رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 17 مايو 2006
العدد 1728

د. مصيلحي يمتعنا رغم غيابه

  

 

بقلم: سعداء الدعاس

القاهرة - خاص "الطليعة"

ضمن إطار أنشطة الموسم الثقافي قدم المجلس الأعلى للثقافة في التاسع من إبريل الجاري بدار الأوبرا في القاهرة، قراءة لمسرحية "الأميرة والغجر" للأستاذ الراحل د· محسن مصيلحي أحد أهم شهداء المسرح الذين  راحوا ضحية حادثة حريق مسرح بني سويف الشهيرة في الخامس من سبتمبر الماضي، جاءت هذه القراءة التي لم يعتد عليها المجلس الأعلى في أنشطته بتفعيل من المخرج عاصم نجاتي والاستاذ ناصر عبد المنعم والكاتب المعروف محفوظ عبدالرحمن فكانت لمسة وفاء رائعة لروح الكاتب الراحل، عبرت عن رغبة القائمين عليها بتقديم نوع من الاحتفاء بأحد شهداء المسرح الذين تركوا في نفوس طلبتهم وزملائهم الأثر الكبير، خاصة أن فكرة قراءة المسرحية من السهل تنفيذها إذا ما قورنت بطموحات عديدة ظلت محجوزة خلف المكاتب باحثة عمن يتبناها من المؤسسات الفكرية والحكومية التي لم تقدم ما يرقى لأوراح جميع الشهداء، فلم يتم إلى الأن إقامة حفل تأبيني "رسمي" يتناسب والفاجعة التي سلبت المسرح المصري العديد من كتابه ونقاده وعشاقه ومريديه·

ويبدو أن الحفل التأبيني الذي أقامه المركز الثقافي الفرنسي كأول المتفاعلين مع الحادث، شجع مركز الهناجر للفنون لإقامة حفل تأبيني بعده بأيام محاولاً تقديم دليل وحيد للأسف، على أن المسرح المصري لم ينس أبناءه على الإطلاق ومن الجدير بالذكر أن من قام على مجريات حفل الهناجر الأستاذ عاصم نجاتي ذاته بمساعدة العديد من المملثين الموهوبين من بينهم زوجته الأستاذة أماني المعيدة في المعهد العالي للفنون المسرحية وبمباركة كبيرة من د· هدى وصفي القائمة على المركز·

إلا أن حفل الهناجر لم يخل من الانتقادات التي واجهها نجاتي يومها بسبب عرضه لمشاهد قاسية من المحرقة، صورت العديد من الضحايا وهم يصرخون محاولين تفادي النيران التي التصقت بأجسادهم، فلم يكن عرض هذه المشاهد سهلا علينا نحن الطلبة المفجوعين بآساتذتنا وزملائنا، فما بال أهالي الشهداء الذين انفعلوا محتجين خاصة بعد هستيريا البكاء التي أصابت الكثيرين، من أبرزهم بنات الراحل د· صالح سعد·

واليوم بعد مرور أكثر من ستة شهور على حفل التأبين ذاك الذي ختمه نجاتي بالاعتذار ومحاولة تبريره لموقف لم يكن مقصوداً بالطبع اليوم يسهل علينا أن نعرف إلى أي مدى كان نجاتي لا يقصد ذلك الاستفزاز بقدر ما قصد عرض الواقع كما هو، بدليل أنه من القلائل الذين ما زالوا إلى الآن يفكرون بمن رحلوا، وما هذه القراءة إلا خطوة أولى نحو تقديم مسرحية د· محسن مصيلحي "الأميرة والغجر" على خشبة المسرح قريباً·

وهذا لا يعني أننا نستطيع تجاهل العديد من المحاولات الجادة في هذا الإطار الإنساني الجميل، من أبرزها القاعة التي سميت باسم الراحل في الأكاديمية، والعرض الذي قدم أحد نصوصه الدكتور مصيلحي ضمن مشاريع تخرج طلبة التمثيل في الإسكندرية بقيادة الأستاذ بقسم التمثيل والإخراج في المعهد العالي للفنون المسرحية د· سامي عبدالحليم والمشرف على المعهد فرع الإسكندرية·

هذا إضافة لاصدارات الأكاديمية بأقلام بعض الشهداء أنفسهم، والعديد من المقالات في حق بعضهم الآخر، أبرزها ما قدمه طلبة كلية الآداب في جامعة القاهرة من شهادات ومقالات جمعت في كتاب حمل صورة د· حازم شحاتة على غلافه كما قدم أبناء السويس عرضا بعنوان "المحرقة" أثار العديد من ردود الأفعال وقتها·

لمسات الوفاء هذه تعبر عن المعدن الأصيل لهؤلاء، وتضفي لحظات من الارتياح لأهالي الشهداء  الذين ما زالوا يؤازرون بعضهم البعض بروح جميلة خلفها الراحلون أنفسهم فمن المؤثر أن غالبية حضور يوم القراءة هذا من أهالي شهداء الحادث الأليم، أقرباء كل من الراحلين: د· حازم شحاتة، نزار سمك، وبهائي، الذين تحلقوا حول بعضهم البعض في نهاية القراءة، متبادلين همومهم المتشابهة بروح جميلة رغم الانكسار الواضح على ملامحهم المنهكة·

أما أبرز الحضور فكانت السيدة زينب عباس زوجة الراحل د· محسن مصيلحي التي حضرت برفقة شقيقها ممسكة بالنص الأصلي لمتابعة أحداثه، غير قادرة حتى على التجاوب مع جمله الكوميدية التي جعلت ضيوف القاعة يتفاعلون معه بالضحك والابتسامة التي لم تفارقنا طوال فترة القراءة، رغم أنها ابتسامة من صنع يد رحلت في أكبر فاجعة يعيشها المسرح المصري، وهنا المفارقة أن يتسبب أحد اؤلئك الشهداء بابتسامتك في مناسبة جمعت الكثير من المفجوعين وهم مغلفون بالسواد، بعيون لا تشك للحظة انها ما  زالت إلى الآن تبكي الذي راح·

وبهذه الكوميديا التي أصبحت سوداء رغم أن كاتبها لم يعن بها ذلك، يكون لنص "الأميرة والغجر" خصوصية يستمدها من ظروف تقديمه كونه أول ما نطلع عليه للراحل د· مصيلحي بعد وفاته المؤلمة·

دشنت القراءة بكلمات مؤثرة عن الكاتب الراحل، جاءت على لسان القائمين على هذا النشاط الذي لم يحظ بحضور يتناسب والشعارات المهدورة على أرواح الشهداء، في حين برر البعض عدم كثافة الحضور بالقصور في الدعاية عن النشاط الذي لم يتم الإعلان عنه إلا في صحيفة واحدة· بينما تناسى القائمون على القراءة الإعلان في أورقة المعهد العالي للفنون المسرحية، المكان الوحيد الذي يستحق الإعلان فيه للذكرى التي خلفها الراحل بين قاعاته كأستاذ  في قسم النقد والأدب المسرحي، ورئيس لقسم الترجمة في الأكاديمية، ما يؤكد على احتمال حضور العديد من طلبة وزملاء د· مصيلحي لو أنهم علموا بذلك·

بقي أن نتعرف على الأبطال الحقيقيين لهذه الأمسية التي تحولت بأصواتهم، إلى أمسية ممتعة عبرت عن الروح التي تحلى بها د·مصيلحي الذي لم تكن الابتسامة تفارق محياه، فالنص الذي قام على قكرة تبادل الأدوار التي عرفناها صغاراً في نص "الأمير والفقير" لمارك توين، رسمها د·مصيلحي بين شخوص لا ترتبط بمكان وزمان معين، في حين ترتبط بظروف يعيشها غالبية أبناء الوطن العربي، في ظل القمع والاستبداد الذي تمارسه بعض القوى السياسية في حق شعوبها المنكوبة·

أدى الأدوار كل من عاصم نجاتي، محمد عبد الرشيد، هنادي عبدالخالق وهايدي عبدالخالق، ومصطفى هشام وقد استمتع بالأداء السلس للممثلين الذين تجاوزوا الحس الإذاعي للقراءة بإيقاعهم السريع ونقلاتهم الصوتية المميزة بتونات متغيرة متقنة خاصة في أداء كل من هنادي عبد الخالق التي أدت دور وصيفة الأميرة، ومحمد عبد الرشيد الذي أدى دور ملك الغجر، يذكر أن النص كان باللهجة المصرية مما أضفى بعداً سياساً عليه بعيداً عن المباشرة الفجة·

طباعة  

بعد أن استنفدت فرشاته وزيوته كل مقومات السيريالية(2-2)
الشيباني يعيد صياغة التاريخ والواقع برؤى واقعية حداثية

 
10 أفلام في جهاز السينما
 
سكة الهلالي
 
"دكتوراه بالبطاطس"
 
الإبداع النسائي في نقد الفنون
 
المسرح العربي يكرم عبدالرضا ويصدر كتابا عن النفيسي