رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 17 مايو 2006
العدد 1728

مليون رجل أمن لتأديب الشعب المصري!

                                                    

 

·        اعتقال المئات بعد مواجهات عنيفة مع المتظاهرين

·         ضرب الصحافيين والمصورين ومصادرة آلات التصوير

·      القضاء المصري رهن  الاعتقال الى إشعار آخر!

 

القاهرة - خاص بـ "الطليعة"*:

هل فقد النظام المصري أعصابه، وأطاشت صوابه تظاهرات المعارضة المصرية وجماعات حقوق الإنسان، ونزول قوى من الإخوان المسلمين للمشاركة في الاحتجاج على إحالة مستشارين الى محكمة تأديبية بحجة اتهامهما السلطة التنفيذية بتزوير الانتخابات؟

كان المشهد نهار الخميس الماضي شبيها بلقطات من فيلم لا معقول، يحتشد فيه آلاف من رجال الأمن، وما تسمى قوى مكافحة الشغب لمنع المتظاهرين من الوصول الى دار القضاء العالي، حيث من المقرر إجراء المحاكمة بعد أن تم تأجيلها قبل أسبوعين، وتمتد الأوامر الصادرة وتصل الى منع زملاء القاضيين، المستشار محمود مكي وهشام البسطويسي، من اصطحاب زملائهما القضاة الى قاعة المحاكمة، وتطال الأوامر الاعتداء على الصحافيين والمصورين، وتنتزع الصحافية "عبير العسكري" من مقعد سيارتها وتتعرض للسب والقذف والضرب، وتقاد الى قسم شرطة السيدة زينب، وقد مزقت ملابسها، وتضرب مجددا، وحين تصرخ مستغيثة بالمارة، يبعدهم رجال الأمن بحجة أنها متهمة بجريمة من جرائم "الآداب"! مشهد لا معقول يذكر حرفيا بالأيام الأخيرة التي سبقت اغتيال السادات، حين انقض النظام المصري بضراوة على كل قوى المعارضة المصرية، وملأ السجون بآلاف المعارضين، الفرق كما يبدو هو أن السادات كان يعلن عبر وسائط الإعلام المسموعة والمرئية عن نيته "فرم" المعارضة، بينما يقبع الرئيس حسني مبارك وراء ستار مسرح تحتشد فوقه قوى القمع بمختلف أصنافها، رجال شرطة وأمن وقوات خاصة لفض المظاهرات·

في هذا المشهد تنكشف دعاوى النظام المصري بإصلاح النظام السياسي المصري، أو الاستجابة للحد الأدنى من مطالب الأحزاب والجموع الشعبية الغفيرة بسياسات اقتصادية إصلاحية، عن وعود لا تتحقق· بل وازداد ازدراء النظام لكل قوى المعارضة بالانقضاض على الجسم القضائي المصري، ومنعه من ممارسة صلاحياته التي نص عليها الدستور، وهي كما قال الناطق باسم نادي القضاة تتلخص في أمرين: الأول إصدار قانون القضاء الذي يرفع يد السلطة التنفيذية عن الجسم القضائي، والثاني حق الإشراف على الانتخابات·

وتمثل المحاكمة التأديبية للمستشارين مكي والبسطويسي، مثالا صارخ الوضوح على اعتداء لم يسبق له مثيل في تاريخ مصر منذ أيام الفراعنة، على حد تعبير أحد المعلقين الذي استغرب من حشد مليون رجل أمن للقمع فقط·

المستشاران المعنيان وسط هذا العنف ضد المتظاهرين وضد زملائهما، رفضا حضور جلسة المحاكمة المقررة، وقال د· مكي، إن قوات الأمن منعت دخولهما مع أعضاء مجلس إدارة نادي القضاة وعدد من رجال القضاء جاؤا من جميع أنحاء مصر، وسمحت بدخول 7 فقط، وأمام هذا، رفضا الدخول من دون صحبة زملائهما لأن من حقهما أن يصطحبا من يعن لهما للدفاع عنهما، ولا يجوز تقييد هذا الحق، وطالب البسطويسي، الذي قال إنهما لن يحضرا الجلسة القادمة، بتوفير ضمانات بمحاكمة عادلة، والإفراج عن كل من قبض عليهم بتهمة مساندة القضاة، وإلا ستصبح المحاكمة مجرد مسرحية، وأنهما لن يشاركا في هكذا مهزلة·

بلغ عدد المعتقلين حسب تصريحات مصادر القمع والأمن أكثر من 250 متظاهرا، ووجهت إليهم جميعا اتهامات بإهانة الرئيس مبارك، وتخريب الممتلكات العامة، وإعاقة حركة المرور في الشوارع، وهي اتهامات مماثلة ومكرورة اعتاد النظام المصري توجيهها لكل القوى المعارضة، وكان السادات قد وضع قانونا يدعى "قانون العيب" يمنع كل نقد يوجه الى رئيس الدولة أو أي مسؤول فيها·

اللافت للنظر، وما يثير الذهن تماثل سلوك النظام المصري الحالي وسلوكه في أيام السادات الأخيرة·

 وعبرت الحكومة الأمريكية بلسان المتحدث باسم الخارجية الأمريكية عبرت عن قلقها من هذه الأحداث، مثل القبض على المتظاهرين والضغط على القضاء في مصر، واستقلالية الصحافة المصرية، والأجنبية على حد سواء، واعتقال متظاهرين حاولوا ممارسة حقهم بطريقة سلمية، وذكر أن السفارة الأمريكية في القاهرة تحركت واتصلت بالحكومة المصرية، فهل سنشهد في الأيام القادمة حملات إعلامية غربية على نظام مبارك مثلما شهدنا في أيام أكتوبر من العام 1981؟ أو بصورة أوضح، هل هناك خشية أمريكية من اتساع حركة المعارضة بفعل انسداد الطريق أمام أي إصلاح جدي للنظام، وبفعل فقدان النظام لصوابه، وبالتالي حدوث انفجار شعبي يقلب الكثير من الحسابات!

* الصور من موقع  www.bbcarabic.com

 

 

طباعة  

خطة تقسيم القدس في الطريق
 
الرواية الأردنية ورقة في ملف تشويه النضال الفلسطيني وتشديد الحصار على شعب جائع