بلا.. رشاد!
نشمي مهنا
كتب رشاد أبو شاور يقول: "لوكنت إيرانيا فارسياً قحاً لفرحت أيما فرح بأن رئيس بلدي هو أحمدي نجاد، الرئيس الذي رضع من ثدي أمه - يحيى البز اللي رضعك! - فهو جدع، لا يخاف··"
لغة عنترية فارغة يكتبها مثقف عربي اعتاد على رسم عوالم روائية ركيكة، أخطر ما فيها الإصرار على "الخرف الفكري" الذي ما زال يواصل مثقفونا العرب التمرغ في نعيمه·
ليست كلمات عابرة فقط، فالكلمة تشط أحيانا وتستقيم في أخرى، لكنها الفكرة التي في شططها وتماديها الأعمى دلالة على مرض لا يشفى، وخرف مقيم في الخلايا·
لكأن مثقفينا العرب لم يكتفوا بالكوارث العراقية وما آلت إليه الأحلام التي نفخوها في عقل طاغية بغداد!
النار المشتعلة في العراق لا تهمهم، والنارالتي قد تلتهب على أرض إيران والمنطقة لن تعنيهم!
يقول أبو شاور في مقاله: "لو كنت إيرانياً واللغة الفارسية لغتي الأولى - ليس كالعرب، والأكراد، والتركمان، وغيرهم من رعايا الدولة الإيرانية بقومياتها المتعددة - وسمعت الرئيس أحمدي نجاد وهو يعلن للعالم امتلاك إيران القدرة على تخصيب اليورانيوم، لطرتُ من الفرح! فأن تنتمي لدولة باتت قاب قوس من امتلاك السلاح النووي، حتى لو كنت فقيراً، وبلا عمل، فإنك ستشعر بأنك مواطن في بلد لن يستطيع أي طرف في هذا العالم الاعتداء عليه"· هكذا يصفق روائي فلسطيني للخراب، بدل أن ينتصر لحريات الإنسان المهدورة ومطالب العيش الكريم وأولويات الشعوب وحياة السلم·
يحلم أحلاما مدمرة، ويضع نفسه في المكان الخطأ، ويستثني قوميات، ويبني تمنياته على فكر متهالك، كل ذلك بحماس وجرأة لا نظير لهما·
فمن أباح له استثناء العرب هناك والأكراد والتركمان من إيرانيتهم؟! ومن وكّله بالنطق عن أحلام الفقراء وتزويرها بالقول من أن "النووي" أهم وأولى من لقمة العيش الكريمة·
ضمنيا، كان يقر بحالة الفقر وبضياع فرص العمل في إيران، لكن ذلك جانبا - أيضا - لا يعنيه!
* * *
إذن، بماذا يعنى مثقفنا العربي نافخ الحرائق، العائد من رحلة الخيبات الكثيرة والطويلة، المجرب الوهم وبطولاته، المنكوب منه والمنتكس فيه، والمزور أسماء هزائمه، الخجل من أجيال المستقبل، إن لم يعنى "بالإنسان أولا"، وبحقيقة أن صوته لا بد أن يعلو على أصوات المعارك!
* * *
لا ينقص إيران مثقفاً عربياً مهزوماً يريد أن يتعلم الفارسية في سبعة أيام ليقدم خدماته الكتابية في مدائح الحروب!
* * *
ماذا لو اخترعنا مسمى لنظرية جديدة، على صيغ نظريات البنيوية والفوضوية والتكعيبية، وقلنا: "الجحشوية" الفكرية!·
nashmi22@hotmail.com