رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 17 مايو 2006
العدد 1728

محاضرة

محاضرة طاهر وحلاوة في رابطة الأدباء

وصفة لعلاج معاناة الكتابة.. من قال إن الأديب يحتاجها!!

 

                                                     

 

كتب المحرر الثقافي:

أقامت رابطة الأدباء محاضرة بعنوان "معاناة الأدباء النفسية·· أسبابها وعلاجها" مساء الأربعاء الماضي حاضر فيها د· حسين طاهر ود· محمد حلاوة وقدمهما فيها الباحث د· عادل العبدالمغني·

ومما جاء في تقديم العبدالمغني قوله: "يشعر المبدعون في كثير من الأحيان بالصراع مع الذات سواء نتيجة لمؤثرات خارجية أو غيرها مثل محاربة بعض فئات المجتمع ورفضهم للأعمال الإبداعية، وتشهد المنتديات والدواوين واللقاءات الخاصة سيلا منهمراً من هذا القبيل"·

وبيّن العبدالمغني أن المحاضرين يقدمان هموم الأدباء لاحتكاكهم المباشر مع شرائح كبيرة من المجتمع وباستطاعتهما تحديد الضغوط المؤثرة على كتابات المبدع·

 

الضغوط النفسية

على الأديب

 

وبدأ د· طاهر حديثه بإنسانية الأديب الذي يحمل أحاسيس خاصة به وبالمجتمع وقال "إن الموهبة الفطرية عند الأديب تتميز بوجود حساسية خاصة في الجهاز العصبي لا سيما في منطقة اللغة والكلام التي تتمركز بشكل أساسي في الفص الصدغي من الدماغ، إضافة الى قدرات التذوق الفني والجمالي في المناطق الدماغية الأخرى، ويمكن لهذه الذائقة أن تكون وراثية، ومن المؤكد أن التدريب له دور كبير في صقل الموهبة الأدبية وتطويرها" وعن الضغوط النفسية التي يتعرض لها الأديب قال طاهر: هي تلك العوامل الخارجية والداخلية الضاغطة على الفرد ككل أو على عضو منه، الأمر الذي يؤدي الى شعور بالتوتر أو اختلال في تكامل شخصيته، وعندما تزداد شدة هذه الضغوط فإن ذلك قد يفقد الفرد قدرته على التوازن ويغير من نمط سلوكه مما هو عليه الى نمط جديد"·

وعن المعاناة قال طاهر: "إن المعاناة هي درجة من التوتر تدفع الإنسان الى أن يسلك سلوكيات سلبية نحو الحادث الضاغط، أو أن الإنسان يعاني من شيء ما أي تعب من شيء ما"·

وقال إن "الأديب المبدع يجد نفسه متفاعلاً ومتأثراً بموضوع معين مما يخلق توترا خاصا يستدعي صياغة الكلمات التي تتمثل في ذهنه أو لسانه أو قلمه، وتلح على الظهور بشكل تلقائي، ومن ثم يمكن للأديب أن يراجع كلماته أو يعدل فيها، وهكذا فإن حالة التوتر الإبداعي وما يرافقها من إبداع تتحكم فيها عوامل لا شعورية بشكل أساسي ويأتي دورالتفكير والمراقبة والوعي مكملاً ومتابعاً وموجها للدفقة اللغوية الشاعرية التي تتضمن في بنيتها مزيجاً من الانفعالات والصور الذهنية والأفكار التي تتفاعل في شخصية الأديب وفي أعصابه وتكوينه وأضاف بأن التوتر الإبداعي هو "حالة من أحوال النفس وفيها متناقضات، أو حالة من الإثارة والحركة وتستدعي الحل والتوازن مما يؤدي إلى تشكيل الكلمات بطريقة معينة تؤدي الى إعادة التوازن والانضباط للحالة النفسية وهي بالطبع ليست حالة مرضية، ويحاول البعض الوصول إلىها عن عمد باستعمال بعض المواد ذات التأثير النفسي العصبي أو من خلال التعرض لمشاهد ومثيرات خاصة ومحاولة التفاعل معها أو من خلال ترتيب الأجواء المناسبة الطبيعية مثل اختيار الزمان والمكان والأشخاص والأشياء المحيطة التي تثير مثل هذه الحالات التوترية الإبداعية"·

 

الأدباء يضطربون نفسيا

 

وقال طاهر إن كثيرا من الأدباء يعيشون الأدب في حياتهم اليومية، وهم يرون ما لا ىُرى ويسمعون ما لا يسمع بسبب حساسيتهم المرهفة كما أنهم يعيشون بكامل طاقاتهم وقدراتهم العاطفية والروحية والفكرية ويتفاعلون مع الحياة من حولهم بعمق وحساسية، وبالتالي فهم يعيشون الحياة حقاً وبشكل أكثر غنى وامتلاء وأبعاداً من حياة الناس العاديين ويمكن لعدد من الاضطربات النفسية أن تصيب الأدباء وغيرهم من المبدعين بنسبة أعلى من الناس العاديين إذا اعتبروا فئة خاصة، ونجد مثل هذا الاختلاف في عدد من المهن الأخرى الصعبة مثل الطب وغير ذلك ومما لا شك فيه أن الأدب ليس جنونا والأدباء ليسوا مرضى نفسيين"·

وأضاف أن الاضطراب النفسي الشديد لا ينتج إبداعا جيدا كما تدل سيرة المبدعين، ثم طرح طاهر علاجا لمعاناة الأديب ورأى أنه يأتي عن طريق الحوار في إدارة المشكلة، وضبط التفكير في الاتجاه السليم، وإعطاء فرصة ومساحة كافيتين من التسامح، وتثبيت الفكرة الإيجابية والتخلص من التفكير السلبي·

 

أحلام وواقع الأديب

 

د· محمد حلاوة قدم في بحثه عن معاناة الأديب تعريفا للأدب وفنون الكلام الجميل "تعبير عن الخبرة البشرية يصوّر العواطف الإنسانية ويرسم صور الحياة ومواقف البشرية على اختلافها من خلال اللغة"، وعن علاقة الأدب بالحياة قال حلاوة إن "بين الأدب والحياة الاجتماعية صلات حميمة، فالأدب وسيلة الإنسان لفهم الحياة ورسم أهدافها والنهوض بها"·

وقال إن المعاناة تأتي "من حيث إن كل شخص يقوم بالعديد من الأدوار الاجتماعية التي تأتي من كونه يقوم بالعديد من الوظائف والمسؤوليات، فهناك الدور المتوقع وهناك الدور المعياري وهناك الدور الوظيفي، ويأتي عجز الفرد عن قيامه بالدور من خلال التعارض بين الدور المتوقع من جانب المشاركين في أداء الدور لمن يمارسه، وكذلك من تعدد الأدوار وأحيانا من غموض الدور وعدم وضوحه، وأخيرا قد يكون من خلال نقص الإمكانات والقدرات المرتبطة بالدور والوفاء بمتطلباته"·

 

رأي في المحاضرة

والحلول غير المطلوبة

 

أمام ما عرضه المحاضران من دراسة نفسية لمعاناة الأديب وما اقتضاه الشرط الأكاديمي من وضع تعريف علمي وتحديد للمشكلة واقتراح لحلول، يبرز سؤال ملح عن حقيقة وجود مشكلة تتطلب البحث والعلاج!

إن اتفقنا أن مادة المبدع معاناته، كحاجة طبيعية ملازمة تجيء بلا افتعال أو تصنع، فإن اختلاق وجود مشكلة والعبث للبحث عن حلول لها، هو اقتراح مهني يكتب على الهامش لا أهمية ولا ضرورة له، بل قد يكون هو الضرر حيث يجتهد المعالج - دون طلب من أحد - الى تقديم وصفاته لقتل القلق، الذي هو بالأساس محرك الإبداع، والداء الكامن في روح المبدع الحقيقي الذي لا يريد منه الشفاء·

طباعة  

وتد
 
قراءة
 
بيان
 
قضية
 
المرصد الثقافي