رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 17 مايو 2006
العدد 1728

فيما هبّ الكويتيون لنصرة وطنهم
الحكومة تزج البلد في أتون أزمة سياسية

 كتب عبدالله النيباري:

تصاعدت أجواء الأزمة السياسية في الكويت بعد أن أعلن ثلاثة من أعضاء مجلس الأمة من كتلة التسعة والعشرين عضوا عزمهم على التقدم باستجواب الى رئيس مجلس الوزراء الذي قد ينتهي الى طرح الثقة أو ما يسمى بعدم التعاون وفقا لنص المادة 102، وقد جاء موقف النواب هذا في اجتماع عقدوه في قاعة اللجنة المالية بعد انسحابهم احتجاجا على الجلسة التي جرى فيها التصويت على طلب إحالة مشروع القانون الذي تقدمت به الحكومة تقليص الدوائر الى عشر الى المحكمة الدستورية، تنفيذا لمخطط إفشال مشروع تقليص الدوائر لإصلاح النظام الحالي (25 دائرة) الذي سبق أن أقرت بفساده، وقد هيأ رئيس مجلس الأمة السيد جاسم الخرافي المسرح لتنفيذ اللعبة المؤامرة حيث منع المواطنين من دخول مجلس الأمة لحضور الجلسة، واستدعى القوات الخاصة التي تعاونت مع حرس المجلس بالتصدي للمواطنين الذين احتشدوا خارج أبواب المجلس حيث تعرض الكثير منهم للاعتداء بالضرب وكادت الأمور تتطور الى ما لا يحمد عقباه·

وقد انسحب من الجلسة النواب 29 المعارضين لمخطط الحكومة· وجري التصويت بموافقة 15 وزيرا (لغياب الدكتور عادل الطبطبائي بسبب السفر) و17 عضوا من نواب الحكومة، وصوت الرئيس الخرافي بالامتناع بعد أن أمن النصاب اللازم لتمرير الموافقة على طلب الإحالة الى المحكمة الدستورية·

وبهذا الإجراء تكون الحكومة بمعاونة رئيس المجلس قد زجت البلاد في أتون أزمة سياسية طاحنة وانقسام البلاد الى مواجهة بين السلطة والشعب· تعيد البلاد الى أجواء تجمعات الاثنين الجماهيرية المطالبة بإعادة الحياة البرلمانية بعد حل مجلس الأمة عام 1986 وقبل غزو نظام صدام للكويت·

وجاء انعقاد جلسة مجلس الأمة يوم الثلاثاء 16/5/2006 بعد رفع جلسة يوم الاثنين 15/5/2006 التي رفعت على أثر انسحاب النواب وانفجار الجماهير الغفيرة في جلسة مجلس الأمة الاثنين 15/5 نتيجة طبيعية للعبة البائسة التي أقدمت عليها السلطة بالتواطؤ مع النواب التابعين لها بتقديم مشروع العشر دوائر وفي الوقت نفسه تشكك في دستوريته بموافقتها على طلب النواب التابعين لها بإحالته الى المحكمة الدستورية، وهو موقف ينضح بقمة التناقض ولا يمكن تفسيره إلا بأنه لعبة عبثية مفضوحة لا يمكن أن تنطلي على أكثر البسطاء سذاجة· فكيف تتقدم الحكومة بمشروع قانون محال الى المجلس بمرسوم قانون ممهور بتوقيع صاحب السمو أمير البلاد، ثم تشكك في دستوريته، ودون أن تتأكد من سلامته وخلوه من أي شبهة دستورية وهي التي من بين وزرائها خبراء في الدستور والقانون ولديها جهاز عرمرم يكلف الدولة الملايين يسمى إدارة الفتوى والتشريع، وكان في استطاعتها الاستعانة بمن تشاء من خبراء قانونيين ودستوريين· بل ما هو مثير للسخرية والسخط في آن واحد هو أن مشروع قانون العشر دوائر سبق أن قدمته الحكومة للمجلس في شهر يونيو 2004، وعملت على إسقاطه في تلك الجلسة عندما وقف رئيس الوزراء مطالبا بتأجيل البت في المشروع بعد أن باشر المجلس التصويت وكاد أن يحسم الأمر بالموافقة، ومنذ ذلك الوقت وموضوع تعديل الدوائر أمام مجلس الوزراء الذي شكل لدراسته اللجنة الوزارية في أكتوبر الماضي برئاسة النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء وعضوية خمسة وزراء وخمسة من خارج المجلس كلهم وزراء سابقون وبينهم نائبان لرئيس الوزراء، وبعد إعادة تشكيل الوزارة برئاسة سمو الشيخ ناصر المحمد أكد ثقة حكومته بتلك اللجنة التي قال بأنها حازت ثقة صاحب السمو الأمير الشيخ صباح وسمو الأمير الراحل وسمو الشيخ سعد، ووعد وتعهد لأعضاء مجلس الأمة الذين قابلوه بأن الحكومة سوف تتبنى ما توصي به اللجنة، وعندما جاءت توصيتها باعتماد الخمس دوائر، وحازت هذه التوصية تأييد 29 نائبا ومساندة القوى الحية في جسم المجتمع الكويتي من جمعيات ومنظمات أهلية وتكتلات وتيارات سياسية وعقلاء أهل الكويت كافة، تنكرت الحكومة لوعودها وتعهداتها ورفضت اقتراح اللجنة وألقته في سلة المهملات وامتنعت عن تقديمه الى مجلس الأمة·

فهل يكون من المستغرب ألا يثور الشعب وهو يشاهد مسلسل التلاعب والعبث بمصيره، والاستهتار بمصالحه وعدم الاكتراث لمشاعره وآرائه، والاستهانة بمواقفه، وهو الشعب الذي تمسك بالشرعية الدستورية في مواجهة جيوش صدام وقدم التضحيات شهداء وأسرى ومعاناة التعذيب في المعتقلات، وتمسك بالمرجعية الدستورية كمخرج لأزمة انتقال السلطة، فكيف لا يثور وهو يرى الجحود لوفائه وصموده في أحلك الظروف؟!·

وهذا المخطط البائس الذي تتمادى السلطة في استمرائه وتصر على الاستمرار في تنفيذه، كل ذلك للإبقاء على نظام الخمس والعشرين دائرة لتتمكن من السيطرة والتحكم في عملية الانتخابات لإنتاج مجلس كسيح، وهي التي قالت عن هذا النظام في بيانها بأنه فاسد وبأنها ليست ضد تعديل الدوائر لتصويب ممارسة المؤسسة البرلمانية وللحد من آثار الطائفية والقبلية وشراء الأصوات والتدخل في الانتخابات·

فأين مشروعها في تعديل هذا النظام فيما هي تقدم الشيء ونقيضه في الوقت نفسه·

وإذا كان هذا سلوك السلطة في معالجة نظام الدوائر الانتخابية الذي أقرت بفساده، فكيف يطمئن الناس على إدارة شؤون حياتهم على أساس العدل والمساواة فيما هي تنحاز إلى قوى الفساد التي خربت مؤسساتنا البرلمانية وعبثت بمكتسباتنا الديمقراطية·

وإذا كان الوزراء من أبناء الأسرة الحاكمة يتصرفون كمأمورين لا يجرؤون على تجاوز خطوط حمر أو أوامر من فوق، وهو ما يفسر ولا يبرر موقفهم في السكوت عن الخطأ، إذا كان هذا موقف أبناء الأسرة فبماذا نفسر موقف الوزراء الشعبيين في خذلانهم للمطالب الشعبية؟! وكيف يرضون لأنفسهم ذلك الموقف البائس المثير للشفقة والسخرية الذي حاصرهم فيه أعضاء مجلس الأمة المنسحبون والجماهير الغفيرة التي انفجرت مشاعرها عندما فاض بها الكيل وهي ترى العبث يمارس أمام ناظرها؟! وكيف يرضون لأنفسهم أن يقفوا الى جانب الأعضاء الذين يعرفون جيدا بأنهم وصلوا الى المجلس بشراء الأصوات والذمم وعبر الخدمات والتدخل في عمل السلطة التنفيذية وإعاقة عمل الجهاز الإداري وهو ما يشتكي منه الوزراء أنفسهم؟!

كيف يرضون لأنفسهم أن يكونوا حلقة في أصابع أحمد الفهد ومحمد شرار، وهم يجأرون للناس بمر الشكوى من تصرفاتهم؟! ألا يشعرون بالمسؤولية وهم يشاركون في قيادة البلد في طريق مظلم إذا لم يؤد الى التأزيم والتوتر والصراع وربما الصدامات الدامية؟! فهو بالتأكيد سيؤدي الى الشلل وجمود الأوضاع وبقاء الكويت غارقة في مستنقع الركود ومؤخرة ركب التقدم في المنطقة·

ألا يؤنبهم ضميرهم وهم يساهمون في زج الكويت في هذا الطريق الوعر في ظروف إقليمية شديدة الاضطراب تحتاج الى أقل ما تحتاجه المحافظة على ما يعزز الاستقرار بالتوافق مع القوى الحية التي تمثل غالبية الشعب وليس الانحياز الى صف قوى الفساد والخراب؟!

جلسة مجلس الأمة الصاخبة أكدت للناس أننا أمام حكومة فاقدة المصداقية بأعضائها الشيوخ والشعبيين قد تعمقت الفجوة بينهم وبين الشعب·

وزراء همهم التمسك بالكراسي التي أصبحت عندهم أغلى من خدمة الشعب الذي يدعون إصلاح أحواله·

أمام هذا الوضع لم يعد أمام الناس إلا الاعتماد على أنفسهم من خلال التلاحم الذي يعكس اليوم تواصل الأجيال وانخراط فئات الشباب فتيانا وفتيات في الدفاع عن مصالحهم وبناء مستقبلهم·

طباعة  

الشباب يغيرون المعادلة السياسية.. ويدخلون معارك الإصلاح
 
بعد أن قبلت بدور "الكمبارس"
حكومة ناصر المحمد تدار بالريموت كونترول

 
رئيس مجلس الأمة يختار مصلحته
 
جابر المبارك يلغي الهجانة
 
الوزراء الشعبيون بين الإصلاح الجزئي والموقف التاريخي
 
بخلاف ما جاء في توصية لجنة النظر في تجاوزات جمعية صباح الناصر التعاونية
وزير الشؤون يكتفي ببند الإحالة الى النيابة دون إيقاف المجلس الحالي

 
58 عاما على النكبة:
ذكرى أم واقع راهن متواصل؟

 
أحمد الفهد
 
فئات خاصة
 
اتجاهات