ في الاستمرار بنهجه حتى إنجاز المهمة· والاقتصاد يشكل عنصرا حيويا لنجاح أية استراتيجية في العراق·

ولابد من التذكير بأننا أغدقنا مبالغ هائلة من المال في العراق منذ عام 2003· ومن بين الواحد والعشرين مليار دولار التي خصصها الكونغرس للعراق منذ الغزو، هناك ثمانية مليارات لم تُصرف بعد· لكن الاحتياجات الأمنية استنفدت أكثر من ثلاثة مليارات دولار من إجمالي المبالغ التي كانت مخصصة لمشاريع أخرى، فقد انخفضت الأموال المخصصة لتمويل الكهرباء بمعدل 1,3 مليار دولار حتى في وقت يكافح عمال الكهرباء لإعادتها الى المعدلات التي كانت عليها في عهد صدام· وحدث تقليص كبير في الأموال المخصصة لمشاريع المياه والصرف الصحي من 4 مليارات دولار الى ملياري دولار فقط، على الرغم من أن نصف السكان لا يتمتعون بهذه الخدمات على نحو مقبول·

وقد يجادل البعض أن الولايات المتحدة لم تقصّر في

التزاماتها بالنظر الى أنها تنفق خمسة مليارات دولار شهريا منذ عام 2003· والنفط العراقي يشكل مصدرا مهما من العائدات التي ساعدت في نمو الاقتصاد الوطني بنسبة 50 في المئة تقريبا، خلال السنوات الثلاث الماضية - وهذا تطور حيّ· إن النظر الى مستويات المساعدات وحدها يعني أن الواحد والعشرين مليار دولار التي التزمت الولايات المتحدة بتقديمها للعراق تعتبر جيدة بالمقارنة مع خطة مارشال (من حيث نصيب الفرد في الحالتين) الأمريكية لإعمار أوروبا الغربية بعد الحرب العالمية الثانية، كما أنها تفوق بكثير ما قدمته أي دولة أو مجموعة دول أخرى للعراق من مساعدات حقيقية وليس كقروض·

 

3 حقائق

 

ولكن البحث لايدور حول سخاء الولايات تجاه العراق، بل الأمر يتعلق بسلامة وأمن جنودنا، وآفاق نجاحنا الاستراتيجي في حملتنا الحاسمة لمحاربة التمرد وبناء الأمة·

وهنا ثلاث حقائق رئيسية ذات صلة قصوى بذلك· أولا، في حين هناك ما يكفي من المبررات للتفاؤل، إلاّ أن اقتصاد العراق ببساطة، ليس في حالة جيّدة· فهو يعتمد بشكل هائل على النفط الذي يُسهم بـ 95 في المئة من عوائد الصادرات· وبالإضافة الى ذلك، فإن معظم التعافي الاقتصادي منذ الغزو، لم يفعل أكثر من استعادة المستويات التي كانت سائدة في عام 2002 لإجمالي الناتج المحلي، وهو مستوى متواضع من التقدم بالنظر الى حقيقة أن العراق كان يخضع للعقوبات الدولية طوال عقد كامل·

ثانيا، إن الإخفاقات على الصعيد الاقتصادي تؤدي الى تفاقم مشاعر الاستياء وبالتالي، التأييد للمتمردين في أوساط الشعب العراقي· وفي الوقت الذي تم فيه إحراز ملموس في بعض جوانب الحياة كالاتصالات الهاتفية وخدمات الإنترنت وتوفر السيارات وارتفاع عدد الطلبة في المدارس والجامعات، إلاّ أنه كان بطيئا في مجالات المياه والصرف الصحي، كما أن هناك شعوراً بالمرارة تجاه خدمات الكهرباء، وفي حين تصل نسبة البطالة الى 35في المئة، وقد تكون أعلى من ذلك بكثير في المناطق السنية، وهي النسبة التي تضرب فئة الشباب أكثر من غيرهم، بحيث يمثلون آذاناً صاغية (وجيوباً خاوية) لمن يسعون الى تجنيدهم لصالح المتمردين·

ثالثا، بالرغم من كل إحباطاتنا من محاولات تحسين الأوضاع، إلاّ أن المزيد من المساعدات يمكن أن يغيّر الكثير، فقد اعترف الرئيس بوش مؤخراً أن جهود الولايات المتحدة الأولية لإصلاح الاقتصاد العراقي ركزت كثيرا على مشاريع البنية التحتية الكبرى، وقد كان محقا في ذلك، وقد تحقق تحسن على هذا الصعيد منذ ذلك الحين، ونتيجة لذلك، بُني المزيد من المدارس وأعيد فتح المزيد من العيادات الطبية، وبدأت خدمات المياه والصرف الصحي بالتحسن تدريجيا، وعادت قنوات الري للعمل بمعدلات ما قبل الحرب، كما أن 90 في المئة من احتياجات الوقود المنزلي من أجل الطبخ والتدفئة يتم تلبيتها الآن·

 

استشهادات انتقائية

 

ولكن بدلا من الشعور بالرضا بشأن التقدم الذي ثم احرازه حتى الآن، أو الاستشهاد الانتقائي بالتقدم الذي تم إحرازه في مدن مثل النجف والموصل، كما فعل الرئيس بوش الشهر الماضي، نحن بحاجة الى إعادة تأكيد التزامنا بالقيام بما لم يتسن لنا القيام به حتى الآن، وعلى الرغم من استطلاعات الرأي التي تُظهر تفاؤل العراقيين بشأن المستقبل بنسبة 50-70 في المئة، لا تزال هناك أعداد ضخمة من المواطنين ممن لا يبدون ارتياحا لما جلبه لهم تحرير العراق، وخاصة في المناطق السنية· وهم يعتقدون أن الحياة أصبحت أسوأ الآن من ذي قبل، ويتوقعون لها أن تظل كذلك· وبالإضافة الى ذلك، لا يزال هناك عدد كبير من العراقيين ممن لا تعجبهم الجهود التي نقوم بها هناك، فوفقا لوثائق زودنا بها الجنرال وليام ماكوبي من سلاح الهندسة في الجيش الأمريكي، فإن زهاء 50 في المئة من العراقيين لم يلمسوا مباشرة، تأثير الجهود الأميركية على البنية التحتية·

وفضلا عن التمويل الكامل للخطط الحالية للبنية التحتية والرعاية الصحية، يتعين على واشنطن أن تعمل مع الحكومة العراقية لتطوير برنامج كبير لخلق فرص العمل، وقد قام قادة القوات الأمريكية بجهود معينة على هذا الصعيد، لكن هذه الجهود لم تكن منظمة وكان ينقصها التمويل· وما نحتاج إليه هو التزام أمريكي بأن نوفر لكل مواطن عراقي شريف·

ولكن برنامجا لخلق الوظائف يهدف بدرجة رئيسية الى وضع المال في جيوب الناس خلال السنوات القليلة المقبلة ذات الأهمية الحاسمة، قد لا يعجب إدارة بوش المخلصة لمبادىء السوق الحرة، كما أن مثل هذا المشروع لن يوفر للديمقراطيين والجمهوريين في الكونغرس المادة التي يزفونها لجمهور ناخبيهم أثناء  الحملة الانتخابية لانتخابات الكونغرس النصفية خلال الصيف والخريف المقبلين، ولكن مثل هذه المبادرة يجب ألاّ تصوّر على أنها إحسان على العراقيين فأهدافها واضحة وبسيطة وهي تقليص عدد العراقيين الراغبين بإلقاء القنابل اليدوية على قواتنا وقوات الشرطة العراقية أو زرع العبوات الناسفة في طريقها، أو تقديم المساعدة والتأييد للتمرد· بكلمات أخرى، الهدف هو كسب الحرب التي لم نتمكن من كسبها حتى الآن، ولكن يجب أن نكسبها·

 

"عن: واشنطن بوست"

* (كبير الباحثين في معهد بروكنغز)

طباعة  

تحليل سياسي
تدمير إسرائيل يمكن أن يتحول الى صيغة إيجابية
تفكيك النظام العنصري الإسرائيلي وإقامة دولة فلسطين الديمقراطية لكل سكانها

 
حتى لا يسموا أحداث الشرق الأوسط بأسمائها
ضغوط هائلة على الصحافيين الأمريكيين من صحفهم ومن حكومتهم!