رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 26 أبريل 2006
العدد 1725

في أمسية أقامتها الصفحة الثقافية بـ "الطليعة" بالتعاون مع "الأدباء"
محمد النبهان عاد.. ليبحث عن وجهه وينشد حنينه للمكان الأول

                                                    

 

كتب المحرر الثقافي:

نظمت الصفحة الثقافية بـ"الطليعة" بالتعاون والتنسيق مع رابطة الأدباء أمسية شعرية للشاعر محمد جابر النبهان مساء السبت الماضي حضرها العديد من متابعي الأنشطة الثقافية، وقدمه فيها الزميل نشمي مهنا·

وقد جاء في التقديم موجز عن علاقة الشاعر النبهان بالغربة وتأثر كتاباته بذلك، إضافة الى مقاطع قصيرة من قراءات قيلت في تجربة الشاعر، ومحطات من سيرته الشخصية·

 

ظل الغياب

 

ألقى الشاعر النبهان مجموعة من قصائد قديمة وأخرى جديدة غير منشورة، ومن القديم قرأ "أينما جرف النهر ظلّ الغياب" حيث أمل العودة القريبة الذي يحييه الشاعر في مساءاته:

حيثما جرف النهر ظلّ النخيل

انتظرت عسى سعفة آتيه·

كي أواريك ظلاً

يجوع لشمس تحكّ الجليد

انتظرت على طرف الساقيه·

المساء تنفّس معراج روحي

سافر فيّ الى مدن الملح والصيف

طفلاً سيحزم أسراره البالية·

وينتقل النبهان الى محطة غربة أخرى، ليجدها مثل سابقتها "رحيل بلا فائدة" (وهو نص مهدى إلى أحد أصدقائه: نزار قيسية)·

وحيداً هنالك

حين استعرتَ بقايا من الحدْسِ

كي لا تضيع هباءً لياليك في جثة الصمتِ

أو غربة باردة

·· وحيداً، وحيداً

ترتّب أشلاءك الآن

كيما تعود غريباً لأرضِ نستْك

كأن السنين المضت في المنافي

رحيل بلا فائدة·

وتظل مفردة الغربة تتردد في لغة الشاعر، أو تتنوع إلى "الغياب، الرجوع، الرحيل، الحدود، المسافة، وجه الغريب، البريد··" لكنها تعود الى معناها الوحيد الدال على رسوخ الألم وضياع الأمل·

في لياليه البعيدة والباردة تذهب بالشاعر هواجس مخيفة ترسم له العتمة في آخر النفق، وتتوعده بنهايات رحلة سيزيف، بل تؤرقه بتوارث هذا الحمل:

كأني··

كأنّ البلاد البعيدة

ترمّم أيامها فوق وجهي

وتحصي الغياب

كأني أعودْ··

كبيراً

على كتف ابني اتّكأتُ

لأمشي خطى والدي من جديدْ·

وأرثي القصيدة

هاجس تراءى للشاعر في "رجوع··" وكذلك وإن بصور أخرى في "جدارية مدينة هاربة" و"تشابه"·

 

من سفر اليوسفين

 

ومن نصوصه الجديدة ألقى النبهان مقاطع من نصه الطويل "سفْر يوسف" موظفا معاني قرآنية تناسب الحالة الشعورية التي يعيشها في قصته ورؤيا حياته القادمة:

لا تقصصْ رؤياكَ·· أو ارحلْ!

صمتك سفن للريح وكلب الميناءْ

يشتمّ براءتك البيضاء

ويعرف··

أن كواكب بلهاء تزورك كل مساء

وتصلي تحت نوافذك العشر،

ونافذة للبحر مشرّعة··

وفي "ذاكرة الماء والطين" من "سفر يوسف" يدير النبهان حواراً مع الذات المشطورة بين جهتين، وجهه البعيد الذي لا يعرفه هناك، ووجه آخر، جسد يفرّ منه وجسد ثان يتلمسه كبيت لروحه القلقة:

ولي قمرٌ هنا في ذمّة السفر احتفلتُ بلا صديق، بالنهايات التي لا تنتهي·· لي أوّلُ الصحراء، لي قدم السّدى، ما يسرق العصفور من عطشين، لي موتٌ يؤجّلني الى موتٍ ولي من إخوتي ما يخطىءُ الذئب الفريسة·· لي مساؤهم الأخير سوى عشاءٍ فاسدٍ وكرمٍ يخونْ··

ويسترسل الشاعر في قراءته مقاطع من سيرته وصفحات من "سفره" بموسيقى تفعيلته الموحية بالشجن والقادرة على حمل الصور المتنوعة والغنية والمتزاحمة:

المدى،

في هدأة الطينيّ متكىءٌُ على ظلين يحتشدان

في ليل الغريب· سبقت ظليّ هارباً

من أمسكَ الضجريّ

من شمس الظهيرة

من مساء خافت الأنفاس

من ناس الخراب

من القبائل تستبيح دمي

وتقدّ من دُبر قميص الروح،

متشحاً رحيلي، جئتُ من سفر الى سفر

أطلّ على غيابكَ شاهداً فرداً

وأحبس صوتي المرَّ اتقاءَ خيانةٍ أخرى

ويرتفع الصدى

إشارات كثيرة يستعيرها الشاعر من القصص القرآنية (قصة يوسف وإخوته) لسيرته الشخصية حيث التشابه في غربة الروح والرحيل والوحشة والبغضاء والبراءات وإغواء الشهوة الكامنة وراء أبواب الليل:

قلن امرأة تغويك

ملأن ثلاثة أرباع الشهوة سكيناً يترصدني خلف الأبواب/على درج الليل/وراء القمة/خلف ستائر موت أعمى/في برج حمام الصبح··

وأعدَدْنَ الحفلةَ، والسكين الغائر في خاصرة الفجر·

أدرن الكأسَ وقُلْن اخرج!!

 

تأخر الموت

 

وفي نص "في الحادي والحربين" يروي النبهان محطات من عمره، وهو في هذا النص يختار لغة أخرى للسرد من خارج قاموسه، وصوراً مختلفة تخلق المشهد وتؤلفه أكثر من أن تصفه، مثل "في العام الحادي والتسعين، وقفتُ على طرف الموت ثلاثا / لكنّ الموت تأخر·· / فاعتدت الوحدة"، وأنسنته للموت في قوله "كان مسدسه في رأسي"·

وفي نصه المهدى الى الشاعر الشاب محمد المغربي "آخر السطر ابتداء" يرى النبهان أن التشابه في "الصرخة"، هو نفَس شعري متصل بين الاثنين، بإمكان أي منهما أن يكمل الآخر:

··فكأنّ طريقا يأخذني منتصف السطر لألمس حزنك، ينزعج الشارعُ والشرّاعُ، ويصرخ فيّ حداثيو الشعر/ وجزارو اللغة/المُفتون باسم التاريخ/سلاطين التخمة/ ورثة ابن الفراهيدي/ وزارة إعدام الشعب/ النسّاك/ الحكام/ المحكومون/ القواد/ الحيطان·· ونُكمل·· تتبدّل كل الألوان الصفراء، الحمراء، الخضراء، ثلاثا·· ليس سوى صرخات الناس وأبواق السيارات، أحنّ لأول مقهى، وجه امرأة يلتفّ بزندك، أعرفها من قسمات الحزن الشفّآف، وتعرفني من قلق الكلمات، فإن تُكمل عني: لا تبدأ من أوّل سطرٍ··

كما ألقى النبهان قصيدة "تحب التي هي وهمٌ"، وختم الأمسية بقصيدة "في الزحام·· ولا أحد" وهي تضم نصوصا شعرية قصيرة ومكثفة·

طباعة  

باريس تحتضن المؤتمر الأول لشعراء العالم في غضون 2007 والدورة الثانية في دولة عربية
أكثر من 150 شاعرا عربيا في أمريكا اللاتينية ومعرض تونس الدولي للكتاب يحتفي بالحدث

 
وتد
 
هذا المساء
 
المرصد الثقافي
 
اللوبي الأمريكي المؤيد لإسرائيل يمنع الأمريكيين من سماع صوت راكيل كوري(2-3)
مسرحية أكثر سخونة من أن تطيقها نيويورك