فكّاك النِشَب!
"فكّاك النِشَب" وصف باللهجة البدوية للرجل الذي يُلجأ إليه لحل المشاكل الصعبة، فيستعان به لخبرته أو حنكته أو حتى مهارته في حبْك الألاعيب، وأحيانا يتطوع من نفسه للدخول بين الأطراف بعد أن تمرس في اقتراح الحلول للمشاكل كأفضل هواياته·
"فكّاك النشب" هذا، بدأ يتعمم نموذجه في بلادنا، وبدأ يأخذ حيزا أكبر ويتوسع في مواصفاته وفي ادعاء مهارات لا يملكها، فتراه معك في العمل، ينتدب نفسه عند المدير الغائص في المشاكل ليقترح له 25 حلا للمشكلة الواحدة!
وتراه بين الأصدقاء يتطوع لحل الخلافات فيما بينهم، والتي قد "يعميها" أحيانا ويذكي نارها دون قصد منه!
"فكاك النشب" يهمه أن يراه الناس بصورة المنقذ وينتظره أهله في مصيبتهم، فتتعطل الصداقات والمودات والمشاريع والأعمال·· والدنيا الى أن يتعطف بطّلته وصوته وهيلمانه!
فكاك النشب ابن عم متيح شراي الطلايب، لكن لا تربطهما مودة، بل غيرة وإن كان الأخير أنانيا يعمل لنفسه ويتصف بالخبال، أما الأول فهو منذور للغير وأذكى قليلا من ابن عمه·
وفكاك النشب، أخيرا، قد يكون وزيرا تتعطل الحكومة بغيابه، وتتصل به لإنقاذها من مصيبة شعبية، أو برلمانية، أو قانونية، أو رياضية·· فكل الحلول في جيبه الأمامي، وكل المصائب هو خبيرها!
اعتزازه بقدراته يمنعه من توسيع دوائر "الفكاكين" الآخرين في الحكومة، لذلك هو يحارب أي وزير قد يقترح أو يتطوع بحل أو ينوي أن يفكّ·· أي شيء!
تعلو مكانة فكاك النشب كلما ازدادت حيرة مسؤوله وقلّت إمكانياته، وتورط أكثر·
أحيانا، يتمنى أن يوقف الناس في الشارع ويعطّل ماكينة كل شخص يفكر، فعدوه اللدود أن يتدرب الناس والمسؤولون الكبار على التفكير، لأنه هنا سينتفي دوره ويخفت وهجه وتبهت صورته اللامعة كبطل ومنقذ·
تلفّتْ حولك·· كم فكّاك نشب في وزارتك؟ وإدارتك؟
أما في حكومتنا فهو واحد لا يقبل شريكا!
* * *
حكومة كانت تنوي إغلاق البقالات في المناطق السكنية·· فترددت وعادت البقالات بقانون!
حكومة كانت تنوي إحالة من أكمل سنته الثلاثين في عمله الوزاري·· فترددت وخضعت للتمديد!
حكومة عشمتنا بإصلاح الدوائر·· فأحبطت أغلبية الشعب!
هي حكومة لا ننتظر سوى استقالتها·
بو سلطان
