رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 17 مايو 2006
العدد 1728

الرواية الأردنية ورقة في ملف تشويه النضال الفلسطيني وتشديد الحصار على شعب جائع

عمان - خاص بـ "الطليعة":

احتلت اتهامات الحكومة الأردنية لحركة "حماس" الفلسطينية بتجنيد أردنيين لتخزين أسلحة في الأردن، ومراقبة مسؤولين أردنيين، والتخطيط لعمليات إرهابية في الأردن، جانبا من المشهد الفلسطيني كاد يطغى على الكثير من تفاصيله· فقد تزامنت هذه الاتهامات مع رفض الحكومة الأردنية استقبال وزير الخارجية الفلسطيني محمود الزهار خلال جولته لضمان دعم مالي عربي لحكومته المحاصرة - أو جاءت في توقيت يضعها موضع المبرر لرفض الاستقبال· في الأسبوع الماضي صعدت الحكومة الأردنية من اتهاماتها، وجاءت الى شاشة التلفاز الأردني بأشخاص قالت إنهم ممن جندتهم "حماس"·

 وحسب ما رواه هؤلاء، فإن جميعهم كلفوا من قبل أشخاص من "حماس" في سورية "بشراء أسلحة" و"تخزينها"، و"مراقبة مسؤولين أردنيين"، و"رصد حركة السواح في ميناء العقبة وسيناء"·

من جانبها، ومنذ البداية، رفضت حركة "حماس" والحكومة الفلسطينية هذه الاتهامات، وقال الناطق الرسمي باسم الحركة في غزة سامي أبو زهري، إن "الرواية الأردنية ملفقة"، لأن "حماس" لا تعتمد سياسة من نوع القيام بعمليات في أي دولة عربية، ولم يسبق لها أن خططت لأعمال من هذا النوع·

ونفى رئيس الوزراء الفلسطيني إسماعيل هنية أن تكون لحركة "حماس" علاقة في ما تقول الحكومة الأردنية إنه محاولة للقيام بعمليات داخل الأردن، ومن بيروت علق "أسامة حمدان" ممثل الحركة في لبنان، على مابثه التلفاز الأردني من ما سماه "اعترافات" أعضاء جندتهم "حماس"، بالقول إن "أي مخرج سينمائي مبتدئ يمكن أن يخرج مثل هذا الفيلم" ونفى نفيا قاطعا أن يكون لحركة "حماس" علاقة بهذا الموضوع·

ومن جانب آخر صرح أحد قادة الإخوان المسلمين الأردنيين بأن مازعمته الحكومة الأردنية هو تلفيق هدفه حصار الحركة الاسلامية، وطالب الحكومة بطي هذا الملف المفتعل·

المثير للانتباه في كل هذه الرواية المفاجئة التي خرجت بها الحكومة الأردنية على شاشة التلفاز، أنها تزامنت أيضا مع امتناع البنوك الأردنية التي لها فروع في داخل فلسطين المحتلة عن تحويل الأموال العربية التي وفرتها الجامعة العربية الى الحكومة الفلسطينية في الداخل، وبالطبع لم يغفل أي معلق صحافي أيضا، أن الرواية الأردنية تترافق أيضا مع مخطط ثلاثي إقليمي، ضلعه الأول إسرائيل والثاني مصر والثالث الأردن، فلم يعد خافيا أن تحذيرات إسرائيلية - أمريكية مشتركة وصلت إلى هاتين الدولتين من تحويل أي مساعدات الى السلطة الفلسطينية، أو حتى تقديم دعم سياسي لها·

إذن خلفية هذه الرواية الأردنية، التي ينبع ضعف إخراجها الأساسي من انعدام منطقيتها، بالنسبة لحكومة فلسطينية محاصرة من كل جانب، ومن عدم وجود مثل هذا النهج، نهج استهداف عواصم عربية في سلوك وفكر حركة "حماس"، تقع في التحرك الأوسع لزيادة الضغط على الحكومة الفلسطينية التي شكلتها "حماس"، وهناك جانب يبدو أكثر أهمية في تفكير وسلوك نظام مثل النظام الأردني لا يخفي دعمه للمحتلين الإسرائيليين عبر اتفاقية وادي عربة وما تمخض عنها من ضرب للمقاطعة العربية، وفتح للسوق الأردني للبضائع والمشروعات الإسرائيلية، وفرض حراسة مشددة على الحدود مع فلسطين، وقمع أي تحرك للتضامن مع الشعب الفلسطيني في الأردن، هذا الجانب هو تشويه صورة الحكومة الفلسطينية في الأوساط الأردنية، وافتعال معركة معها تجعل أي تضامن مع الشعب الفلسطيني وحكومته عملا يمس الأمن الأردني·

بالإضافة الى هذا يلاحظ على الرواية الأردنية التي تحدثت عن "صواريخ" مصنوعة في إيران، وعن صاروخ من نوع "لاو"، ومخططات لمراقبة سواح العقبة وسيناء، استكمالا لصورة بدأت عدة جهات عربية تضيف إليها تفصيلا من هنا وهناك، وأبرزها بالطبع كانت إشارات العاهل الأردني الى "خطر الهلال الشيعي"، التي ترافقت مع حملات تحريض طائفية ما زالت تفعل فعلها في الأوساط الأردنية ضد "الشيعة" و"إيران" و"سورية" بالتزامن مع تلميحات إلى علاقات "حماس" بإيران وتنسجم هذه الإشارات مع خط دعائي بدأ يثار في وجه "حماس" في الداخل الفلسطيني، ونقد محاولات البحث عن دعم مالي وسياسي في الوسط العربي والإسلامي·

ولعل إشارة الرواية الأردنية المتلفزة الى "تكليف الذين جندتهم "حماس" بمراقبة العقبة وسيناء، جاءت مصممة لتنسجم مع البوادر الأولى التي ظهرت بعد تفجيرات "دهب" في سيناء، وتوجيه أصابع الاتهام الى "أشخاص" قد يكونون دخلوا فلسطين المحتلة، ولن تبقى سوى خطوة واحدة، بعد هذه النتف والتفاصيل التي تعمل عليها كما يبدو مخابرات مصرية وأردنية وإسرائيلية سوية، للوصول الى إطلاق تهمة "الإرهاب" على حركة "حماس"، وإلصاقها بما يسمى "القاعدة" وبقية الأسماء الرائجة·

طباعة  

مليون رجل أمن لتأديب الشعب المصري!
 
خطة تقسيم القدس في الطريق